ريبر يوسف يعبر الحقل حَجِلاً / قراءة وترجمة
2009-03-25
عن دار الطليعة الجديدة بدمشق، وبموافقة وزارة الإعلام في سوريا (في بادرة هي الأولى من نوعها حسب درايتي) صدرت مجموعة شعرية (باللغة الكردية) للشاعر ريبر يوسف بعنوان "حَجِلاً أعبرُ الحقل". جاءت المجموعة في 78 صفحة من القطع الصغير، متضمنةً قصائد قصيرة /نثر، وهي مبوّبة زُوميّاً (Zooom) كأنّ الشاعر يشي لنا بأنّ للبصيرة عيناً مدرّجةً، لا يسعها استكناه القصيدة إلا بمقدار. القصائد، جلّها، موسومةٌ بالذاتية / اللا أنانيّة والتي تتواشج مع الوعي الجمعيّ عبْر اللحظةِ / المكيدةِ وفق زمنٍ تعاقبيّ مرّاتٍ وتداخليٍّ مرّاتٍ أخرى، بلغةٍ أقرب إلى الدارجة منها إلى الفصحى.
الشاعر يستخفف أحمالَه، مُكابراً في وجعه، فيما يعبر الحقلَ / الحياةَ. العنوان (كما هو مبيّن على غلاف المجموعة) منثورٌ في مفرداته؛ وكأنّ في عبوره هذا ما يُشظّي روحَه حماماتٍ. وإذ نشاهد الحرف(x) في مفردة الحقل (Bexçe) مكتوباً بالشكل الكبير نستشفّ ما يعانيه الحقلُ من تكالبٍ عليه. المكانُ / الحاملُ ينوء ينوء بِمَحاميله فيما يستأنس إليها الشاعر مُريقاً ذاكرتَه كَبْشاً للغياب / الوثَنِ. كثيراً ما يُوفَّق الشاعر ـ دون الجنوح عن الشعرية ـ في عقد مهادنةٍ بين الدوال والمدلولات:
Tu tiştên biçûk di dûrbînê re
nabînî,
dengên ku tên te
ew Yên kesên li tenişt te ne,
ne li pişt sînorin. (ص 50 )
"الأشياءُ الدقيقةُ
لا تتراءى لكَ عبر المنظار.
ثمة أصواتٌ
تسمعها،
إنها تخصُّ مُجاوِريكَ
وليس مَن هم خلف الحدود".
بشجاعة الخائف يطيحُ الشاعرُ، في بناه الشعرية، بقاعدة التشبيه إلى حدّ كبير جدّاً ـ القاعدة التي هي في مقام الحجر الأساس للبِنية الشعرية على مرّ الأزمنة، منعطِفاً عليها في مواضع قليلةٍ تأكيداً منه على إخلاله (الواعي) بالقاعدة:
Di tirênê de
hemû alî li bin guhê hev dikevin
tu dibê qey ew çûkê
ji pişt wê keçikê firiyayî
tiştek ji bîra te bir. (ص23 )
"داخل القطارِ
الجهاتُ جميعُها في تصادم.
كأنّه أنساكَ شيئاً ما ـ
العصفورُ الذي رفرف عن ظهر
الفتاة تلك".
الشاعر ينأى بنا عن المألوف والمتوارث من الشعر الكرديّ عموماً (بموزونه ونثره) إلى حيث الجماليُّ فضيلةٌ مشتبهٌ فيها، والواقعيُّ منحسِرٌ عن خيالٍ تحاوله ـ فيما يعلو ـ يدٌ خفيّةٌ.. يصافحها الشاعر بدهاءِ طفلٍ:
Têm ku di odeyê de
ji te re mikur bêm
bi hezkirinê
- hezkirina min ji te re-
ne ya odeyê ji tişt miştê wê re,
û zikê min dike xurxur..
ditirsim tu bibihîzî.
Ma wê çi bibe
ku ya mirov jê hez dike
dengê tirra wî bibihîze?(ص69 )
"في الغرفة
أكاد أعترف لكِ بالحبّ ـ حبّي،
لا حُبِّ الغرفةِ لأشيائها..
وبطني يقرقِرُ، أخشى سمعَكِ؛
ماذا في الأمر
لو تناهت إلى سمع الحبيبة
إفاخةٌ من الحبيب؟".
وقد افتتح الشاعر بعضاً من قصائده بمقطوعات موسيقية (منوَّطة) عائداً بالجمال إلى سِيَره الأولى حيث وحدها الطبيعة كانت تجيد الأصوات، وهي محاولةٌ (تخصّه) في شِعرنةِ الموسيقا، ومَوْسَقةِ القصيدة كونشيرتويّاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*العنوان الأصلي للمجموعة "Li ser nigekî bexçe derbas dikim"
08-أيار-2021
12-نيسان-2014 | |
02-آذار-2014 | |
08-حزيران-2009 | |
25-آذار-2009 | |
29-تشرين الثاني-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |