Alef Logo
دراسات
              

من قال أنك قد هُزمت؟

محمد محمود صارم

خاص ألف

2012-12-30

كتبت هذه المقالة قبل حوالي الثلاث سنوات ولم يطّلع عليها في ذلك الحين إلا قلّة من أصدقائي المقربين، كنت في تلك الفترة منقطعاً عن كتابة الشعر أنهي عامي الأول كمغترب بعيد عن أرض الوطن علماً أنني كغيري من الكثير من السوريين كنت أشعر بالغربة فيه أكثر من أي مكان آخر، ولم يكن ذلك لفقر مادي لحسن الحظ وإنما لافتقار ما يجعل الأوطان أوطاناً وما يجعل الإنسان يعيش فيها إنسانيته ويتجرّأ على تنفس أوكسجين الحياة.
وجبت الإشارة إلى تاريخ كتابة هذه السطور والتأكيد على أنها كُتبت قبل هبوب رياح التغيير على دول الربيع العربي لأنه لا معنى لقراءتها اليوم دون ربط محتواها بالوضع الجديد الذي فرضته الثورات العربية التحررية في المجتمعات التي تتناولها المقالة بالدراسة والنقد. المقالة تطرح سؤال فيما إذا كان الشباب العربي مهزوماً، والإجابة التي تقترحها هي أن معركة الشباب العربي لم تبدأ بعد، والأصح أنها لم تكن قد بدأت منذ ثلاث سنوات، ولكنها بدأت بعد ذلك بقليل وشهدت ساحاتها نضالات مشرفة وتضحيات غير مسبوقة وأخطاء أيضاً وهي مازالت مستمرة بكل انتصاراتها وانكساراتها وبكل ما يجري على هوامشها من حراك على كافة الصعد، حراك أخرجنا جميعنا عن صمتنا وأعاد النضارة إلى وجه الشباب العربي وملأ أفقه بالأماني الزرقاء، وهو وإن كان محفوفاً بالمخاطر فلا بد منه ولا بد من خوض المعركة، وكم طال انتظارها!
أستغل الفرصة كذلك، وحتى لا يفسر هجومي على ثقافة المقاومة بشكل خاطئ، لتوضيح موقفي من القضية الفلسطينية التي اتخذتها مثالاً في طرحي لسلبية المواقف العربية مؤكداً تحيزي للشعب الفلسطيني في كل ما يعانيه من إجرام سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومن إجرام الكثير من الأنظمة العربية أيضاً، وليست أحداث مخيم اليرموك وغيرها الكثير إلا شاهداً على ذلك، أما الإرهاب المنظم الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني فلا يحتاج إلى سوق الأمثلة.
لا بد لي ختاماً أن أشكر صديقي الشاعر أحمد بغدادي وأسرة مجلة ألف لفردهم هذه المساحة الحرة ولجهودهم في دعم الأقلام الشابة والنهوض بالثقافة والكتابات التي تحمل الهم الثقافي.

***
هزيمة، إحباط، يأس، دوران في حلقة مفرغة...إلخ، تعابير ومفردات وغيرها كثير توصّف حالة الفشل العربي المزمن. الأجيال العربية المتعاقبة تتجرع مرارة الهزيمة منذ حزيران 1967، ولكن، هل الشباب العربي اليوم مهزومٌ حقاً ؟
مما لا شك فيه أنه يشعر بذلك، ثمة كثيرٌ من المرارة، كثير من الإحباط وكثير من الإحساس بالنقص تجاه الأمم الأخرى الأوفر حظاً يبدو تارة في تمجيد هذه الأمم وطوراً في لعنها، ولكن، عند الحديث عن الشباب العربي فإنه لا معنى للحديث عن النصر والهزيمة، لأن معركته لم تبدأ بعدُ، لقد زج به في معارك جماعية لا تعنيه، فما ذنبه هو إن هزمت الجماعة؟ عند الحديث عن الشباب العربي ينبغي الحديث عن التثبيط، عن القهر، عن الإخضاع.
لقد كانت مدارسنا ولم تزل قبوراً لمواهبنا الفطرية، وكانت بيوتنا تقدم لنا كل شيء إلا الطمأنينة، وقد أورثنا آباؤنا عقدهم النفسية وعقد أبائهم وآباء آبائهم، لم يسألنا أحدٌ يوماً ماذا تحب؟، ماذا تريد؟ قيل لنا دائماً يجب عليك فعل كذا وكذا، فهل اخترنا شيئاً أم اختير لنا وهل خططنا أم خُطط لنا؟ وهل هناك معركة بلا اختيار وتخطيط؟
إن التربية التي تلقيناها في البيوت والمدارس بدّلت دوافعنا الأصلية بدوافع مزوّرة، لقد حرفتنا عن جادة الصواب، عجزت عن مساعدتنا على اكتشاف الفضيلة في ذواتنا ففرضت علينا أخلاقيات الجماعة فرضاً، من قال أن الأخلاق صحيحة بشكل مطلق؟ حتى المافيا لديها أخلاقياتها فهل لذلك علاقة بالفضيلة؟ لا معنى لفعل الخير على سبيل الواجب، الخير يجب أن ينبع من ذواتنا بدافع حبنا لفعله وبإرادتنا الحرة، هكذا يفعل السادة الأحرار أما فعل الخير بدافع الواجب فهو قهر للذات وهو ما يفعله العبيد والجبناء والخائفون وهو فعل هدّام ومدمّر على المدى البعيد.
لطالما أعجبت واستشهدت بقول أحمد شوقي: إن الحياة عقيدةٌ وجهادُ، ولكني اليوم أتساءل: أيّ عقيدة، عقيدة الجماعة؟ عقيدة الآباء والأجداد؟ الدين؟ العروبة؟ أم أنها المثل والمبادئ التي يتوصل إليها الإنسان بمفرده؟ وأي جهاد، جهادنا في سبيل بناء المجتمع الاشتركي أو المسلم أم جهادنا في سبيل بناء الذات؟ جهادنا في سبيل تغيير مجتمعاتنا أو ذواتنا أم جهادنا في سبيل اكتشاف الذات؟
لقد تعلمنا أن نكره قبل أن نعيش الحب، وكانت ملذاتنا نوعاً من التنفيس لا ممارسةً لما نحب، فكيف نلام على ما نحن عليه؟ نحن لم نختر أن نكون كذلك.
قيل لنا: فلسطين قضية العرب الأولى، والحقيقة أنني رضعت هذه القضية مع حليب الأم، ككل أبناء جيلي والأجيال السابقة، وإنني حتى هذه اللحظة، وسأبقى إلى الأبد متعاطفاً مع القضية الفلسطينية ومؤمناً بعدالتها، ولكنني بدأت أعي شيئاً فشيئاً أن قضية فلسطين أو غيرها من القضايا العادلة في العالم (وما أكثرها) لا يمكن أن تكون قضيتي الأولى، إن في ذلك الكثير من الإجحاف والكثير من إنكار الذات وقهرها، إن قضية الإنسان ينبغي أن تكون ذاته وليس العائلة أو العشيرة أو الوطن أو الدين وهدفه هو تحرير ذاته وليس تحرير أي شيء آخر مهما كان عزيزاً، وإني لا أرى في ذلك نوعاً من الأنانية، إذ أن الإنسان إذا استطاع إخراج المارد الكامن في نفسه، محققاً بذلك ذاته ومحرراً إياها من كل القيود استطاع عند إذٍ أن يكون فعالاً بشكل إيجابي ليس تجاه أهله وناسه فقط وإنما تجاه العالم كله، عندها فقط سيلاقي عمله الخيّر الأعمال الخيرة لأمثاله من الأحرار في كل مكان وسيجني الناس أينما كانوا ثمار جهده وسيكون جهاده ذا معنى وقيمة لأنه نابعٌ من حاجاته الأساسية، من غرائزه الكامنة في ذاته ومن الفضيلة التي اكتشفها هو ذاته لا التي فرضها عليه المجتمع.
وإنني لا أسوق هنا مثال القضية الفلسطينية إنكاراً لها وإنما إخلاصاً مني لكلّ الذين قُتلوا وشُرّدوا و كذلك لكل الذين حكم عليهم بالولادة أوالعيش على أراضي فلسطين أو الهجرة والتهجير إليها، بل وحتى للذين ولدوا أو عاشوا قريباً من هذه البقعة من العالم التي تحمل من الأحقاد والأحزان ما لا يطيق العالم كله حمله، تلك الأحقاد والأحزان المتوارثة، تلك الدوافع السلبية الجديرة بتحويل شعوب بأكملها إلى قتلة أو مشاريع قتلة.
إننا لنحزن على الأبرياء، على كل الأبرياء، حين يُقتلون بدم بارد، ونحزن أكثر وأكثر حين يُقتل الإنسان بيد أخيه الإنسان، وعلينا أن ندرك هنا أن من يسكنون دولة إسرائيل هم إخوتنا، عرباً وعبريين، مسلمين كانوا أم دروز أم يهود أم مسيحيين، كلهم إخوتنا شئنا ذلك أم أبينا وشاء الآخرون أم أبوا، وإني لا أقول ذلك على سبيل المثاليات، فكوننا جميعاً إخوة ليس حلماً رومانسياً ولا كابوساً وإنما هو حقيقة، هو واقع يفرضه علم الأحياء، إننا جميعاً ننتمي إلى نوع حيوانيّ واحد هو الإنسان، ليس بيننا أسودٌ ولا خنازير ولا حتى ملائكة أو شياطين، الإسرائيلي الذي يقتل فلسطينياً إنسان، والفلسطيني الذي يقتل إسرائيلياً أو حتى فلسطيناً آخر هو إنسانٌ كذلك، يجب أن نعي ذلك جيداً، كما يجب أن يعي طرفا النزاع الأساسيين هذه البديهية كمدخل منطقي للسلام، ولكن لا يبدو أنهما يريدان ذلك، أو ربما لا يراد لهما ذلك، إذ إن الصراع الدموي الدائر هناك وفي أمكنة أخرى من العالم هو بلا شك مولّدٌ للموت والدمار، ولكنه أيضاً مولّدٌ للزعامات والمصالح، للنفوذ وللسيطرة، وهو المناخ الملائم الذي تعبّر فيه العقد النفسية التي تحكم هذا العالم عن نفسها.
كل مكروه في هذا العالم يقابله شيئ آخر محبوب، إن خطورة ما يجري لنا تكمن في أننا تركنا يد الحب الذي كان دائماً وراء الأفعال البناّءة في الحياة وأمسكنا يد الكره ليقودنا حيث يشاء، إن قوى كحزب الله وحماس تلعب على هذا الوتر لتهييج مشاعر الشارع العربي كما فعلت القوى التقدمية قبلها وما تزال؛ حقدنا على غيرنا يوحدنا ضده، إن هذا "الغير" كان موجوداً دائماً، وفي المثل الشعبي نقول: أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب! إن الأمة التي تسود فيها ثقافة القطيع لن تعجز عن إيجاد العدو، فطالما أن هناك الأقرب فإنه سيوجد الأبعد، الآخر، المختلف، الغريب : العدو. وإذا عدنا إلى هذه القوى الدينية التي ترفع لواء المقاومة والتي ترسّخ ثقافة القطيع في مجتمعاتنا وجدناها تسعى دائماً للتركيز على العداء بيننا وبين "العدو الصهيوني"، هذا العداء المبرر لجهة الظلم الذي تعرض له الإنسان الفلسطيني منذ مشاريع الاستيطان الأولى المرتبطة بالنفوذ الاستعماري وحتى يومنا هذا، إلا أن هذا العداء بدأ يأخذ صفة العداء الأزلي يوم أخذ الصراع الطابع الديني، وأصبح عداؤنا موجهاً ضد كل ما هو إسرائيلي أو يهودي بما في ذلك الإنسان نفسه، الأمر الذي يظهر أيضاً في الطرف الآخر حيث العداء الأزلي لكل ما هو عربي أو إسلامي، هذا العداء الذي يستند إلى الطروحات والنبوءات الدينية المتطرفة والتي تتبلور بشكل أساسي حول ظهور مهديّنا (بنسختيه الشيعية والسنية) ومسيحهم (بنسختيه المسيحية واليهودية) وما يرافق هذا الظهور الدموي من إحلال للسلام (!) من خلال تطهير الأرض من الآخر، المفسد في الأرض: أليس هو الغريبُ ذاته؟ أليس هذا التصور الجهنّمي لنهاية الصراع هو ذروة التفكير المريض للقطيع الذي ينتظر الحلول الماورائية الغيبية بسبب تغييبه عن ذاته، عن الإنسان؟ ينبغي ألا يبعدنا قربنا من الله عن الإنسان، عن ذواتنا، وحده الإنسان الحر هو من يملك مفاتيح الفردوس، الإنسان الذي يعيش كما هو لا كما تريد له الجماعة أن يكون، إن "الموديل" الذي يُفرضُ علينا أن نكونهُ يقهرُنا، هكذا يتم ترويضنا وإدخالنا في القطيع، ولهذا الغرض رُسّخت صورة الشاب المقاوم الذي لا همّ له في هذه الحياة إلا الموت، الموت في سبيل إله مزوّر، وهل هناك إله يخلق الناس ليموتوا؟ إننا موجودون في هذا العالم لنعيش لا لنموت، علينا أن نحتفل بكل نفَس يخرج منا ويعود إلينا وهو سالمٌ ونحن سالمونَ، أحياءُ و أقوياء؛ علينا أن نكرّس نفسنا للحياة لا للموت، إن الموقف السليم الذي يجب أن نأخذه من عمليات الإبادة والتهجير التي تحصل في فلسطين وفي أماكن أخرى من العالم هو ليس المقاومة، ليس رد الفعل، وإنما الفعل، فالفعل هو السلوك الإيجابي، وهو المبادرة الخيّرة والإقبال على الحياة.
ماذا فعل الإنسان العربي منذ نكبة فلسطين؟ إنه حقيقةً لا يفعل شيئاً وإنما يقوم بردود الأفعال؛ إننا نمارس كل شيء بسلبية، حتى الأفعال الخيرة نمارسها بدافع سلبي (الخوف من عقاب الله) فهل هذا فعلٌ للخير أم ردة فعلٍ تجاه الخوف؟ إن شبابنا يدرسون ويتعلمون لا بدافع حب المعرفة وتحقيق الذات من خلال تعلّم وممارسة مايحبون استجابة لميولهم الطبيعية وإنما بدافع الواجب أو التباهي أو الرغبة في استلام المناصب، أي أنهم يجتهدون ليكونوا "الموديل"، النموذج المرسخ اجتماعياً بدل أن يكونوا ذواتهم، إنهم يجدون نفسهم مضطرين لدخول المدارس والجامعات اضطراراً وهذا يمثل ذروة فشل نظم التربية والتعليم في بلداننا وهو إذلالٌ للإنسان لا ارتقاء به، وهو انتقاصٌ من قدر المعرفة لا إعلاء لشأنها؛ إن الإنسان العربي يمارس الجنس بدافع الكبت لا بدافع الحب، هل هناك سلبية أكثر من هذا؟ إلى أين يمكن أن تصل أمة من المكبوتين السلبيين الجبناء؟ أنى لنا أن نبني أوطاننا وأن نزدهر بلا فعل، بلا إقدام، بلا دوافع إيجابية بنّاءة؟ كيف يمكن الحديث عن الكرامة العربية ونحن نعيش الذل في ظل مثلث القهر العربي: الدولة والدين والمجتمع؟ ما معنى أن يكون الوطن عزيزاً إذا كان مواطنوه أذلاء؟ وكيف يمكن لأمة من المحبطين أن تحقق نجاحاً يذكر في أي مجال؟ هل حقق أحمد زويل نجاحه في مصر أم في الولايات المتحدة، حيث تجار الموت يحكمون العالم ،نعم ولكن حيث الحرية أيضاً؟
إنني لا أدعو إلى ثورة ولست ضد مفاهيم الدولة أو الدين أوالمجتمع، ولكن من المفترض أن تكون هذه المفاهيم إنسانية، أي أنها يجب أن تكون مع الإنسان لا ضده، فإذا كانت في العالم العربي، (بل وفي العالم كله أحياناً) توظّف كأسلحة مشهرة في وجه الإنسان، فإن ذلك يعني أنه ينبغي التعامل مع هذه المفاهيم وتناولها بطريقة مختلفة.
دع الإيجابي يلهمك، دع ما تحب يلهمك، عندها ستصنع شيئاً جميلاً، عندها ستكون بناءً لا هداماً، حضارياً لا همجياً، وعندها ستجد إخوةً لك في كل مكان وليس فقط في مجال انتمائك الديني أو القومي الضيّق.
كن ما شئت، مسلماً، مسيحياً، عربياً، كردياً، فلسطينياً، دمشقياً، آسيوياً أو إفريقياً ولكن عليك أن تكون نفسك قبل كل شيء، ثمة من يشيئنا باستخدام المسميات السابقة ويحمّلنا بقضايا جمعية، قضايا قطعان، بدل قضيتنا الأصلية، قضية الإنسان، إنك حتى تحسب من الأحياء في هذه الدنيا، عليك أن تعيش إنساناً، إذ أن الأشياء توجدُ، ولكنها لا تعيش.
إن المعركة ليست جماعية، إنها محصلة معارك فردية يواجه فيها كل منا مخاوفه وهواجسه عابراً درب أسئلته الشائكة إلى معرفة ذاته ومجاهداً لتحقيقها، يحفزه على القيام بذلك كله كل إيجابي ونبيل. والعدو في هذه المعركة ليس شخصاً بعينه أو جماعة ً بعينها ولا تحدده الانتماءات الدينية أو القومية، إن ما تجب مناهضته ومناصبته العداء هو كل الأفكار والمفاهيم التي تمثل عقبات في وجه وصول الفرد إلى ما ذكرناه، يجب مكافحة كل ما يوقف عجلة النمو والارتقاء الإنساني أو يثبّطها بما في ذلك التعصب الديني اليهودي أو المسيحي أو الإسلامي والعنصرية الصهيونية و التعصب القومي العربي.
بالعودة إلى القضية الفلسطينية، لا بد من التأكيد ختاماً على أنه قبل التفكير بتحرير فلسطين لا بد من القيام بتحرير الإنسان، لا بد من إعادة النظر بالطريقة التي ينشأ بها الشباب العربي، يجب توجيه طاقته في المسار الصحيح، مسار الحياة. قبل أن نلوم العالم كله على ما يجري في فلسطين وفي العراق علينا أن نلوم الحكومات العربية على تقصيرها في تنمية أوطاننا، علينا أن نلوم مجتمعاتنا على قهرها لنا، قبل أن نطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها دعونا نطالب الأنظمة العربية بتقديم جردة حساب عما فعلته منذ أكثر من نصف قرن حتى الآن، ما علاقة إسرائيل بالتخلف الذي نعيشه؟ هل إسرائيل توحي للحكومات العربية بسرقة الثروات؟ هل هي من تصر على إستمرار نظم التعليم التلقيني المهترئة بإنتاج المزيد من المعقدين نفسياً، إن الطالب العربي يُلقن مفاهيم الحزب الواحد والقائد الملهم قبل أن يعرف ما هي السياسية ودون أن يسمح له بممارستها بعد ذلك، هل يجرؤ أحد وزراء التربية أو التعليم العرب على مقارنة الاعتناء الذي يلاقيه الطالب الإسرائيلي بالظروف المزرية التي يعيشها الطالب العربي؟ هل إسرائيل هي التي فرضت حالة الطوارئ التي تعيشها المجتمعات العربية، هي التي ألّهت حكامنا وجعلتهم قادة أبديين؟ قبل أن نتساءل عن الضمير العالمي دعونا نتساءل عن الإبداع في العالم العربي والمسلم، عن حجم إسهامنا اليوم في الحضارة الإنسانية، دعونا نبحث عن الحواجز التي توضع في وجه الفكر والإبداع، هل التشدد الديني حالة وليدة في المجتمع المسلم أم أن لها جذورها في تاريخنا؟ إلى متى سيستمر تخدير الشعوب بالشعارات الطنانة وتثبيطها بالمخاوف الدينية؟ قبل أن نبكي على ضحايا المجازر الإسرائيلية، قبل أن نشفق عل الضعفاء؛ دعونا نساهم في بناء جيل من الأقوياء، الأحرار الأصحاء نفسياً وعقلياً. قبل أن نلعن الظلام دعونا نشعل شمعة !




تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

حوارات

06-حزيران-2013

ما بينَ نهرَيك فلتخضرَّ أغنيتي

31-آذار-2013

وإنْ تنكرِ الرّاوي فَمُتْ بالوَقائعِ !

18-كانون الثاني-2013

من قال أنك قد هُزمت؟

30-كانون الأول-2012

عارٌ على العيش أن نحيا وفي دمنا طبعُ الجناة !

28-كانون الأول-2012

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow