الإعجاب الهائل والدعاية الهائلة التي حصل عليهما همنغواي لم تخدع همنغواي نفسه , فالرجل يمكن أن يخدع كثيرا من الناس لكن الأحمق وحده من يصدق خديعة نفسه , ولا يقيم نفسه التقييم الصحيح ,وهمنغواي لم يكن احمق ابدا, وعلى اية حال, فهمنغواي لم يحصل على نوبل لأنه كتب " الصخب والعنف " كما فعل فوكنر,بل حصل عليها لأنه كان النموذج الذي تريد اميريكا تعميمه عن الأميركي النموذجي, وما جوهر الشخصية الذي تريد تعميمه إلا الفحل "جون واين" وما معادل الفحل جون واين أدبيا إلا الفحل المغامر همنغواي الذي كتب الشيخ والبحر والتي لم تكن إلا تحديثا لرواية أميريكية انقضى قرن على نشرها ألا وهي موبي ديك لهيرمان ملفيل التي صدرت للمرة الأولى سنة 1851م ,
ينظر الــجميع إلى التحركات الأخيرة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغرب مع بعض الدول العربية، على أنها جاءت في وقت متأخر بعد أن وعد ــ أوباما العالم بمحاسبة النظام السوري إذا ما استخدم السلاح الكيماوي وسماها بالخطوط الحمر، وهنا يصب هذا السؤال الاستنكاري إلى جواب واضح كما ذكرنا، هو استنزاف البلد وإهلاكه على يد الآلة العسكرية الأسدية التي يقابلها الجيش الحر بمعدات خفيفة إلا أنّه في الآونة الأخير تمكّن الجيش الحر من تطوير أسلحته ضمن خبرات محلية، كما استطاع أن يحصل على السلاح النوعي
لم يخطر ببال القائمين على رأس الإعلام السوري أنهم وبنشرهم خطب الأسد الأب، وصور الأبيض والأسود، ومعالجات الأسد الأب لموضوع التيارات الدينية، أنهم يعلنون صراحة بأن رئيسهم الحالي -الأسد الابن- لا يمتلك حتى جملة واحدة من شأنها “إثارة الحماس”، أو “تهييج الرأي العام”. لقد أعلن الإعلام الرسمي والموالي، في سورية، من حيث يدري أو لا يدري، أن رئيس الدولة لا يمتلك أي جاذبية في الحضور والتأثير بالناس. فانصرفوا الى أبيه الراحل، وبدا الرئيس الحالي مجرد مانح للأوامر الرئاسية، أمّا جاذبية النظام، فهي مستمدة من الغائب، الذي امتلك سحرًا مضاعفًا بسبب عجز الابن،
ثمة وصفٌ لا ينسى عن الانسان وهو يتوجه إلى القتال في رواية "الأخوة الأعداء" للكاتب اليوناني نيكوس كزنتزاكي صاحب "زوربا" و"القديس فرنسيس الإيزيسي" و"المسيح يصلب من جديد" وروايات أخرى. إنه الانسان الذي يتحول رويداً رويداً إلى وحش كاسر يدمّر كل ما يجده أمامه, في صورة المتحوّل الذي تلتصق صورته في الأذهان كما رسمته لنا عدة أفلام على شاكلة "الرجل الذئب" وكيف يبدأ ظهور الشعر والأنياب والمخالب لديه. فما أن يدخل الانسان إلى معركة حتى يعود إلى أصله الحيواني الذي تحدّث عنه "المغفور له بإذن الله"
يلوح لنا أنّ الرؤية المقترحة هنا من قبل تودوروف بالغة الأهمية، لكن يجدر بسطها ربّما من وجهات متعدّدة و توضيحها في مواضع أخرى.
الرغبة في دراسة الأدب ‘ علميا ‘ مرتبطة بإجلال العلم و الوضعية اللذين هيمنا في القرن العشرين و جاءا إلى الأدب على الأرجح ( في جزء منهما على الأقل ) لمطابقة النموذج الإبستيمولوجي لللسانيات مع نموذج التحليل الأدبي. لنذكّرْ بأنّ اللسانيات في هذه المرحلة كانت هي العلم القائد لمجمل العلوم الإنسانية
أمّا شخصيته الساحرة وحضوره القوي وجاذبيته الكبيرة فسبّبت له عداوة مع عدد من الكتّاب والمثقفين الذين كانوا يغبطونه، ويُقال إنّ سارتر كان واحداً منهم. وجاءت نوبل، بعد خلافه مع سارتر، لتُضيف إلى لائحة خصوماته خصوماً جدداً. وهذه العزلة القسرية التي عاشها في آخر حياته داخل الوسط الثقافي الباريسي أثرّت كثيراً في معنوياته، إلاّ أنّ صداقته مع الشاعر رينيه شار كانت واحدة من أهمّ علاقاته الإنسانية القوية. ولا ندري إن كان الاهتمام الفرنسي الكبير بكامو وأدبه منذ لحظة وفاته المفاجئة عام 1960 وحتى الآن هو نوع من جلد الذات أم أنّه ردّ الجميل لكاتب تجرّع ظلم الزملاء وقـسوتـهم طوال سنوات.
الحال أن كل هذا التلاؤم، الجوّاني والبرّاني - لكي نستخدم تعبيرين فلسفيين - جعل من عمل داريوس ميلو هذا، عملاً استثنائياً يجمع بين حداثة القرن العشرين، واحتفالية الأعمال الكلاسيكية الكبرى... تلك الاحتفالية التي كشفت عن قدرة الموسيقي الفرنسي على رسم صورة موسيقية، ليس للأحداث الكبيرة فقط، بل للعواطف الداخلية، ناهيك بتصويره الصاخب للصراعات الداخلية والخارجية، التي اذ يستعيد كريستوف كولومبوس، وهو على فراش الموت، مجرياتها وتأثيرها في حياة البشر وحياة الروح، تنعكس عليه أشجاناً...
احتل الرومان اللاتين سورية, ولكنهم أدخلوا إلى سورية الملاعب, والمجالد التي كان العبيد يتجالدون فيها حتى الموت مع الوحوش, وفيما بعد وضعوا مكان العبيد "المسيحيين" الرافضين لعبادة الامبراطور. وبنى الرومان أقنية الري, وبنوا الطريق العظيم "الستراتوم" طريق العربات المبلط الواصل ما بين بصرى في جبل حوران وبين روما في إيطاليا المعاصرة,........ وغابت روما لترثها بيزنطه, وغابت بارثيا "فارس" لترثها ساسان, ولترث مع ميراثها شهوتها لاستكمال امبراطوريتها, وما استكمال الامبراطورية إلا في احتلال سورية, والوصول إلى البحر المتوسط !!!
وكانت تلك المغامرة كذلك فاتحة سلسلة طويلة عريضة من مغامرات يرويها لنا في كتابه، وتضعه في أحيان كثيرة في موضع الخطر، كما في موضع لوم المجتمع، لكن كازانوفا إذ يروي هذا كله، لا يشوب روايته له أي مرارة، بل يرويه بسعادة ومرح كأن سعادة حياته كلها إنما صنعت من مثل هذه الأمور. أو كأنه يريد أن يؤكد ان ذلك كله قد أعطاه حريته... وأن تلك الحرية التي استقاها من الحدود القصوى للمغامرة، كانت هي ما مكنه من أن يتعامل مع المجتمع نفسه بحرية وأن ينظر اليه، دائماً، بتهكم وسخرية.
المتحمسون للضربة الأمريكية ـ ولستُ شخصياً في عدادهم، بل أعلن صراحة أنني على الطرف النقيض ـ ينقسمون إلى أصناف، بالطبع: بينهم المفرط في التفاؤل، إلى درجة الوثوق بأنّ النظام ساقط بسببها، أو بعدها، لا محالة؛ وبينهم الواقعي، المتفائل بدوره، الآمل في أن تتسبب الضربة بخلخلة ما تبقى من تماسك في صفّ النظام، وبالتالي تعجّل في سقوطه؛ وبينهم ذاك الذي يكتفي بتقليم أظافر النظام، والحيلولة دون لجوئه إلى استخدام هذه الأسلحة، أو سواها من أصناف اسلحة الدمار الشامل. الآخرون، المشككون في جدوى الضربة، أو المناهضون لخيار التدخل العسكري الأجنبي، والأمريكي خاصة ـ