لم يقرأ فانون هؤلاء مستثمرا مقولاتهم المعرفية ومواقفهم السياسية انطلاقا من عقدة الزنجي الذي يحاول أن يتبرجز على الطريقة الباريسية، بل راح يستعيد آراءهم كي يوجه نقدا لثلة من المفكرين الكولونياليين الذين حولوا المعرفة إلى أداة للسيطرة في السياق الاستعماري. ففي عالم التمثلات تصبح المعرفة قرينة للسلطة يتوجب على المثقف الملتزم بقضايا التحرر أن يفككها ويقاومها عن طريق فك الارتباط والتطابق المتوهم بين النظرية (الذات الاستعمارية) والموضوع المحدد مخبريا (الذات المستعمرة).
احترق أخضر الربيع وبقي العرب كعادتهم أهل صيف وسيف, وإلغاء ونفي, وتسقيط بتحريف التنقيط, في محاولة لطمس آثار التغريب بالتعريب. لازالتْ تحكمهم القافية منذ أيام "أيها القاضي بقم قد عزلناك فقم" حتى يوم الناس هذا. ويسوقهم إلى الإعدام الطول المناسب للمشنقة. ويُعاد إحياء "قرقوش" وأحكامه على يد المتشددين ودعاة التقدم إلى الماضي المجيد, من الذين دخلوا من باب ديمقراطية القبائل والقوافل.
ابنها كل الصفات الحميدة ولا تضنّ عليه حتى بما ليس فيه. ولذلك يبدو مشهد الحوار الذي جرى بين رسول حمزاتوف وأم الشاعر المفتقر إلى الموهبة مشهدًا يجمع إلى الطرافة الغرابة. ولا يخفى أن نعت الشاعر أو المبدع، بوجه عام، بأنه دون موهبة، يعني إطلاق رصاصة الرحمة عليه. فالثقافة، ومعها الكدّ والجهد، لا تكفي ولا يمكن أن تعوّض ما لابد من توافره أصلاً في الجبلة، ألا وهو الموهبة.
ن
في جميع الأحوال، إيران "الروحانية" مختلفة جداً عن إيران "الخامنئيتية". زمن التشدّد انتهى. بدأت مرحلة الاعتدال. لم تعد إيران متمسّكة بالأسد، ولم يعد خطاً أحمر كما كان يقول الولي الفقيه آية الله علي خامنئي. اختيار الرئيس حسن روحاني أن يقول أمام قيادات "الحرس الثوري" "إنّ إيران تقبل بأي رئيس يختاره الشعب السوري"، رسالة واضحة لواشنطن وموسكو أنّ زمن الاسد انتهى. أقصى ما يمكن أن يحصل، انتظار نهاية ولايته في منتصف السنة المقبلة، ثم يرحل. أيضاً من ضمن التفاصيل التي يكمن فيها "الشيطان"، هو مستقبل الأسد خصوصاً ما يتعلق باستخدام السلاح الكيماوي،
هذا المشهد ما يزال يلح عليّ بعد أكثر من ثلث قرن, فأنا أذكره في أيامنا هذه كثيرا وأتساءل : أهذه الأوطان الجديدة علينا, والتي لم نتعب تعبا حقيقيا للحصول عليها, وهذه الأعلام , والأناشيد الوطنية, والحدود, أتراها ليست إلا ثوبا فائضا نستطيع خلعه ورميه عند الغضب الأول كما فعلت جزارة الحسين لنبدأ رحلة الغضب البدوي الذي سيكون ضحيته الأولى الجغرافيا المفاجئة, والوطن المفاجئ, والراية المفاجئة, والنشيد الوطني المفاجئ, وأعود إلى البدايات.
ولدت الشاعرة سنية صالح في مدينة مصياف بمحافظة حماة السورية في العام 1935م، لأسرة تهتم بالشأن الثقافي والأدبي تحديدا، فكانت واحدة من بين ثلاث شقيقات اشتغلت الأولى بالنقد الأدبي وبرزت فيه هي والناقدة خالدة سعيد التي اكتسبت اسمها الأخير من اسم عائلة زوجها الشاعر أدونيس (علي أحمد سعيد)، وفضلت الأخرى أن تكون ممثلة مسرحية وتلفزيونية باسم مها الصالح، في حين احتفظت سنية باسمها كما هو، حتى بعد أن تزوجت من الشاعر محمد الماغوط الذي تعرفت عليه في منزل أدونيس وتزوجته وهي لاتزال على مقاعد الدراسة الجامعية في كلية الآداب في جامعة دمشق.
في هذا السياق لعبت مجلة شعر دورا أساسيا في تحديث القصيدة العربية في خمسينيات القرن الماضي وستينياته، عبر شعرائها ونقادها الذين واصلوا مشروعها من خارجه، وعبر من ألهمتهم كمجلة ومشروع، وطريقة تفكير بالشعر والنقد والثقافة والفكر، من الأجيال الطالعة بعد غيابها. وهي بهذا المعنى غابت كمجلة ولم تغب كمشروع؛ كفت عن الصدور ومتابعة دورها كساحة للجدل وحوار الأشكال والتجارب، وبقيت كتجربة ومثال وطريقة فهم للإبداع والحداثة. هكذا كانت «شعر»، بكوكبة الملتفين حول مؤسسها يوسف الخال وحول مشروع مجلته الليبرالي،
لكن المرارة الحقيقية كانت تلك التي تجرعها "قايين" أو "قابيل" بعد أن رفض السيد قبول تقدمته وقبل تقدمة هابيل, وأدتْ في النهاية إلى الجريمة الأولى في التاريخ. قايين هذا هو من فتح باب الجدل والحوار والندّية حتى مع السيد "الإله" بدءاً من حضور السيد الفوري بعد اقدام قايين على قتل هابيل بفك حمار كان قد خبأه مسبقاً. ليضع على جبهته علامة أبدية عن فعلته النكراء "التي سمح الإله لها بأن تحدث, دون أن يتدخل لوقفها, وهو قادر على ذلك؟؟!! يتسائل قايين عن سبب زرع الشجرة المحرمة في الجنة ولماذا لم يقتلعها السيد من جذورها, بدل أن يُدخل آدم وحواء بتلك التجربة العبثية؟
*مشوار الأفاعي سريع وداهي وأيضا ملتوٍ جدا ولأنها لا تصدر صوتا لذا فمن المفاجأة إن لم تكن بمعرفة كل فلسفتها المخادعة وأدركت خطورة فتكها فستجدها وقد داهمتك وحاصرتك ورقصت بشروطها المسمومة على كل تاريخك لتجتاز فوق تفاصيل مضجعك التعب ، تعصر عظامك صرخة صرخة ،تحيل كرمة قصائدك إلى خريف متساقط بلا اتكاء ومن كل المحاولات الممكنة تجرد إيقاع حلمك كيلا يكون تلاحما منشودا ، ثم تترك ما تبقى من جموع الخائفين إما منحنيا أو منصرفا ، فيما إن غازلت اصفرار قلبها لاتقاء مكائدها
تتجلى تحولات الشخصية "الاخوانية" في الفترة الزمنية اللاحقة في أعمال أخرى لنجيب محفوظ، ابرزها "الباقي من الزمن ساعة" و"حديث الصباح والمساء". صدرت الرواية الأولى عام 1982، يصور الروائي تقلّب "الاخواني" الشاب محمد حامد برهان في الفترة الممتدة من عهد ثورة 1952 إلى زمن توقيع معاهدة كامب ديفيد في عهد السادات. ينشأ هذا الشاب في بيت وفدي الهوى، ثم ينتقل الى "الاخوان"، ويبتعد "عن دين أسرته المتسم بالسماحة والبساطة"، ثم يدخل المعتقل، ويفقد بسبب هذا التوجه ساقه ويده. يرحب بحركة الضباط الأحرار في البداية