ومن قال إنهم توقفوا عن العمل؟ لا، فلم تكف أبدًا أيديهم عن العمل وعقولهم عن التفكير. حملوا الألوان والفُرش، ووقفوا أمام صور الديكتاتور، هنا ضربة فرشاة، وهناك ضربتان، فصار الدكتاتور ممتلئًا وسمينًا، والتصقت أذناه. كانوا يحاولون تجميل صورته. ولكن هل ممكن أن تصنع الألوان من الذئب حملًا؟ لم تكن بأيديهم حيلة أخرى
وفي وقتٍ بدت ثورة يناير وكأنها تتطلع نحو القطع النهائي مع الإرث السياسي لدولة يوليو، وإرساءِ دولة مدنية وديمقراطية، جاءت مظاهرات "30 يونيو" (2013) لتجهض ذلك، وتعيدَ إنتاج هذه الدولة، بعد أن تكفل عبد الفتاح السيسي بإخراج نسختها الأكثر سوءا في انقلابه المعلوم على الرئيس المنتخب محمد مرسي.
استكمالاً لمواقفه المعلنة السابقة ضد الثورة السورية لجأ الشاعر نزيه ابو عفش إلى ما يشبه "التشبيح الشعري" في قصيدة له بدت وكأنها تتمثل مقولة الشبيحة "الأسد أو نحرق البلد" نشرها في جريدة الأخبار اللبنانية المحسوبة على المحور الإيراني، وفي القصيدة المذكورة يقول أبو عفش:
يا ربَّ الأرضْ!
يبين المشهد السوري أبعاداً مختلفة في المأزق الذي يحيط بنظام الأسد. ففي الجانب السياسي يستمر مأزق النظام نتيجة عدم وجود حل في سوريا وحولها، حيث ما زال النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون وميليشياتهم عاجزين عن الوصول إلى نهاية الحل الأمني - العسكري الذي يفضلونه، بل إن أبرزهم، وهم الروس، ليست عندهم قناعة بالوصول إلى حل من هذا النوع
بعد كلّ ما سبق، ما هو واقع نظام بشار الأسد في عشرينه؟ على الرغم من استطاعة النظام ظاهريّاً استعادة السيطرة على نصف مساحة سورية، وجعل مراكز المدن الكبرى والحيويّة متّصلة، والذي عبّر عنه الروس بمصطلح "سورية المفيدة"، فإنّ تلك المناطق تخضع لقوّتين داعمتين أقوى من النظام، روسيا وإيران بمليشياتها.
جاء اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب بين روسيا وتركيا، مطلع مارس/ آذار الماضي، ليشكل انعطافة مهمةً في مسار المسألة السورية، ذلك أنه لاحت لأول مرة منذ عام 2011 بارقة أمل لحل سياسي. وشكل صمود وقف النار إنجازا سمح بوقف عمليات القتل والتدمير والتهجير القسري التي مارستها روسيا وإيران والنظام السوري. وكانت حصيلة الأعوام الثلاثة الأخيرة كارثيةً على هذا الصعيد،
يستقبل عدد واسع من سنّة المشرق حدث تحويل آيا صوفيا من متحف إلى مسجد في تركيا، بوصفه علاجاً يعوض هزائم متتالية، حولتهم إلى مضطهدين ومهجرين ومعتقلين ومعارضين لا يستطيعون العودة لأوطانهم. والاستقبال هذا، إذا يتحكم فيه نازع ديني يحيل الغرب إلى زمن الحروب الصليبية ويثبته هناك مغفلاً كل التحولات التي مرت،
في تشرين الأول/أكتوبر 2010، اتصل بي نقيب من شعبة الأمن السياسي. كان طارق جعفر شابا في أواخر العشرينيات من عمره، وسيما وشديد التهذيب. وقد جاء ضمن دفعة من رجال الأمن الذين أراد من ورائهم بشّار الأسد أن يجمّل صورة نظامه وأجهزته الأمنية.
الشاعر ليس صوت أحد، ولكن لا يوجد من لا يستولي عليه الفضول، أو فكرة ما، فيصغي إليه أو يقرأ ما نقشه في الماضي، أو كتبه في الحاضر، محاولاً أن يستضيء بقصيدة أو سطر منها، وليس هناك بالطبع من لا يحاول امتطاء قصيدة الشاعر بهذه الحجة أو تلك لا لتكون ضوءاً بل لتكون مركبة يصل بها إلى شأن خاص به
وفي الوقت الذي يشقّ على الناس تأمين قوتهم اليومي داخل سورية، تخرج أصواتهم المخنوقة غاضبة على الجهات التنفيذية، لتوارب حقيقة اعتراضها على استمرار سياسة رأس النظام في تمسّكه بالحل العسكري، والتي جعلته رهينة لداعميْه الروسي والإيراني داخليا، حيث سيطرا على منافذ اقتصاد سورية ومؤسساته، وصولاً حتى جيشه