يشكّل التصعيد في منطقة "خفض التصعيد" الرابعة -التي لم تّسلم بعد للنظام السوري كما سابقاتها- نهاية لمسلسل البكائيات على الشعب السوري، وانكشاف لعمق التخلّي الذي مارسته فصائل المسار الآستاني عن دورها كفصائل معارضة، مقابل الدور الوظيفي الذي أرادته، أو رسمته، لها القوة الإقليمية التي ساندت نشأتها وتحولاتها،
كثرة التركيز في الفترة الحالية على منشورات الشهداء المغدورين وصور القتل والدماء وحوادث العنف في التظاهرات العراقية التي اندلعت في تشرين الأول ٢٠١٩، كل ذلك سيزرع بالنفس غريزة طلب الثأر والغضب وعن طريقها سيسهل تمرير الشائعات والتلاعب بالمشاعر وكذلك سيستسهل بعض الناس ارتكاب عمليات عنف مضاد أو تبرير العنف أو تقبله أنه شيء مقبول سلبي.
بدل أن يحاول السياسيين والمسؤولين الأعتراف بالخطأ والأعتذار بل صارت كل جهودهم أن يحاولون اقناع الناس بأن المسألة مؤامرة ضدنا فقط! لأننا شعب ووطن مستهدف والحقيقة ان كل الإرهاب والخيانات والفساد تم التمكين لغالبيته داخلياً بواسطة اذرع الفساد والانشغال بالفساد والمحاصصة
أحياناً كان الصمت والسلبية بذريعة الحفاظ على وحدة صفٍّ لم يكن موحداً أصلاً، فلا الفصائل العسكرية موحدة بهياكلها أو مشاربها، ولا هيئات المعارضة موحدة خلف رؤية سياسية. تلك الحقائق، بل أكثر منها كان معروفاً بدقة أشد مما نعرفه لدى الخارج الذي لا يُراد إضعاف المعارضة أمامه، وكأنما لم يكن له يد في تشكيلها على هذا النحو، وفي إضعافها على نحو متواصل.
هذه الرؤية لا تنكر مطلقًا طبيعة الانتفاضتين المتفجرتين في هذين البلدين، ولكنها تؤكد أن هناك عملية استثمار لها عن بعد، الغاية منها إجهاض مشروع إيران التوسعي في المنطقة العربية، الذي يشكل تهديدًا خطيرًا لكل دول الإقليم، وكذلك تضييق الخناق على المشروع الروسي للحل السياسي، الذي يقوم على مبدأ القضم التدريجي للمناطق المحررة، وإعادة تأهيل النظام سياسيًا.
رحل عن عالمنا قبل أيام رجل سوري نادر، كان ظاهرة في عالم السياسة السورية. ففي 6 كانون الأول/أكتوبر، غصّت وسائل التواصل الاجتماعي السورية بمنشورات تؤبّن القيادي اليساري السوري منصور الأتاسي، أو ترثيه وتذكّر بمناقبه. من النادر أن يُجمع السوريون – حتى وإن كانوا في خندق واحد – على فكرة بعينها أو رجل بعينه.
بالإضافة إلى حضور “المجلس الوطني الكردي” و”المكوّن السرياني الآشوري” و”المكوّن التركماني”، سنجد في تركيبة الائتلاف ما يُسمى “شخصيات وطنية ومستقلة” لا تُعرف معايير اختيارها، وثمة أيضاً “المجالس المحلية السورية” وهي تجربة لم تثبت حضوراً في المناطق التي كانت خارج سيطرة الأسد بسبب تسلط العسكر أو المجالس الشرعية التابعة للفصائل الإسلامية.
عصفت أزمة الدولار في لبنان بكثير من الأموال المودعة في البنوك اللبنانية لمصلحة تجار وضباط النظام السوري، وقد أصدر البنك المركزي اللبناني قرارًا بعدم صرف أكثر من ألف دولار مهما كانت الأموال المودعة في المصارف اللبنانية، وهو ما أربك النظام السوري ووضعه في مواجهة مباشرة مع الغلاء وتذمر الناس من هذا الوضع الكارثي.
من النادر أن تظهر للعلن الخلافات بين أهل الحكم في سوريا، وربما الاستثناء ما جرى عام 1984 حين أظهر رفعت الأسد، قائد «سرايا الدفاع» وقتئذٍ، رغبته في الحلول مكان أخيه، حافظ الأسد، بعد أن اشتد مرض الأخير وغاب عن الوعي بضعة أيام، فتصدت له قوات من الجيش النظامي وأجهزة الأمن وحاصرت محاولات سيطرته عسكرياً على مفاصل السلطة؛
قلت:”نعم. المخاطر!”. وهكذا ركبت “الصعاب”. كنت أضيف لعمي نقطة الانعطاف، وأقفز بجرأة على محور الأزمنة للخلف والأمام. وفي النهاية، قرأ مشرف آخر قصة قدمتها له، وهنأني على الحوار، والحركة، والنغمة المرحة.