ما السياسيون والمثقفون والفنانون الملتحقون بالانقلاب، صانعو الخطابات والشعارات والاحتفالات والمهرجانات الوطنية والفنية، تلك التي تشكل ثقافة العامة، فهي تعمل على تزويدهم بالأفكار مع المتعة والتسلية. بينما رجال الأعمال صانعو الاقتصاد، الحريصون على الوقت، إذا قرأوا فلا أكثر من بيانات الاستيراد والتصدير، وحركة البيع والشراء، وعقود الصفقات،
قد تكون "أنتيغون" من أشهر المسرحيات التراجيدية القديمة التي ألّفها سوفوكليس (496 – 406 ق. م) وتمّ اقتباسها وإعادة كتابتها في أكثر من حقبة، على يد كتّاب كبار، من بينهم جان راسين، وهولدرلين، وجان أَنُويْ الذي اعتبرها تراجيديا المواجهة بامتياز، إذ ترفض البطلة أن ترضخ لقوانين السلطة الحاكمة، وهي بذلك تمثّل بروز الفرد المتمرّد حين تواجَه إرادتُه بقوانين السلطة الجائرة.
تواصلت الثورات على الرغم من العثرات والاختناقات الحاصلة في كل من اليمن وليبيا وسورية، تواصلت بعد ذلك، في السودان والجزائر ولبنان، وبعد ما يقرب من عشر سنوات على اشتعال شراراتها الأولى، ما تزال حاجتنا إليها قائمة، فالأحوال السياسية العربية اليوم تدعو إلى ضرورة استئناف الحراك الاجتماعي الثوري، في ضوء دروس وتجارب الصيغة الأولى للربيع العربي.
قد يقول أحدهم إن بشار الأسد المأزوم، والباحث عن صفقة ساخنة وحلول سريعة، لا يملك ترف التفكير بتوريث ابنه في هذه اللحظة، ومن يبحث عن طحينٍ ووقود، لتسيير شؤون يومياته، لا طاقة له في التفكير باستحقاقات تفصلنا عنها سنوات مديدة؟ تختلف حسابات الأسد في ذلك، وطالما أن الأطراف الدولية والإقليمية قبلت بفتح البازار،
بينما تتسابق الدول الإقليمية، في ضوء تغير الإدارة الأميركية، على استعراض عضلاتها لتقاسم الكعكة السورية، لا تكفّ الوقائع الجديدة المأساوية عن فرض نفسها على الأرض. ومع تراجع قوى المعارضة وتفكّكها، وبروز الإفلاس السياسي والأخلاقي، منقطع النظير، للنظام الذي يصرّ على أن يبقى حتى على خراب سورية وموت شعبها،
أتذكر كلمات كتبتها منذ أعوام :" بصمت الريح ... بدمع الندى النائم على أسرَّة الأوراق ... ومع ولادة الصبح المثقل بالأمل ... انتظرني سآتِ إليك .. واعلم جيداً بأن السماء منحتني نفسها .. وبأن الليل تنازل لي عن نجومه .. وعن عتمة أحزانه.. وباني مازلت أريد المزيد .. لا لتشفق علي أو لأتقلّد عرش الأحزان ..بل لأحرق جميع هذه الأحزان ... ذات صباح ... وآتِ إليك"
ثمة ذريعة أخرى، تُطرح علناً أو ضمناً، لتبرير أداء المعارضة يمكن اختصارها بالسؤال: ما الذي تقدر عليه هذه المعارضة، أو أية معارضة قد تحل مكانها، أمام إرادات قوى دولية وإقليمية كبرى تتحكم بالقضية السورية؟ لا يندر أن يُبنى السؤال على واقع خروج القضية السورية من أيدي السوريين جميعاً، ليكون من الحصافة تواجد المعارضة على أي نحو بدل تغيبها.
تستدعي عمليات الانتقام العنيف والهيجان الشعبي الإسلامي الذي نلحظه حيال "إهانات" أوروبية للإسلام السؤال عن الحساسية الإسلامية العالية تجاه أوروبا. لا نلاحظ ردّات فعل إسلامية تذكر حيال إهانات أكبر وأعمق ترتكب بحق الاسلام والمسلمين في غير مكان من العالم، بما في ذلك على يد مسلمين، كما كان الحال مثلاً في إقليم دارفور السوداني
في مثل هذا الشهر منذ 137 عامًا توفي الروائي والقاصّ والشاعر الروسي إيفان تورغينيف الذي نعاه المؤرّخ إرنست رينان عند نقل جثمانه إلى بطرسبرج ليُدفن هناك: "وُلد إيفان تورغينيف بشكل غير شخصي، لم يكن ضميره ضمير فرد، كان نوعًا من ضمير شعب. قبل أن يولد كان قد عاش لآلاف السنين. ما من إنسان مثله جسّد أجيالًا كاملة صامتة وأعادها للنطق والحياة".
سورية بحاجة إلى دستور جديد، تبدأ فيه مرحلة سياسية واجتماعية جديدة، بعد أن قضت عقودا من الجمود الكامل تحت قيادة شخص واحد، نقل السلطة إلى أحد أبنائه قبل أن يموت. وتعيش البلاد راهنا معروفا يشهد انهيارا شبه كامل في البنى، سبّبته حرب دائرة منذ سنوات، جاءت بعد عقود من تهاوي معدلات التنمية، ليأتي الحدث الذي ولد بتوافق دولي هزيل،