و في جلسة الاعتراف كان القس يغمر الصبيان بالأسئلة. و كلما بدا أنهم أبرياء، ألح عليهم بأسئلته في الظلام المخيم على مقصورة الاعتراف الصغيرة و الضيقة. و لم يكن بوسع الأولاد الراكعين أن يشاهدوا القس الجالس في الداخل. و كان صوته الهامس يأتي من خلال نافذة يغطيها الشبك، و يسأل:" هل تنتابك خيالات عاطفية على الإطلاق!. هل تفكر بالنساء؟ هل حاولت أن تتخيل امرأة عارية؟ كيف تتصرف ليلا و أنت تستلقي في سريرك؟ هل تلهو بأعضائك التناسلية؟ هل تحب جسمك؟ و ماذا تصنع صباحا حينما تنهض؟ هل تشعر بالانتصاب؟
أعتقد كنت في العاشرة من عمري حينما اطلعت على كونراد لأول مرة. و انتبهت لنبرته التحذيرية المنبهة، و ذلك في قصة " الحيد المائي"، و كم غبطت نفسي عليها. ربما " الحيد المائي" هي القصة الوحيدة لكونراد التي يمكن قراءتها على طفل صغير. فهي قصيرة جدا، لا تتعدى خمس عشرة صفحة. و تتحدث عن نهر في وقت الغسق توجد على ضفافه غابة استوائية. و هناك رجل أبيض يبحر في زورق،
انظر إليها، إنها جمع سلال شقراء تحت ومض دمك يا ديرام. انظر إليها كيف تغفو لصق ساعدك، وأنفاسها تتهاوى شهاباً شهابا في شسع فحولتك النبيلة... أتذكر يا ديرام ساعة جئتها وديعا تتسربل بالسهول، خطاك خطى نهار، وصخبك صخب السنبل؟ أتذكر المساء الذي ترقرق في عينيك، المساء الأول، حيث سطوتما بالقبل على كنوز الكائن، وكشفتما عن مسيل غريب تحت حجر الروح؟. تمهل ديرام، تمهل في عبثك الساحر بأعشاش قلبها- قلب ديلانا المعلق كطعنة ملأى بالحياة.
في ليلتي الأخيرة، في بلغاريا، صحبتني بيسترا من المحطة الأساسية للقطارات في صوفيا حيث ينتصب عند البوابة تمثال تذكاري للشيوعيين. و قادتني بالسيارة إلى شقتها المتواضعة لتناول عشاء عائلي، ثم استضافتني طوال تلك الليلة. و بينما نحن في الطريق، مررنا من قرب التمثال القديم الذي يكرم الجيش السوفييتي، و الذي يصور عسكريا بروليتاريا بحجم هائل،
كان السؤال الذي أخذ في الالحاح عليّ :وإذن, فماهو الدين؟ما هو هذا المفهوم الذي لست شديد الإيمان به, ولكنك على استعداد تام لقتل الآخر الذي لايؤمن به, والسوريون ككل شعوب الأرض قتلوا ويقتلون وسيقتلون من أجل شيء لايؤمنون به عميقا. أهي حجة لإيقاظ الوحش في الأعماق ؟ الوحش الذي يطالب بالقتل ثم يبحث عن حجة, فالرغبة الأولى هي القتل,أهي الحجة لانتزاع ما تملك, فلقد سئمت العوز وأنت تملك كل شيء, وهاهم يضعون المسيح ومحمد وعلي جانبا, ولاهم لهم إلا النجاة من هذه الحفرة التتي وجدوا أنفسهم فيها, هاهم يتوسلون بطلسم أقنعهم الدكتور خالد بطريقة لم يتعب فيها بأنها الحل حقيقة, فإذا بهم يتنازلون عن كل معتقد سابق,
يروي لنا الكتاب خرافة ارتبطت بالفراشات, وهي ظاهرة كانت تسبب الخوف والقلق عند الناس, وقدمت لرجال الكنيسة تبريرا كي يزيدوا إيمان الناس بهم. (الحديث هنا عن ما يسمى "الأمطار الدموية" إنها ظاهرة غريبة حقا. وهي تترك انطباعا سيئا للغاية, حتى بالنسبة لأولئك الذين يعرفون السبب الحقيقي للظاهرة. فكيف والحديث يجري عن زمن قديم جدا حين كان أسلافنا عاجزين عن تفسير وفهم ابسط الأمور. بالتالي, إن "المطر الدموي" لا
استلقى عشيقها قربها و بما أنها بدأت بفتح الموضوع سألها متى انتهى كل شيء. فأخبرته انتهى من عام ثم لم يعد بمقدورها أن تضيف. انتظر قليلا ثم سألها كيف انتهى. فأخبرته بشكل عاصف. فقال بتأن إنه يود لو يعرف التفاصيل، و كل شيء عن حياتها، و لكنه لا يريد منها أن تتكلم عن الموضوع لو أنها لا ترغب بالتذكر. فدارت وجهها منه قليلا حتى سقط ضوء المصباح و لمع على عينيها المغلقتين. فكرت إنها ترغب لو تخبره،
لا داعي للعجلة. وقف فيي و مد يده لماكس. فتنهد ماكس و نهض و مسح الشوائب عن سرواله الخاص، و تلكأت أصابعه عند الخطوط الحريرية التي ترتسم على طول الثنيات الخارجية. و لدقيقة، شعر فيي بالحسد من طبيعة ماكس، بمعنى من صبيانيته البسيطة ، التي هي من نتائج عمره اليافع. ثم انتابه الشعور بالخجل من حسده له، الخجل، طبعا، مما أخبره به ماكس للتو، و هكذا رد فيي بقوله خطوط جميلة. رفع ماكس عينيه. حقا كانت تلك الخطوط مدهشة. رفيعة جدا. يا لهذه البذة كم هي جميلة. فعبس ماكس. أنت تبدو مثل، لا أعلم، مثل عامل في المصرف أو مثل نجم سينمائي أو ما شابه
تضع اقمارها تحت الوسادة !!
للقمر شكل الرغيف
خبئت حبها وجوعي :
حبيبتى نلتقي في سنبلة تشبه ساقيك
وإن حرقها البرابرة القادمون صوب ربيع الفراش
بكل تأكيد لم يقم غابرييل غارسيا ماركيز باختراع أي شيء في رواياته، بل استلهم كل شيء من محيطه. قرية ماكوندو موجودة بالفعل! قرية الحكايات الرائعة في رواية ‘ مائة عام من العزلة’ التي انتهت بشكل مثير للرثاء، هذه القرية هي أرض قريبة من أراكاتكا، المدينة التي ولد فيها غارسيا ماركيز عام 1927. هذه المدينة التي توجد في شمال منطقة الكاريبي لبلد غارسيا ماركيز،