وكأن حمص، جارة العاصي، صارت الحكاية السورية بكل وجعها وألمها وأملها …هنا بدأت الثورة بأحلى صورها كحراك شعبي سلمي، وهنا وئدت وقمعت بكل أشكال الحصار والتجويع …وهنا ستبعث من تحت الرماد كتلك الطفلة السورية الصغيرة التي حفر الناس بأيديهم ليخرجوها من تحت البناء المهدم وخرجت بوجه رمادي يعلوه الركام ولكنها كانت حية تتنفس….
بالأمس، وفي اليوم نفسه الذي سرب فيه «حزب الله» «المعلومات» عن دوره في الإنجاز، كان عمر محمود عثمان (أبو قتادة)، وهو الداعية الذي كان أفتى بجواز قتل النساء والأطفال في الجزائر، واقفاً في قفص المحاكمة في عمان يعلن تأييده لـ «عمليات كتائب عبدالله عزام في لبنان» ويحمّل الجيش اللبناني المسؤولية بسبب دعمه «حزب الله» في سورية على حد زعمه.
في ذروة مراحل العنف العراقي، بلغ عديد الجيش والأجهزة الأمنية الرسمية مضافة إليها قوات البيشمركة الكردية أكثر من مليون جندي وضابط، يعاونهم حوالى مئتي ألف جندي أميركي، ولكن مَن نجح في القضاء على تنظيم «دولة الإسلام» هم عشرات آلاف قليلة من مقاتلي العشائر السنّية في الأنبار. واليوم وبعدما عادت «داعش» الى الأنبار بفعل الأزمة بين السنّة والشيعة في العراق، ها هو نوري المالكي يلجأ الى عشائر السنّة مجدداً، ويُعيّن قائداً أنبارياً للجيش هناك.
مثل من سبقوه من المفكرين والكتاب المصريين في الرحلة إلى الغرب والالتقاء بحضارته ومنابعها ومواجهة الصدمة التي نشأت عن هذا اللقاء، وربما أكثر منهم، كانت رحلة توفيق الحكيم (1925) أكثر تجسيداً للتضاد والمقارنة بين حضارة الغرب وحضارة الشرق، وستظل تلازمه طوال حياته الفكرية وتطبع إبداعاته حتى تصل به إلى مرحلة المعادلة كما ظهرت في كتابه «التعادلية» (1955).
في هذا المنطق، لم توجد في سوريا مشكلات تستدعي القيام بثورة، ويغلط من يتوهم أن أزمة ما كانت سبب انصياع السوريين للمندسين وممارسي الإرهاب. الموضوع وما فيه أن الخارج استغل موجة المطالبة بالحرية التي اكتسحت العالم العربي كي ينظم فتنة ضد نظام سوريا الممانع والعلماني، وأن قلة مضللة من الناس انخرطت في هذه الفتنة، كان نشاطها وراء ما أصاب البلاد والعباد من دمار وخراب، وتعرض له البشر من اقتلاع وتهجير وتصفيات. لم تعرف سوريا قبل الثورة مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، لأن قيادتها الحكيمة تحسبت جيدا للتطورات الدولية والمحلية،
في الاسواق، كانت المقاهي أفضل أماكن المجانين، وكان لكل مجنون مقهاه المعين، ولا يسعى مجنون إلى الاستحواذ على مقهى كان مخصصا لأحد نظرائه، وفي الأحيان التي كانت المقاهي تستقبل أكثر من مجنون في الآن عينه، كانت أحاديثهم وسلوكياتهم المتبادلة، أحد أهم أشكال التسلية التي تسر كل الحاضرين. عدا المقاهي، فإن المجانين كانوا يدخلون جميع أماكن العمل، فدورة العمل الاقتصادي كانت هادئة غالبا، ولا يعكرها خفة حضور هؤلاء المجانين.
فقد سارع رئيس لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، علاء الدين بروجردي، إلى إعلان رفض إيران أي شرط مسبق لحضور «جنيف2»، تبعه تصريح لمستشار الشؤون الخارجية والسياسية لمرشد الجمهورية، وزير الخارجية الإيراني الأسبق علي ولايتي، الذي رفض التدخل الخارجي في الشؤون السورية، فيما كررت وسائل الإعلام القريبة من الحرس الثوري والجناح المحافظ، اتهامها دولا عربية وإقليمية بدعم الإرهاب والتآمر على سوريا.
لا نملك، أمام هذه الأسئلة، سوى التخمين. مرد تركيزنا على المحور التركي– القطري هو أن الحكومة التركية المتخبطة داخلياً تبحث، منذ بعض الوقت، في سبل إعادة التوازن إلى سياستها الخارجية في ضوء التقارب الأميركي – الإيراني الذي يبدو أنه يقوم على تطلعات استراتيجية طويلة الأمد لدى الجانبين، ولا يقتصر على تفكيك البرنامج النووي الإيراني.
من أين يستمـــدّ الأسد «حقّه» في الترشيح اذا كــــان الدستور الذي عُدّل وأُقرّ بعنايته، بعد «استفتاء» ملفّق، حدّد للرئيس الواحد ولايتــــين؟ الارجح أنه يعتبر أن ما مضى قد مضى، فهو سيختم ولايتين وفقاً لدستور والده الراحل ويدشّن مرحلة جديدة وفقاً لدستوره الذي يمنحه ولايتين اضافيتين. لكـــن ما الذي يدعو وزير الإعلام الى اثارة موضوع الرئاسة والترشيح، ما المناسبة، ما الدوافع، ولماذا في هذا التوقيت؟
ذات يوم، غير بعيد، خطب بشار الأسد عن ‘أشباه الرجال’، في وصف بعض الزعامات العربية (وبينهم ضمناً، وليس تصريحاً بالطبع، ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز، والرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، والرئيس الفلسطيني محمود عباس…)، بسبب موقفهم من ‘حزب الله’ والعدوان الإسرائيلي على لبنان صيف 2006. وكان، بالطبع، يفترض أنه يقف في الصنف النقيض: