تخبرنا التفاصيل السابقة بأنه في المرحلة الراهنة من مسار المجتمعات الانسانية، يضطلع العلم الحديث بمهمة الكشف عن الحقائق بعيدا عن قداسة كل ما هو ديني، لكن مغامرة العلم ليست انتصارات على طول الخط، لان هناك جانبا من الوجود حتى عند المجازفة بالبحث فيه فإن الباحث يخرج منه خاوي الوفاض.في البداية لم تكن مشكلة العلم تتعلق بالإيمان بالدين من عدمه، مثلما ان عرفة لم يأبه كثيرا لما يحكى عن الجبلاوي، فالمشكلة الحقيقية هي معرفة ما كان مجهولا، ايجاد المفاتيح اللازمة للتعامل مع واقع مأزوم. ان محاولة المعرفة هاته هي ما يجعل العلم في مواجهة الدين،جرأة العلم وجرأة عرفة تضعهما في المواجهة،لكنها مواجهة لا تسفر عن التعارض كما هو متوقع، فعرفة يكن احتراما كبيرا للجبلاوي والجبلاوي يوصي خادمته بإبلاغ عرفة انه راض عنه، لذلك فإن وقوف العلم الحديث عند مسائل غيبية وميتافيزيقية لا يفهمها لا يمنعه في نهاية الأمر من احترام الاديان والاعتقاد بوجود الخالق.
1.1 فن الشوارع في الذاكرة الشعبية العربية
ما زالت هناك بعض البقايا الضئيلة لفنون الشوارع الشعبية في الثقافة العربية وتتمثل في العروضات النادرة والمتناثرة هنا وهناك في الجغرافيا العربية مثل الفنون المسرحية الشعبية “الكاولية – الغجر” و“الكاراكوز” و“خيال الظل” التي كانت سببا لظهور أشكال مسرحية أخرى مثل : “الأخباري” ، و“السماح” و“حفلات الذكر” و“المولوية” في الشرق العربي و“مسرح البساط” ، “صندوق العجائب” ، “المداح” ، “الراوي” و “إسماعيل باشا” في المغرب العربي (فاضل, 2007). وكانت هناك أيضا العروض البهلوانية وحلقات الراوي والحاوي التي تنظم حتى الآن في بعض الساحات العامة مثل “ساحة الفناء” بمراكش.
من المعروف أن القبيلة كانت تتخذ في ظل طبيعة الحياة البدوية في العصر الجاهلي، جملة من الأعراف والأنظمة والتقاليد التي تجعل الرقابة العرفية بمثابة المؤطر التشريعي الذي يراقب كل فرد على حدة داخل المجتمع. وبناء عليه، كان خروج فرد أو إخلاله بالمألوف من بنود هذه التشريعات المنظمة، يعني تعرضه حتما لمرسوم الانصراف أو الخلع أو الطرد، الذي يصدر في حقه من لدن قبيلته. لهذا، وخوفا من مغبة هذه العواقب، كان أبناء القبيلة مشدودين إلى ولائها المقدس، حريصين على الأخذ وتطبيق أسسها المشتركة، القائمة على القرابة والمنفعة والمصلحة.
و نعاين – بعد ذلك – المدرسة التي مكثت فيها عامين من حياتي، ولا أود رؤيتها مرة أخرى؛ فبعد انقضاء العامين استطاعت أمي أن تقنع أبي بأن يشتري لنا منزلا صغيرا قديما في المدينة؛ ومن ثم سيكون مضطرا لأن يدفع لسيارات الأجرة؛ فكان من الممكن أن أذهب إلى مدرسة المدينة، وكما اتضح بعد ذلك أنه لم تكن هناك حاجة لذلك التخطيط؛ لأنه في العام نفسه، وفي الشهر عينه، أعلنت الحرب ضد ألمانيا، وعدت – فيما يشبه السحر – إلى المدرسة القديمة، وإلى الرفاق المشاكسين الذين يخطفون مني الغداء، ويتوعدونني بالضرب، ولم يكن يبدو أن ثمة أحد يستطيع أن يتعلم أي شيء وسط مناخ يتميز بالاضطراب، وعدم الاستقرار.
وقد تفرع هذا الاتجاه النقدي عن التحليل النفسي من جهة،(8) حيث يعتبر فرويد من الأوائل الذين اهتموا بالتفسير الأسطوري، وأعطى لذلك بعدا يكمن في أن الأسطورة تعود جذورها إلى اللاشعور أو العقل الباطن عند الإنسان، وهي في صراع دائم مع ضغوط المجتمع وتقاليده وقوانينه التي تكبت رغبات الإنسان وتقهر تطلعاته الدفينة بلا رحمة، ولذلك فإن تيار الشعور أو اللاشعور، الذي أغرم الروائيون بتصويره حتى يرى القراء شخصياتهم من الداخل عندما تتعرى رغباتهم الدفينة، كان أسلوبا دراميا سيكولوجيا لبلوغ منابع البدائية في النفس البشرية، وهي المنابع أو العوامل التي تأثر في فكر الشخصيات وتشكل سلوكها اتجاه الآخرين بأسلوب لا يقلب عن التأثير الذي تمارسه ضغوط المجتمع عليها، وبالتالي فهي تؤثر على صياغة الشكل الفني لهذه الروايات، وليس على مضمونها فحسب.(9)
ومن خلال الأبـواب الثمانية المكـونة للكتاب يقوم المؤلف بتفصيل الأسئلة، وطرح بعض الإجابات، مخترقا أكثر من بعد من أبعاد الأزمة. ففي البابين الأول والثاني يتم التركيز على الأسس والأصـول العامة للأزمة، حيث يكـون الباب الأول بمثابة تشخيص للأزمة والكشف عن أسبـابها "في أصـول التأسيس النهضوي الجديد". أما الباب الثاني "خلدونيـة لا ماركسية " فيحـاول اقتراح سبل الخلاص من الأزمة بـاقتراح فهم منهجي أعمق للظاهرة الاجتماعية العربية، وهو الفهم الذي يتحـرك من اجتماع ابن خلدون بديلا عن النظريات المنتجة في سياق اجتماعي وثقافي مغاير. بعد تشخيص أصول الأزمة وأبعادها واقتراح الحلول يتحرك الكتاب في أبـوابه الستة الأخرى في محوري الأدب والثقافـة. .
إذن لم تستجب أكبرُ مدينتين في سوريا للثورة، وفُسّر ذلك بأنّ مفتاح مدن الشام تاريخيًّا هو وجهاؤها ـ أي التجّارُ في الحميديّة بدمشق، وصناعيّو حلب ـ ومَن يتصل بهم من عوائل طبقة وسطى وعليا. لم يفكّ هؤلاء تحالفهم مع النظام، وانضمّت إليهم الأقليّاتُ الخائفة على مصيرها من وصول الإسلاميين إلى السلطة. وهذا ما أبقى "الثورة" شبهَ ريفيّة، وبعيدةً عن "ساحات التحرير." فتشتّتتْ تنسيقيّاتُها المدينيّة أمام مَن رفعوا السلاح، الذين تلقّوا دعمًا غير محدود (بعض الأرقام تتحدّث عن 6 مليارات دولار) من دول الخليج وتركيا والناتو.
ما العمل الذي يمكن أن يحققه الحب ضد سموم الغرائزية وضد اليأس الذي يمكن أن يقودنا إليه الانغماس في المثالية المطلقة؟ الجواب يقدمه دوروجمون قائلا: "العمل ليس معناه التهرب من عالم نعتوه بالشيطاني. وليس معناه قتل هذا الجسم المعرقل. إلا أن معناه ليس أيضا إطلاق مسدسنا على الروح بحجة أنها خدعتنا. العمل في الحقيقة هو قبول الأوضاع التي كتبت لنا في الصراع بين الروح والجسد. والعمل هو محاولة التغلب على هذه الأوضاع لا بتهديم القوتين المتنازعتين بل بتزويجهما. لتأت الروح لنجدة الجسد تجد عنده السند والعون، وليخضع الجسد للروح وليجد عن طريقها سلامته تلك هي الطريق".(17)
وبالفعل، تقوم الجامعة بسحب نسخ الكتاب من الأسواق، وتتولى النيابة التحقيق في الأمر، مهتدية بدستور 1923 الذي كان ينص على صيانة الحريات، والذي كان محل تقدير الحكومة التي جمعت بين الأحرار الدستوريين والوفديين في ائتلاف وطني. ولحسن الحظ، كان الظرف السياسي المتحول لصالح طه حسين، على النقيض من الظرف السياسي الذي لم يكن في صالح علي عبدالرازق، ففي أزمة "في الشعر الجاهلي" كان عدلي يكن الليبرالي العنيد ـ رئيس الأحرار الدستوريين ـ رئيس الحكومة، وكانت وزارة العدل تابعة للأحرار الدستوريين الذين أشاعوا فيها أفكارهم الليبرالية.
تحكي رواية (كتاب النحات) عن قصة رجل سأم من عالمه الذي اكتظ بالمقاصل والدماء والقبح والفقد، ليغادره إلي عالم آخر برزخي، لا يحدد القارئ له وجود محدد أهو واقع، أم حياة بعد موت، أو عالم منعزل في إحدي الجزر وعلي أحد الأنهار؟ غادره كل من كانوا حوله في عالمه السابق، بعد أن أصابتهم لعنه الشبه، كل الأيام تتشابه: الوجوه، والأحداث، والمشاعر. ارتحل إلي جزيرة مصطحبا معه صراعه الداخلي مع عالمه، وصحف مدون بها تاريخ الأشخاص الذين كانوا محيطين به، وبعض الرسومات الخاصة بعائلته المقربة "الأم، والأب، وزوج الأم، والرجل البرميل، والرجل المنتصب دائما"، وبعض الشخوص التي تمثل الثانوي في الحياة.