على المنقلب الآخر من هذه الحكايَة، الأنتيكيّة، ثمّة من يَجْزمَ بأن أولئك الأشخاص، المناكيد، لم يغادروا اسطمبول قط. بل ويذهب الظنّ بأن الباديشاه أمرَ أن يتمّ حجز أمكنة لهم في خان فخم ( وهوَ الفندق بلغة ذلك الزمن )، لحين تقرير مصيرهم في وقت تال، مناسب: ويبدو أنه كان في ذهنه أن يستخدمهم، كمرتزقة، حينما تسنح الفرصة.
أياً كان الصّحيح من المَعلول، في خاتمة هذه الحكاية، إلا أنها تحيلنا ربما إلى أصول التدوين خلال الآونة تلك، المَعلومة: فالسلطان التركيّ، كما رأينا، يُبدي ثقته بوالي الشام، التابع،
ي السند أنهكت النساء أرحامهنﱠ نتيجة الإجهاض المتكرر، فلم تكد الواحدة منهن تخرج من ألم الإجهاض الأول حتى تكون حاملة من جديد . السلطات وقفت أمام هذه الظاهرة مكتوفة الأيدي ، بعضهم أخذ يسخر من حكمة أوروبا : أي هلاك ألحق بالعقل الأوروبي حتى أخذ يسن هكذا صفقات مع جهات الأرض كلها ، أفقدت نساءهم الأرحام . فلم يعد لدى خيال أرحامهم القدرة على نسج المشيمة ، أي جفاف في الروح ألمﱠ بهم ؟ . البرادات العملاقة قدمت إلى المنطقة تحمل المطلوب وتدفع الثمن وتمضي
ثمة دمٌ كثير.. كثير..
لا كالذي كنا نقرأ عنه..
أو نشم رائحته على أصابعنا..
أو نخلّده في البيعات على قماش السياسيين..
كثير .. كثير..
كثير إلى الحدّ الذي لا يتّسع للدبابات تفادي انفجاره حول جنازيرها
شكرتها كثيرا ، وضحكت أكثر ، حين استفقتُ على الحقيقة التي أخلطتْ كلَّ الأوراقِ دفعةً واحدة ً، أين تبيّن لي أن هذه المرأةَ الكريمةَ ( حفظها الله ) لم تكن غاويةً للشعرِ، ولا واحدة ممن تقتفي أثر الشعراء ، وإنّما كانت امرأة ساقتها قدماها إلى تلك القاعة صدفةً ، وتواجدت صدفةً أيضا ، حيث إنّها في غير حالتها الطبيعية (مريضة تعاني اضطراباتٍ نفسيةً حادةً ) قد وجدت نفسها واقفةً تصفقُ بدون وعيٍّ ، وبدون إدراك لما حولها، ولي
في كل مدنك المعبقة بالكبرياء والحب
في كل بلداتك و قراك الخضراء الأبية
في كل قطعة من أراضيك المقدسة
وترابك المسقسق بالأحمر القاني
في كل أنهارك الملونة بقسم الشهادة والتضحية
في كل حبة تراب داس عليها سوري شريف من أبنائك
أتيح لي أن أحضر مخيم صيفي في الإمارات . فوجئتُ بمستوى التقنية . كان المخيم عن التراث ومسرح العرائس ، وهو متاح للمواطنين والمقيمين ، كما فوجئتُ بمستوى تدريب المعلمات . وعندما كان يتحدث أحد التلاميذ مع رفيقه اعتقدتْ المعلمات أنّه يسألُ سؤالاً . استدارت المشرفات الثلاث تجاهه قائلات بصوت واحد دون قصدٍ " ها يمّة " رغبتُ ان أعرف الّسر. علمتُ أن المعلمات المواطنات تدرّبن على أحدث الوسائل التربوية ، يقدمن ثقافة راقية .
كأن انتحارياً تسلل خلسةً إلى تلافيفي وخرب ما أريد
كأن النهايةَ لا توصلُ إلى القلب
كأن القيودَ بكلِ إيقاعاتها وثقلها تحنطت في دمي
كأن الريحَ تعصفُ بمخزونِ كل خلية
كأن كل خلية تصيح فقدت الذاكرة
أين لي أحمل أعضائي وأنجو بها
لرفيق قدري "، كان مَصيرُهُ أقلّ وطأةً ولا غرو. كونه الابن البكر لملياردير، فإنه استفادَ من نصيبه في الورثة لكي يستهلّ بتجارة السلاح مع بعض من كانوا، سابقاً، مسئولين في الحزب والدولة، السوفييتيَيْن. وهوَ، منذ 15 آذار 2011، إذ يُصرّح في كلّ مرة للصحافة بشكر روسيا لمُساندتها نظام الممانعة والمقاومة؛ فلأنه وَسيطها في تصدير السلاح وبمقابل عمولات مَعروفة، مُجزيَة. الأجهزة الأمنية، المُتحكّمة بهذا النظام، كانت هيَ من أوعز للرفيق الشيوعيّ، المُعارض، بحضور ما كان يُسمّى " مؤتمر الحوار الوطني "،
لكن السياسةَ قالت: «سنُفصّل الدستور تفصيلاً تبعًا لمقاس الكرسى، بل الكراسى، التى سنجلس عليها نحن الإخوان المسلمين. عاجبكوا واللا لأ؟» العدالةُ تقول: «الديمقراطيةُ هى شرعيةُ الصندوق واحترام رأى الناس الحر». والسياسةُ قالت: «إما مرسى الإخوانى، أو أنهارُ الدماء والويل والثبور». العدالة قالت: «البرلمانُ غير شرعىّ، يجب حلُّه». والسياسةُ قالت: «سندمّر مصرَ لو لم يعد البرلمانُ الإخوانىّ». العدالةُ تقول: «مصرُ للمصريين كافة».
ليس هناك أدنى احتمال لأن ينفتح باب السياسة في سورية من دون تنحي السيد بشار الأسد عن حكم البلد. فالنظام الذي ورثه عن أبيه قام جوهرياً على إبعاد عموم السوريين من الحياة السياسية، ومن الممتنع أن يبقى رجل وضعته المصادفة على رأس الحكم رئيساً لسورية وهي تستعيد حياة سياسية سوية أو ما يقاربها. ثم إن اكتمال الطور الأول من العمليات التاريخية التي نسميها ثورات في أربع «جمهوريات» عربية بتنحي أو مقتل رؤسائها المزمنين الذين كانوا يعتزمون توريث الحكم لأبنائهم أو مَن في حكمهم،