رنّ الهاتف، فانتفضتُ، وهو رد فعل “سوري” لم أستطع التخلص منه رغم مرور السنوات، وإذ بأحد المعارف القدماء يدعوني إلى عشاء على “طاولة مستديرة” -وهذا تعبيرٌ للإشارة إلى ديمقراطيته- يتم أثناءه مناقشة الثورة السورية ومآلاتها بعد ثلاث سنوات من انطلاقتها. قبلت الدعوة لسببين: أولهما الحديث عن سورية وثورتها، وثانيهما العشاء مع آخرين، الأمر الذي يُعدّ مكسبًا بحد ذاته، عند هذا “السوري” ا
وفي العودة إلى موضوعنا، من المؤكَّد أن ثمَّة أسئلة لمحاوِرين غاية في النباهة والذكاء. رشيقة، حافزة. تحثُّ المحاوَر على الكلام والغوص في أعماق ذاته، ونبش مكنوناتها، والدخول إلى مناطق ومساحات من روحه، ما كان ليفرشها، أمام القارئ أو المستمع، لولا قدرات المحاوِر وملكاته، وتحضيره المتين لموضوع حواره وللشخصيّة التي يُحاورها، بحيث يتمكَّن، عبر امتلاكه “المفاتيح السرّية” لعالم وهواجس المحاوَر، من فتح المُغلق، وتظهير الخافي.
أنتَ الآن تمشي .. في الغرفة !
ضريراً تدور حول نفسكَ !... تشتاق أن ترى ظلكَ
ضوءَ نافذةٍ خافت، وهااااااااااا أنتَ..
عاجزٌ عن السير في رقعةٍ لا يتيه فيها ( حيوانٌ أليف ) !
وها ... أنتَ أليفٌ ومألوفٌ لهذه اللعبة !
وفريسة ..
ومفترس أيضاً لنفسكَ ...!
فامضِ .. رافعاً ساعديكَ أمامكَ .. وتهجّى روحكَ
قبلَ طريقكَ القصيرة...
هل كانت رائحة الخيزران عند الغروب هي من شرّد زفيرنا؟ أم كانت شتائم أبي ومواعيد الاستحمام ظهيرة كل خميس، ورمي قشور الذرة في البئر ثم انتظار المارد؟ أم هي وعورة الوصول إلى النشوة فوق أسطح الشمال الدائخة أكثر منا؟
وعلى عكس حكاية الأطفال مع الدمى، كنا أنا وأنتَ تمثالًا من الوحل يلعبُ العمر بعينيه كي يتسلى… كنت أرجوكَ تحت ضوء القمر
كثرة التطاول على عطايا الفرص الفاتنة التي لرتق أهداب الوجد ..والتي تحيك نمنمات الأمسيات الضاجة بنصوع الاشتعال ..تجعلنا نتآكل ويذبل فينا جمر النسك على ذات الحيز الوحيد الذي للعشق .. أما أن يتثاءب الصبح على اتساع تجاعيد الملاءات المضرجة بالسرد وأن تنهض تباعا الخلايا المغبرة بالكسل في حلة الصياح الأول هذا يوقظ مواعيد النضج في مواسمها المثلى التي للنبيذ ، وأيضا يجدد ثقة الله أن ما سبق وأبتكره خبزا بالحق صار رحيقا منعشا ملء السرور ،هكذا لنغتنم كما الشرفاء مسؤولية احترام الجمال
بالمختصر هو لا يشكو من اي مرض يصيب الإنسان المعاصر المتحضر . ولكونه لا يدخن السيجارة ولا الأركيلة او الغليون ، ولا يشرب الخمر ، ولا يتعاطى المخدرات او حبوب الهلوسة والانشراح ، ولا يعاني من أيٍّ من العقد النفسية التي قد تصيب البشر بسبب الإحباطات ، كونه لايدوس على رقبة أحد من أبناء جلدته كيما يصل إلى المناصب والامتيازات والثروة والجاه ، فليس هو مضطراً للرياء والنفاق والتزلف لمن هو أعلى منه او الكتابة بحق زملائه ورؤسائه لتحقيق ما يصبو إليه .
لا تتعجب إن قلتُ لك بأني عرفتك الآن كما لم أعرفك من قبل، لم يكن عليّ، أنا المتيمة بحنين عطرك الشهي، إلا أن أحدق في سطح القهوة الذي يماثل لون عينيك. لم أسدل أبداً جفنيّ، بل زملتني من رأسي حتى أخمص قدمي، للحظات أو سويعات، ستارةً سوداء. فوجَدُتني في جسد ذكوري يرتكن على حائط عفن في غرفة ضيقة، رطبة وخانقة. يعلو الحائط ، ورائي، نافذة صغيرة ذات قضبان.
وأما الأمر الثاني، الذي شكل تفسيره لغزاً وتضارباً، هو ضحكة السيد الرئيس العريضة التي بدت خلالها نواجذه، ففي حين رأى البعض في تلك الضحكة بلاهة وعدم شعور بما عانته وتعانيه سورية، ذهب آخرون للتفسير أن في تلك الضحكة رسالة شماتة بمن مات ومؤشر انتصار على المؤامرة الكونية.. فكيف لا انتصار، والسيد الرئيس ما زال على قيد الرئاسة وكرسي أبيه، بل ويضحك ملء فيه.
لماذا يا ترى تم التخطيط لتلك العراضة وما هي الرسائل التي أراد الرئيس عبر ضيوفه أو معهم، إيصالها؟
أولاً- انتصار ابن حافظ الأسد على الشعب السوري بمساندةٍ من الإخوة في إيران العجم، وحزب الله، والرفيق بوعلي بوتين.
ثانياً- فرح الرفاق المنحبكجيين بوجود رَسَّامة ألمانية تجيد الرسم الطلائعي، وتمتلك ما يكفي من المهارة لرسم صورةٍ نصفيةٍ لحافظ الأسد وتحته تركتور زراعي، وقطيع من البقر، بالإضافة إلى عنفات سد الفرات العظيم،
تهديكَ أصوات البائعين المتجولين وصوتَ تكسّر الحصى تحت عجلات عرباتهم
التي تجرّها بغالٌ مخصية..!
وضحكات الأطفال المشاكسين في الأزقةِ ..تحت شرفتكَ تماماً يرمون الحجارة الناعمة إلى الأعلى ويلتقطونها بكفوفٍ وحفنات تتسعُ لقبلة أو وردتين ..!