هدَّدني العزيز فهد عمّار بأنه سوف يحبسُني في "طبلة المسحراتي" لو استمررتُ في الكتابة حول "تجميل القبيح" في عمودي هنا. والحقُّ أنني لا أخشى شيئًا خَشيتي طبلةَ المِسحراتي التي كانت مُربيتي، في القديم وأنا طفلة، تهددني بأنها ستضعني فيها إن لم أكملْ التهامَ صحني. وكنتُ وقتها أخلطُ بين "الطبلة"، و"الطابية"، فأظنُّ الطبلةَ قلعةً ضخمة يسجنون فيها الأطفالَ الأشقياء الذين لا يسمعون الكلام، ويهربون من شرب اللبن.
ولأنني مازلتُ "أرهبُ" صوتَ طبلة المسحراتي حتى الآن، وهربتُ للسكنى في مكان لا يأتيه المسحراتي، ولأن رمضانَ والمسحراتي على الأبواب، ولأنني بالفعل أخافُ أن يُنفِّذَ المتوعِّدُ وعيدَه، ولأن الأستاذ فهد
العقلية الرهبانية ليس مرتبطة بنمط عيش الرهبنة الذي نحترم خيار من ينتهجه ، إلا أنها متأثرة بتكوينها بمفاعيل هذا النمط ، فهي تنفصل عن المنطق و البراهين و التحليل المنطقي و غالبا ما تحتكم إلى اصطفاءات تبعا لعقيدتها التنزيهية و إسقاطها على الآخرين مانحة إياهم بطاقة عبور إلى الجحيم أوالى الجنة .*
و سياق الاصطفاء الذي تنتهجه يجعلها تضيق في فهمها لعلاقة الإنسان بالله ، و يصبح كل من يخرج عن أسلبتها لهذه العلاقة خاطئ و مهرطق .
حالة العجز الذهني التي تصاب بها هذه العقلية ، تصبح منهجا لقراءة أي نص سواء
يقول مثقف ثوري، أن معرض الكتاب يحتوي على أربعين ألف عنوان، ويشغله سؤال، (الملحد) الذي يتحول الى ديني، ويشغله أكثر: - التحقيق الصحفي الذي يمكن أن ينتزعه من مساحات معرض الكتاب في معرض دمشق للكتاب، والمقام في مدينة المعارض منذ أيام. مايشغلني، ماليس يشغله، وللأسباب التالية: أن يكون في معرض الكتاب أربعين ألف عنوان ، فهذا يعني محصلة جهود أربعين ألف كاتب، ومترجم، ومدقق لغوي، وطبيع، وكلهم اجتمعوا لحصاد خسارة في معركة
ربما بسبب الفشل المتوالي أو الخيبات المتراكمة ، أو ربما بدون سبب أصبحت أحلامي تبتعد عن المنطق والواقع ، ولم تعد تقتصر عند بيت أو سيارة أو دخل جيد أو فتاة جميلة أو هامش من الحرية .....الخ
صارت أقرب إلى السريالية أو السروالية .
أحلم أن يكون لدي ماردٌ يخرج من أذني كلما حككت رأسي .
ماردٌ يجلب لي سيجارة لأتنفسها بكل جسدي كلما ضايقني الأوكسجين.ماردٌ أطلب منه أن يعيدني خمسة عشر عاماً إلى الوراء ، لأعيش يوماً واحداً مع
حين افترض الإنسان أنه
متميز عن باقي المخلوقات لأنه يملك دماغاً وغدة درقيةأحبط السماء..
وغير فكرتها عنه..
وحينما افترض الإنسان أنه أفضل من الضب والجندب والجرذان والضباع والسباع والنسور وطيور الكركي والبجع وشتى الطيور الغبية المهاجرة والبكتيريا والطفيليات واللافقاريات والكوبرا وزميلاتها والتمساح والفيل وسمك النهر والخيول والفهود والدببة والذباب والقطط والقرود والضفادع والحمير والغزلان والذئاب والصراصير والخفافيش والكلاب والسناجب والعناكب والعقارب والأرانب وكافة الجراثيم
خمسة ملايين جنيه، لليلة واحدة من ليالي عمرو دياب.. ليلة يغني فيها ثم يشحن أجوره.
خمسة ملايين جنيه ولانعلم بالظبط والتحديد، أي نوع من الجنيهات فان كانت استرليني فهذا يعني أنها تساوي مايزيد على أربعمائة سنة من حياة محمد ديبو، الشاعر السوري، الذي لايخلو منتدى ثقافي عربي من تواجده، ولا تخلو بنت تنتج ثقافة من لمسة غزل يكتبها فوق جبينها، ولايخلو حرف من العربية من تعدياته وخصوصا السين التي تصبح ثاء.
ديبو، مازال يمشي في الشارع.. يظهر في المقهى.. يبتسم منذ طلوع الفجر، يحتج على المنتحرين باعتبار أن (الحياة حلوة)، وفوق كل ذلك لايفكر أبدا بأن يذهب بصحبتي الى أقرب حفرة لنطمر ماتبقى منا، وماتبقى، ليس أكثر من لغة:
يبدو أنّ عادل إمام لم يتعلّم الكثير من (عمارة يعقوبيان) 2007، ولم يدرك أنّ بإمكانه استغلال الوجه الآخر لموهبته التمثيلية وخبرته في أكبر الأفلام وأهمّها، فعاد في أحدث أفلامه (بوبّوس) –يُعرَض حالياً في سينما سيتي- إلى أسطوانة مشروخة لا تليق به من كل النواحي ووفق جميع المقاييس.. فسنّه (من مواليد عام 1940) لم يعد يسمح بالإفيهات الجنسية الكثيرة التي ملأت الفيلم للتعويض عن بنيته الدرامية المتداعية أصلاً، انطلاقاً من نص يوسف معاطي الزاخر بالفجوات والحامل لحبكة ضعيفة شكلاً ومضموناً، فبدا أنّ كاتب «الزعيم» المفضّل في السنوات الأخيرة (حسن ومرقص، السفارة في العمارة، عريس من جهة أمنية..) أنجز السيناريو على عجل وكيفما اتفق، مع انشغاله بعدّة نصوص أخرى يعمل عليها في الوقت نفسه مثل (أمير البحار)، (رمضان في الشانزلزيه)، (فلوس)، (فرقة ناجي عطا الله)..
الأنين الذي يبزغ من خلف جبال الألم، الحنين المسافر بين طيات الأمل، حينما تعود الكلمات من رحلة ألم طويل، وتتآلف فيما بينها بعشق وحنين، أنين الأيام الطويلة، والكئيبة، رذاذ من الصبر على أغنية طالما أشعلت الأمل والألم في أفئدة كئيبة، كلمات أقوى من صوت الرياح، وأجمل من بريق دمعة في عين عروس، كلمات أقوى من قوس قزح في سماء ملبدة بغيوم ثملة بأنين سحيق، ذلك الألم ما برح فؤاداً رحل إلى لحد كئيب.
تراتيل الألحان ونمنمات الكلمات، الحجل والحجحجيك طارت بعيداً، وحده اللحن الكئيب وصل، لقد ماتت الأغنية هذا المساء، وعلى الجمبش أن يبدأ رحلة البحث عن صاحب آخر، قدح من المي، وأغنية، ونظرة أمل كانت تلكم مجتمعة حول الحجل ليحتفلوا برحيل أبدي، أيما احتفال، إنه احتفال على طريقة الحجل.
لا أدري لماذا تحطّ عيناي دائما على عنوان ديوان الشاعر الراحل محمود درويش " كزهر اللوز أو أبعد" وتسبحان بعدها في فضاء لا نهائيّ من التساؤل حول سرّ هذا الشاعر الذي استطاع أن يدرس خطواته بشكل مدهش ليدخل حقا في صورة لا نهائية من فتنة الكلام ..كل مفردة عند محمود درويش مدروسة أو قل آتية من مشاعره الفياضة لتصبّ في مكانها المحدد دون زيادة أو نقصان .. الشاعر في هذه الحالة مشبع بل مليء بذهب الإبداع وعصير كرمته حتى لتراه مرتويا في كل كلمة،قابضا على جمرة التوهج الجميل بل الرائع في كل جملة .. طبعا لا يأتي ديوان " كزهر اللوز أو أبعد " مفردا في الحكم ، فأنا أقصد عموم شعر درويش وصفحته الإبداعية كلها ، ولكن لقرب الديوان مني متناولا وقراءة أراني في كثير من الأحيان أعود إليه منقبا مفتشا عن معاني السر والسحر معا .. ومن قرأ هذا
سيف سمير، طفلٌ جميلٌ في التاسعة من عمره. يحرصُ، مع أبيه وشقيقه سُهيل، على الذهاب إلى المسجد مبكّرًا ظهيرةَ كلِّ جمعة كي يضمنوا مَجْلِسًا متقدمًا، يقرِّبهم من المحراب وملامح وجه الخطيب، فيغنموا من مُتَع الصلاة أقصاها. جلسوا ينصتون إلى الخُطبة، ثم همّوا لإقامة الصلاة في صفِّهم الأول. وإذا بكهلٍ مُلتحٍ جاء من أقصى المسجد يسعى، جذبَ الطفلَ بغِلظةٍ من ملابسه، ثم احتلَّ محلَّه في الصف الأول! لم يعبأ الشيخُ بنظرةِ فزعٍ غيّمتِ الوجهَ الصغير! ثم وقفَ بكامل ورعه مُطْرقَ الرأس في حضرةِ الله. كظم الأبُّ غيظَه احترامًا لقدسية اللحظة وقداسة المكان، ثم التفتَ إلى صغيره، فوجد نظرةَ الدهشة والخوف لما تبرح العينين البريئتين. أومأ الأبُ لابنه بابتسامة تشجيع تقول: أنْ اِصمتْ واصبرْ.