أظهرتْ دراسةٌ قامت بها مجموعة من العلماء البريطانيين أن النملَ لا يقبلُ إلا العيشَ في أفضل ظروف متاحة. في جامعة بريستول، وضع الباحثون النملَ أمام خيارات: أعشاشٌ قريبةٌ رديئة، وأخرى بعيدةٌ وجيدة. ولم أندهش حينما قرأتُ أن النملَ اختار المشقّةَ وصولاً للجمال؛ علمًا بأن المساكنَ الجيدةَ أبعدُ عن تلك القريبة بتسعة أضعاف المسافة. قليلٌ من النمل اكتفى بالمنازل القريبة، ثم سرعان ما عَدَل عن رأيه ولحق بالصفوة ممن لفظوا "الرداءةَ" طلبًا للجمال.
لا أدري لماذا تذكَّرتُ تلك الدراسة حين وصلتني رسالةٌ غاضبةٌ حول ركاكة لغة المصريين اليوم؟ أيةُ مقارنة عقدَها ذهني بين اللسان المصريّ الراهن، الذي "يستسهل" الركاكة، وبين النمل الذي يسعى نحو الكمال؟
آخر ما كنت أتوقعه أن أزور في يوم من الأيام مكاناً حصرياً بالنساء، وخصوصا المسبح. فأنا لم أتعلّم العوم. ولا أحبّذ الإختلاط. الذهاب إلى المسابح، عموماً، مرتبط لديَّ باكتساب السمرة ليس إلا. بيد أن ما دفعني إلى "التورط" في الذهاب إلى أحد المسابح المخصصة للنساء في العاصمة، هي الكدمات التي تملأ فخذيّ وبطني بسبب الإبر التي أغرسها فيها علاجاً لمرضي المزمن. لذا كان عليَّ أن أخفيها بسمرة أكتسبها من شمسنا الحنون. ولأنني استحي بندوبي أمام الرجال، ظننت أن الظهور بها أمام عيون النساء سيجعلها غير مرئية، لكن النساء لا يسكتن في النساء. عيونهن تلتقط كلّ شاردة وواردة في أجساد غريماتهن. هكذا وجدتني أهرب من الرجال وعيونهم إلى ما هو أقصى وأصعب وأشدّ مضاضة: ظلم ذوات القربى.
المرآة التي في الممر الضيق تعكس صور الداخلات والخارجات. لا نقول "الداخلين
لم يهتم الفلاسفة كثيرا في الماضي بمؤسسة المقهى رغم أن البعض منهم دونوا نصوصهم واجتمعوا بمريدهم فيها ولم تنزل الفلسفة من أرستقراطيتها المعهودة إلى الشارع وتمارس الأرضنة سوى في منعطفات تاريخية معدودة. بيد أن المقهى ظاهرة فلسفية تسترعي الانتباه وتحضر بكثافة هذه الأيام فهي موجودة في كل مكان وأعدادها تتزايد عام بعد عام وكذلك الحاجة إليها باتت ملحة لتحولها الى مرآة عاكسة للمجتمع وتعبير عن نبض الشارع حيث يجلس فيها الشباب الحالم والعاطلون الباحثون عن موطن
في معظم البيوت المصرية، غرفةٌ مغلقةٌ دائمًا. لا تنفتحُ إلا إذا جاءَ ضيفٌ مُهمٌّ. نسميها "الصالون" في المدينة، ونسميها "غرفةَ الجلوس" عند أثرياء الريف المصريّ، و"المَنْدَرَة" عند عامّته. نفتحُ الغرفةَ وندخلُ، خِلسةً مع الضيف، كي نتلصصَ على مكوّناتها. نجدُ فاخرَ الرياش وأجملَه، نظيفةٌ دائمًا، لا شائبةَ تشوبها ولا ذبابةٌ تحوّم في فضائها، أغلى سجاجيدِ البيت تُفرَش على أرضها، وفوق أرائكها أجملُ أقمشة التنجيد، وعلى حوائطِها مصقولةِ الطِّلاء ترتفعُ الستائرُ المكويةُ وصورُ العائلة. وإن كان ثمة مكيّفُ هواءٍ وحيدٌ بالشقة، فليس أولى به إلا هذه الغرفة، التي مخصصةٌ للضيف العزيز، الذي سيزورنا ساعةً أو بعضَ ساعةٍ كلَّ عام. بقيةُ غرفِ البيت، التي يتكدس فيها أصحابُ البيت طوالَ أيام الأسبوع، طوالَ العمر، هيئتُها كيفما اِتُفق، حسبَ ثقافة ربّةِ البيت وآله وصحبِه. هُم أهلنا "ومنّا وعلينا". ما ضُرَّ لو عَوَز الحيطانَ الطلاءُ منذ عشر سنين! ما ضُرَّ لو اهترأت السجاجيدُ والستائرُ والفُرُشُ أو نسيتْ أن تغتسلَ! لا ضير لو انخلعت ضلفاتُ
ليست الكتابة سوى استثمار لغويّ للكثير من آلامنا، والقليل من أفراحنا! ولعلّ رموزاً تاريخيّة- ثقافيّة هامّة استهلكت في الكتابة منذ ثورة المعرفة إلى اليوم، إلاّ أنّ بعضها يبلي الدهر ويظلّ جديداً، ومنها وفاقاً لما أرى ماء الفرات، الذي طالما عددت مجاورته، والانتماء إليه، سبباً في التفوّق على العالم، وكنت كلّما شربت الماء في أهمّ مدن أوربة، أو آسيا، أو إفريقيا، أردّد: إنّكم تستطيعون أن تشربوا أيّة مياه في العالم، لكنّكم لن تستطيعوا دائماً أن تفتحوا الصنبور، فتتدفّق مياه مقدّسة كمياه الفرات، حيث يُشرب الماء بمرجعيّة تاريخيّة، ودينيّة، وأدبيّة. و لايخفى على المطّلعين أنّ أدياناً سماويّة وأرضيّة عديدة قدّست مياه الفرات، ولعلّ المندائيّة أشدّها تقديساً لها، حيث يشترط التعميد بتلك المياه لدخول الدين، كون الفرات أحد أنهار الجنّة، وإذا ما عرّجنا على الإسلام، فسنجد أنّ الرسول محمّداً صلّى الله عليه
بجانب الباب الغربي من مسجد بني أمية وفي بداية حارة القيمرية في دمشق القديمة، مقهى قديم ذو طراز دمشقي، كراسٍ من الزان وطاولات صغيرة، ونراجيل بشتى نكهات المعسل، شاي وقهوة وعصير وكابوتشينو ومشاريب أخرى لا أعرف اسمها، وحكواتي يحكي قصص قديمة في المساء، كل ذلك تجدها في مقهى النوفرة.
قد تبدو هذه هي المرة الأولى لأبناء جيلنا التي نشاهد ونعيش فيها سقوط وغياب أسطورة حقيقية من أساطير الفن في العالم فهذا الجيل لم يعايش رحيل جون لينون أو ألفيس بريسلي أو جيم موريسون أو حتى عبد الحليم حافظ أو أم كلثوم .
ومن جهة أخرى تبدو حياة أسطورة الموسيقى وملك البوب العالمي مايكل جاكسون أشبه بحكاية خيالية بنيت أمام أعيننا سنة بعد سنة وأغنية بعد أغنية وشاهدنا فيها تحولاته و ونجاحاته الأسطورية ومن بعدها سقوطه المشين أمام الرأي العام العالمي نتيجة الفضائح الرهيبة التي عاشها ..ولكن ورغم كل ما يقال وقيل عن هذه الأسطورة إلا أنه وبلا أي شك يجسد المعنى الحقيقي لكلمة أسطورة الأكثر تأثيراً في ثلاثة عقود متتالية من الموسيقى..
طفلة مغرمة بجونكر ودايسكي وببيرو والقرصان سيلفر زعيم العصابة التي تبحث عن كنز . .أيضا كنت مغرمة بقصر ؟ !أخرج من كشكول ذلك الزمن , أنهض برأسي , أشرئب بكامل فضولي: لأستقبل بعيني قنطرة قصر ابن وردان الفريدة . . قصر روماني يتخلل أمداء البادية
ينفّرني أولئك الذين يهدون إليّ عبارات اليقين، ويجذبني الذين يضعونني على شفا فكرة!فالأوّلون يجعلونني في إحساس متجدّد من اللاّجدوى والتعطيل، والآخرون يجعلونني في حالة من الدأب، والعمل، والأمل، ولعلّ الفنون جميعها تحاول أن تجرجرنا بعيداً عن تلك اليقينيّة التي تقودنا نحوها الفلسفات والأديان.ينماز الشعر العربيّ من بين الفنون في أنّه ينزلنا منزلاً وسطاً بين اليقين واللاّيقين، وهذا سبب جوهريّ من أسباب ديمومته، فهو بذلك يحاكي تماماً النفس الإنسانيّة التي توقن بالموت، وتذبّ شبحه عنها في كلّ لحظة. وعلى الرغم من أنّ اليقينيّة والإبداع ضدّان، لعب الشعر العربيّ تاريخيّاً على اليقينيّات، ومع ذلك احتفظ بألق الحضور.يمنح الشعر المتلقّي شعوراً بحتميّة الحدث الذي تتولّد عنه المشاعر، وتتناسل، وما ذلك لأنّه
عندما كتبت (شارب زوجتي) انهالت علي ردود الفعل ممن انشرحت صدورهن وشمتن بالرجل وشعرن بالانتصار، لذلك سوف أتقمصه اليوم وأحدثكِ –رغم انتمائي الفعلي إلى تاء التأنيث- عن معاناته ، إذ يكفي أن أذكرك بمثل قالته جداتنا كثيرا عنه لتشعري بالشفقة لحاله معنا، حيث أنه (داخل حمال طالع زبال)، يبدأ صباحه نهارا بالخروج إلى عمله، وأنت تعلمين أن 99.9% من الرجال غير راضين عن أعمالهم إما لأنهم (الرجل المناسب في المكان غير المناسب) أو لأسباب أخرى تتعلق بالراتب أو الطموح أو الغلاء، المهم أنه ينهي أعماله الشاقة ليعود إلى منزله-واحة السعادة- ليجد إحدانا وقد نفشت له شوشتها وحَوَلتْ عينيها، وبمجرد دخوله إلى المنزل يبدأ مشروع الزن النسائي الأبدي الذي لا يستطيع اينشتاين لو خرج من قبره وكل عبقريته أن يبتكر حلاً لإيقاف اسطوانته المشروخة عندما تبدأ بالدوران، وكالعادة تتمركز مواضيع الزن في حوالي ألف موضوع لا أكثر، أولها وأهمها التقرير اليومي لأعمال الصباح(لماذا تأخرت؟ وأين كنت؟ ومن قابلت؟