"أُصرُخي صَرخِة ميلاد/ أُصمُدي ساعة الألم/ ياما فى الأرحام ولاد/ حلمها رفع العَلَم/ زَغرَدي لاجل اللي جاد/ بالحياة ضد العَدَم/ انهَضي مفيش حداد/ أُطلُبي حق اتظَلم/ أُصرُخِي صَحّي الجياد/ أُنصُرِي حِلم اتهَزَم/ أُعبُري أيام شِداد/ ياما ف البركان حِمَم/ أُمّتي حان المَعاد/ قُومِي يا خيرَ الأُمَم/ إنشِدي لحن الجهَاد/ أيقِظِي فينا الهِمَم."المخاطَب في هذه القصيدة هو "مصر". والمتكلِّم هو أحد أبنائها المغتربين عنها. اسمه شاهين أبو الفتوح. محام شاب، اختارت له صروفُ الحياة أن يهجرَ بلادَه ويعيشَ في النمسا سنواتٍ عشرًا، رزقه اللهُ خلالها ابنَه الأول "أدهم". خاف الوالدُ أن ينشأ وليدُه منبتَّ الصِّلةِ بأرضه الوطن، فراح يكتبُ أغنياتٍ وقصائدَ يغنّيها على مسمع الطفل في مهده كي يوطّدَ عُرى الحبل السُّريّ بينه وبين أمّه البعيدة عن العين، القريبة في متن القلب: مصر.
تضع معظم الطوائف إن لم نقل جميعها مسألة تبشير الآخر في سلم اولوياتها. و إقناعه بعقائدها و مبادئها و تصوراتها للحياة و الآخرة . كما وترى في هذا العمل فضيلة و ثواب يحتسب للمؤمن يوم الدين 0الوسائل و الأساليب التي تتبعها هذه الطوائف لا توفر حيلة أو ذريعة أو خبث للوصول إلى مآربها. فمهما تدنى المستوى الأخلاقي للوسيلة فهي مبررة بفعل قدسية الهدف وسموه 0
الشاعر نرجسي لأن مرآته الحياة , وتراجيدي؛ لكونه لا يريد لهذه المرآة أن يصيبها الكدر, وكوميدي , فالمفارقات السوداء التي تضعه بها مرآته تأخذ كوميديته إلى حدها الأقصى من السخرية التي تكتفي بالتعليق على الواقع والحلم إلى التهكم كفعل هادم وبانٍ بنفس اليد , ومأساوي لأنه لابد له إن كان شاعرا حرا, أن يكون في مواجهة السلطة , فكما الشعر لا يقونن كذلك قائله .شعراء الأندرغراوند كما وسمتهم السلطة , وهذا يعني في المصطلح السلطوي :الشاعر الذي يكتب خارجا عن الإطار المرسوم للأدب آنذاك , كان بردوسكي منهم وأيضا ,كان شاعر ذوبان الجليد الأول الذي ابتدأ بعد وفاة ستالين, فهل وقع بردوسكي ضحية مكر السلطة فقدم لمحاكمة هي مهزلة محضة بحق الإبداع وتكرار لا يمل لعلاقة السلطة بالإبداع وقمعها للمبدعين أم أن الأمر ,
ثمة من أنجز، وثمة من كسر انجازاته.. ثمة من رغب بالانجاز وعجز عنه، وثمة من توهم الانجاز واستغرق بالوهم..
ثمة من لايرى أن لاضرورة للانجاز وأضاف:" كلها خدعة"، وقصد بالخدعة تلك الولادة المخادعة في كرة مخادعة هي الكرة الارضية ، وأضاف الى الكرة جملة مأثورة لوليم شكسبير:" الحياة كذبة يرسمها أبله".
لؤي كيالي أنجز بالاضافة الى اللوحة "انتحاره".
وروزا ياسين أنجزت بالاضافة الى الرواية، مكانا صغيرا في "جرمانا الضاحية" لتكون وحدها ضاحية نفسها.. حديقتها الخلفية والنافذة والشرفة.
أكاد أجزم أن مادة ما يتناولها الناس في مجتمعنا تجعلهم دائمي الكآبة،ربما هو سائل تسرب إلى مياه الشرب أو نوع من الأطعمة أو مادة في هواء البلاد العربية –ربما وضعها حارسو الهواء-تجعل الناس متجهمين وبؤساء وتعساء دائماً.ابنة إحدى -قريباتي وهي طفلة تعيش مع أهلها في دولة أوروبية-،فاجأتني بسؤال صعب بعد عودتها من السوق أثناء قضاء إجازتهم الصيفية هنا،قالت:لماذا يظهر على وجوه الناس عندكم أنهم حزينون وتعساء؟فأجبتها:لأنهم كذلك.
علامةُ التعجُّب المقوّسة في عنوان المقال، هي موضوعُ المقال. هذه العبارة الكوميدية: "السلامُ مع إسرائيل" هي لونٌ من تراسل المعاجم؛ ضربٌ من جمع ما لا يجتمع. مثلما تقول: الثلجُ الحار، الشمسُ الباردة، العسلُ المرُّ، الضجيجُ الصامت، إلى آخر تلك الاستعارات المجازية "الخايبة" التي يهوى بعضُ الشعراء انتهاجها في قصائدهم، تحت زعم خلق حال إدهاش للقارئ. سوى إنني لا أرى في تلك التراكيب إلا استخفافًا بعقل القارئ، ولونًا من "الاستهبال" الشعريّ. كيف يجتمعُ النقيضان؟ كيف يكون الثلجُ ساخنًا؟ إنْ سُخِّن الثلجُ خرج من حالته الصلبة وتحول ماءً، ثم بخارًا، وبذا فقد هويته الأولى: الثلج! وبالمنطق ذاته، إن فهمتْ إسرائيلُ معنى السلام ثم مارسته، خرجتْ عن هويتها وما عادت تحملُ اسمَ: "إسرائيل"، واستلزمها ذلك اسمًا جديدًا، لا أدري ما هو، لأن مقدمةَ الشرط مستحيلةٌ، وبالتالي فجوابُ الشرط مجهول.
يتشابه الناس في شوارع دمشق، في الحميدية، في باب توما، في المساكن، أما في ضاحية الإسكان فتختلف، لأن الناس ينمون بدون ماء "بعل".
التشابه يسحق محاولات تصنيفك لهم طبقياً أو فئوياً أو فنياً، ووضعهم في جداول تعلمتها من مغامرة اختصار التاريخ إلى حفنة قوانين.
باستثناء "عمال اليوم" الذين يجلسون حول دوار ضاحية حرستا، و ركن الدين، و باب الجابية، وأبواب أخرى، و باستثناء داهنات مكياج البسطة الرخيصة، فهم لا يشبهون إلا أنفسهم.
تخمّن أن الرجل الذي عبر بسرعة، هو فلاح "ابن الثورة"، لتُفاجأ أنه رجل أعمال معروف، و أنت لا تعرفه.
لمحةٌ واحدة تكفي لتستنتجَ كثافةَ عدد الأطفال في هذا الشارع، أو ذاك. ولمحةٌ أخرى تُخبركَ عن متوسط أعمار هؤلاء الأطفال، أو إنْ كان من بينهم صِبْيَةٌ أكبرُ سِنًّا. أحبُّ هذه اللعبةَ في رمضان. لعبةَ التجوّل في شوارع القاهرة، والحدس بأعمار أطفالها، دون الحاجة لأن أراهم. رمضانُ في مصرَ لا يشبهه رمضانُ أيةِ بقعةٍ من بقاع الأرض. هو في مصرَ أجملُ وأكثر ثراءً. يعرفُ المصريون كيف يخلقون من مناسباتِهم الدينيةِ طقوسًا دنيويةً مبهجةً، فيغنمون المتعةَ الروحية والاجتماعية في آن. ويعرف الأطفالُ المصريون كيف يجعلون شوارعَهم تختالُ ألوانًا وفرحًا في رمضان، حتى لتكادَ ترى الشوارعَ والحواريَ والأزقّةَ تضحكُ، وإنْ أصختَ السمعَ، سوف تسمعُ هذا الشارعَ يقول: "لديّ أطفالٌ كثيرون يغسلونني بالفرح.
من قال أن الجسد لايتوه في جسده، ومن بوسعه استنكار ذاك الاغتراب بينك و :" بينك"؟ ومن قال أن التدمير الذاتي ليس سوى التكريس الممنهج للاحتجاج على الجسد، وهل بوسعك أن تعطي مسافة للمجازفة في أن تقارن جسدك بـ:
جسد من طراز باراك اوباما، المثقل بالتاريخ، والقادم من الرحلة الافريقية الاولى، وقد حطت متاعها عام 1620 على شواطئ الاطلسي، ليرحل أربعمائة سنة ويعود الى كينيا، رافعا احدى وخمسون نجمة هي مجموع العلم الامريكي الذي انحنى لحضرته؟
وكيف سيخطرك، وأنت المواطن الصغير في التاريخ المبتذل والصغير، أن ترفع "جسدك"، أمام ذاك الجسد الهائل، لاله التراجيديا المغرقة في الضحك، وتقول لوليم شكسبير:
هذه المرة ظللت أسأل نفسي ، لأني _ صراحة _ لم أجد أحدا ما لأوجهه له .
. لماذا نحنُ _ بلد الشعراء والأدباء والمثقفين _ نصدِّرهم ، وبعدَ فترة يعودون _ أو لا يعودون _ مدموغين بخـتم : ( صُـنِـعَ في الخارج ) ، مع أنَّ هذا المثقف أو الشاعر أو الكاتب أو القاص ... سوريّ ، لكن لماذا ارتحل ، مالذي أجبره على ذلك ، هل وجدَ شيءً أفضل مما يجده في وطنه ؟؟
هل وجدَ فرصة تستحق عناء السفر والمجازفة بالأهل والأصدقاء ؟؟ هل تلقى عرضا مغريا لم لن يحلم بهِ إن ظل هنا ؟
بالطبع ستكون الأجوبة بدهية ، ولو لم تكن كذلك ، لماذا _ وفي كل موسم جديد _