وبعد أن بدأت الحربُ !
الحربُ ...
الحربُ التي أخذتكَ إلى تلك المدن المنحسرة على خرائط العالم.... دون حنوٍ
مثل مدينتكَ .. مثل أمّكَ .. مثل أمهات الأصدقاء
وزيارات الأعياد الرتيبة في قلوب من كانوا فيها ... من ماتوا فيها ... من تركوا ثيابهم لأبنائهم!
وأورقاهم الشخصية وكتبهم وصورهم المغبرة على الرفوف أو على جدران منازلهم ...!
تلك هي المدينة التي تضع كفّها على رأسكَ وأنتَ نائم ..
أبحث عن الأحلام، في الصّباح أفسّر ذلك الحلم البعيد، أعطيه من ألوان الزهور.
أغادر إلى عوالم أخرى في المجرة، وتسبح روحي بين النّجوم
من أجل الأحلام التي أعتقد أنّها قيد التّحقيق، كي أضيف لها الخاتمة،
ومن أجل أن أكتب مذكراتي عن يوم من الحياة على لوح ذاكرتي.
لم يعد لي لوح ذاكرة. قضى في ظلمة الليل تحت وقع الرّيح، وصوت الموت، وصراخ النساء.
يسكن جسدي عالم من الحطام يزيح السلطان عن عرشه، يعانقني في الليل، وفي النهار.
ضجيج يرتفع في رأسي ينذر بنوبات فزع.
أنا ازعُم بأن كل من يتاجر بضحايا تلك الحادثة المؤسفة ويلعب من خلالها على الوتر القومي يُعتَبر بعيد عن القيم الوطنية ، ويفتقد لجانب كبير من الأمانة العلمية والاخلاقية التي تُحتم عليه ذكر الحادثة بدون عكس الوقائع وتحويرها واخفاء جانب من الحقيقة واستخدامها في أُطُر سياسية قومية.
ويُفتَرض ايضاً بالأحزاب الكُردية والشخصيات الكُردية المستقلة في سورية التي تعمل اليوم في إطار المُعارضة السورية أن تكون سباقة في الحديث عن حقيقة ما وجرى ، وليس المساهمة في ترسيخ مبدأ "الهولوكُوست" والتطهيّر العرقيّ الذي يستهدف قومية معينة بحد ذاتها ، فهذا فضلاً عن أنه غير صحيح ،
فاكتبي ياغاليتي حرف الألف فكتبته, قال فلتكتبي حرف حنانك وحنينك بعده, فكتبت الحاء, ثم باء قلبك الطيب , فكتبت الباء , ثم عليك بحرف الكاف فأنت سيدة الفعل , وأكملي بعد فراغ صغير, فاكتبي باء ثانية, تليها جيم الجنون, ونون المنتهى, وواو العطف على قلب مفرط بالهوى, ونون نهايته الرائعة معك, آه ماذا قال : أحبك بجنون. أحسست أني فراشة بهذه اللحظة, أتمنى أن أطير, أن أحلق عالياً, أحبك بجنون, هكذا كتب لي, وذات مساء وبعد أن مرت أيام أخذنا فيه حديث الأخبار , والهموم, قال لي:
فقد اتقنا فن ممارسة الابتهال لبغايا الوعول الآتية واغتيال الوقت الرطب في غير موعده كي نربح النهود المثلى تحت اللثام، نحن نتعلم ونورث أطفال العشيرة كيف يبارزون الحياة بأحداق غير مفسرة وكيف ينتعلون الملامح بلون المطر الصيفي وحتى اشتهاء الموت الهزيل وكيف يقضون على كل عود غض في رحاب الهشيم حين يكتب على جدر الحكايا قصائد التطاير الملتهب ،نحن رجال القبيلة حراس أمناء لفقه البلل والبول الكريم ، نجيد فن حماية المواخير و الآيات العطرات ورائحة اللحم النيء
أنا سوف أمضي .....
سوف أضعُ خيانات الأصدقاء في جيبي الخلفي ...
وثرثراتهم ... عليّ ... واغتيابهم لي
ومحاباتهم لي ... ومدحهم لي حين تكون حذوي أنثى تتمرّى بعيونهم
وحتماً .... لم تخني !
ولم يفعلوا مثلها إلا ...... بعدما ... بعدما غبتُ للحظتين بين ساعة الجدارِ أو ... التفاتة قصيرة عن قصدٍ أو عن غير قصدٍ إلى ذاكرتي
أو إلى أي شيءٍ في تلك المساحة التي تُسمّى .. عرين الوفاء ..!
وعلى سبيل المثال أيضاً فإنّ الدولة الإسلامية" داعش" تستعمل العالم الافتراضي بطريقة تستطيع من خلاله جلب المجاهدين الذين يحلمون بالدينار الذهبي، ونظام التأمين، والتّقاعد وغيره، وتستقطب علماء، وخبراء نفط، وبنفس الوقت تقطع الرؤوس، وترجم بحجة تطبيق الشريعة، وعلينا أن لا نستبعد أنه لو قدر للدولة الإسلامية الحياة، يمكن أن تصبح فيزا العمل إليها أهم من فيزا العمل إلى السعوديّة.
أعتذر سيدتي فأنا اليوم لن أعطيك لاجواز سفر ولاهوية , أنا اليوم هنا بأمر الحب. بأمر الحب , بلى سيدتي أنا اليوم هنا ولن أغادر هنا مفرداً, هكذا أمرني الحب مولاتي, فمارأيك بالحب وأمره, فرح وجهي ملأ المكان عبيراً مختلفاً , حفيف أضلاعي مذ عرفته, كان يخبرني عن الهوى قصصاً وحكايات, وأنا المنذورة لأمر عينيه بالهوى , رحت أتراقص على أنغام فيروزية متخيلة , وقلبي يعانق عينيه مراراً بأمر الحب.
يا سيادة الرئيس أعطني قلادة النهر الذي يذهب وليس له أن يعود ، الضفاف هنا تموت والتواصل يجف ،الخوف يخنق ، الهزيمة تطعن والرجاء يكرر الوعود المؤجلة ، لكنا نعرف أين تعيش أوطاننا مغتربة بين طموحات بنات آوى ومن أي وجع نسلك الصعود ونجتاز براري التقاطع والطاعون ، سنعود هذه الليلة نضم أعشاب البرد وحطب الثأر ولعنة غضب النون ،نوقد هشيما يضوي ، يأكل البعوض والسيف والشريعتين ، حينها تدرك الأفاعي أن الرقص أمام النار صعب .
الحرب التي بينكما تتجدد ...!
الحرب التي بينكما تتمدد ...!
الحرب التي بينكما طويلة كالنظرات التي كانت بينكما في اللقاء الأخير !
تتقنين الحربَ ... تهيئين له الساحات والنوافذ والشوارع والجثث والنزف والصرخات
والدهشة ..... وليس عليه سوى أن يبدأ الصراخ !
يتقن الحربَ .... يرتب لكِ الساحات والنوافذ والشوارع ويجمع الجثث ويمسح الدماء ويغطي الصرخات بدهشة القتلى .....