نورا التي من حنين وخوف وأسئلة كافية لإقلاق آلهة الأولمب وآلهة السفوح والوديان، نورا التي تتكوّر على أطفالها الخمسة وحيدة، في أحد المدن التركيّة، نورا لا تستطيع أن تنسى اللحظات الأخيرة التي اقتادوا فيها زوجها "رائد خرّيط" مع أقاربه إلى الموت، الموت الذي يمحو أثر جثث الشهداء، فلا قبور ولا زهور ولا من يأخذ بالخاطر ويطبطب على الروح، بكلمة أو بدمعة.
الآن وبعد مضي عقدين من الزمن على تلك الحرب (والتي أثبت العالم حينها فحولته الجنسية –على كل ثمة علاقة تربط الحروب بالدوافع الجنسية فصلها علماء النفس ) يعاد الفيلم ذاته لكن المغتصبة هذه المرة هي سوريا والتي لم يجرؤ أحد على مر التاريخ أن يبيح اغتصابها بهذا الشكل .هاهي اليوم وبمباركة كل الساديين في هذا العالم تُعرى عنوة ًوفي أي وقت يريده الوحش القابع في قصره يترك كلابه تنهش
الأغنية .. كانت في البدء
النوافذ الخشبية العالية مفتوحة على الملأ والنارنج، مفتوحة على الضوء المغسول، مفتوحة على أصوات الغائبين، على الحواري الثرثارة كذاكرة غراب، والأزقة العتيقة العابقة بالرطوبة وفوح الياسمين، مفتوحة على الشوارع السوداء البازلتية الحارّة، فمن توقدها الغاني كان نصيب ولادتنا
في واقع الحال، فإن أيّ مراقب موضوعيّ لطبيعة النظام الإيرانيّ فإنه يدرك بسهولة أن تهديده لاسرائيل ما هوَ سوى فقاعة إعلامية يطلقها بين حين وآخر كي يحظى بالشعبيّة في العالم العربيّ والاسلاميّ تمويهاً لمخططاته المكشوفة في السيطرة عليه. ليست فضيحة " ايرات غيت "، في نهاية الثمانينات، هيَ ما يفضح نفاق حكومة طهران حسب؛ وإنما أيضاً مجمل سياستها منذ استلامها للسلطة وحتى اليوم. إذ لم تقم ايران، عملياً، إلا بخدمة اسرائيل من خلال نظرية " تصدير الثورة الاسلامية "،
منذ وصولي إلى مصر من ستة شهور تقريباً وأنا أتعامل مع كل الفئات البشرية, فإذا كان البقّال و بائع الخضرة ...و التلميذ و المدرّس ...و بائع الروبابيكيا / الأدوات المستعملة / و بتوع العيش / الخبز / و الجزّار / بائع اللحمة ... و ا لصيادلة الذين اشتريت منهم الأدوية و كل الأطباء و أطباء الأسنان الذين صادفتهم ... و بوابو و بوابات العمارات التي سكنتُ... و عمال النظافة ..و سائقو
في يوم مضى اشتريت ثياباً . كانت أثمالاً ليس فيها من مظهر الثياب إلا خيوطها المنتوشة ، بينما لبس كلبُ صديقتي معطفاً من الحرير اشترته له من أماكن الموضة . جلبته معها عندما زارتني ، وجلبت طعامه معه . لم يأكله . هو متخم من الشّبع . صنعتُ ماتبقى من طعامه فطائراً أكلناها كوجبةٍ لذيذةٍ في عطلة نهاية الأسبوع . ينحني المجتمع احتراماً لصديقتي . بعد أن غادرت حيّنا في العشوائيات
إلى حيّ في وسط المدينة . كان هذا بعد زواجها
الثورة تأتي وتحملنا دون سؤال
تأتي مبتسمة أو مكشّرة،
فنخافها أو نحبها ونمضي معها،
تبدو منطقية ومحقة كيفما كانت
والأسماء صدى الحارات في الذاكرة. كيف لي أن أغسل دمي منها،وللمدينة شكل كريّات حمراء وبيضاء وكريّات معجونة بالفرات، وللهجة ناسها في الأسواق، ذلك الإيقاع الذي يجعل شوقي إليه فضيحة لا أريد نكرانها، أريد سماع أصواتها تتردد على سمع الدنيا إلى أبد الآبدين: التحايا، قرع أبواب البيوت، المسبّات، أصوات الباعة، هلاهل أعراسها،
ومن المنطقي تحميل النظام السوري مسؤولية تصحير المشهد الفكري ومأسسة الجهل والتجهيل عبر وسائل ثقافية وتربوية وتعليمية متشابكة تتشارك في سعيها الدائم إلى الهيمنة والتفتيت، وبأن ما يخرج اليوم من إفرازات لا يعدو كونه نتيجة حتمية لتحييد الفكر والثقافة عن التأثير في المجتمع وتأجيج الانغلاق الديني والمذهبي والقبلي والمناطقي، في ابتعاد صارخ عن فكرة المواطنة
نستطيع العيش بلا ذاكرة فهل نستطيع العيش بلا نسيان؟ «نجّني يا ربّ من نسيان النسيان!» يقول الشاعر. النسيان هو الحجر الفلسفي، الينبوع الذي في الاغتسال به تتقشّر الروح.
والفيلسوف يجيب الشاعر: «بل حذارِ نسيان التذكّر، لأنّ الذاكرة هي فكرك وروحك، وبدونها أنت نبات».
الأوّل يهجس بالطمأنينة والآخر بالأخلاق. الشاعر يلوذ من نفسه بالمجهول، بأجنحة المخدّر،