كان يلقي القبل على المارةِ
ويضع باقات الورد على عتبات البيوت،
رأيتُ جسدهُ الشفاف يلمعُ في الظلام،
للحد الذي كنتُ أبصرُ فيه النحل يحطُ
على دمهِ ويمتصُ الرحيقْ.
صفحة صغيرة بيضاء.. بيضاء، كيف ستّتسع لآلاف الشهيدات السوريّات في عيد المرأة العالمي؟ وكيف ستتسع مئات ألوف الهاربات خارج الحدود؟ ملايين النساء تحت رحمة المدافع والطائرات وكل أشكال الموت، مئات النساء في سجون وأقبية ترتدي طاقية الاخفاء. يحتفل العالم بعيد المرأة العالمي ويتناسى نساء سورية، يحتفل ودمهن مازال يصرخ ويصرخ في ضمائر فقدت أحاسيسها. العالم يشعل الشموع ويتفرّج على دم ورود السوريات المسفوح في الطرقات والمنافي
تمر دقائق وتغدو الرائحة قريبة جداً، يظهر الحشد الغفير من الناس وهم يحملون أغصاناً وأزهاراً ملقاة فوق خشبة.الأطفال، ابتهجوا برؤية رجال أشدّاء وهم يحملون أغصاناً وأزهاراً تحت القصف. كان الأطفال يأملون أن يكبروا مثلهم ليحملوا أغصاناً وأزهاراً. بقوا في أماكنهم وهم يرددون الهتافات بغبطة محركين رؤوسهم يميناً وشمالا، اقترب الحشدُ واتضح المشهدُ أكثر، كل عشرة رجال كانوا يحملون الأغصان والأزهار ذاتها
لبس عمر ابتسامته واعتمر سعادته وتألقه، وتوسَّد الوطن. لم ينسَ دواءه، ولكنه ما عاد يحتاج إليه، وهو في عالم المغفرة؛ لم ينسَ زوجه وابنه وبنتيه ، لأنه لن يكون على أية حال بعيدا عنهم؛ لم ينسَ أصدقاءه ومحبيه، فهو سيظل يطل عليهم بين الفينة الأخرى، لشرب كأس نبيذ وتبادل آخر الأخبار والحديث عن أنطونيو نيغري والفورديزم والنيو ليبرالية المتوحشة.
نعلم أن المتوفى من أجدادنا ما كان يمرّ إلى الفردوس إلا بعدما يقرّ فى المحكمة الأوزورية قائلا: «لم أقتل، لم أسرقْ، لم أشتهِ زوجة جارى، لم أكذب، لم أشهد زوراً، لم أغش فى ميزان، لم ألوّث ماء النهر، لم أكفر، لم أرتكب خطيئة، لم أتسبب فى بكاء أحد، لم أشِ بأحد، كنتُ عيناً للأعمى، ويداً للمشلول، وقدماً للكسيح، وأباً لليتيم، قلبى نقى، ويداى طاهرتان».
فاجأتني رسالة الأديب العراقي صباح كنجي، بالحديث عن قصيدة "استشراف" المنشورة في كتابي " بصمات جديدة لأصابع المطر" التي مضى على كتابتها أكثر من عشرين عاماّ؛ أمر مثير للاهتمام أن يتذكر الأديب صباح قصيدة سمعها في أحد الأمسيات، وتبقى هذه القصيدة عالقة في الذاكرة. بل وأكثر من ذلك، يقول عنها الاديب صباح:
تذكّرت قصة تشيخوف الرائعة، " موت موظف "، حينما تابعت ردة الفعل الناجمة عن مقتل الفنان ياسين بقوش. كلاهما، الموظف والممثل، كان صغيراً في مهنته بنظر الآخرين إلى حين لحظة رحيله. وإذا أهملنا جانباً نهاية ذلك الموظف، في القصة الخيالية، فإن خاتمة حياة ممثلنا، الراحل، كانت لا تقلّ مأسوية. الملاحظ، أن ياسين بقوش لم يحظ بصفة " الفنان الكبير "، والتي كانت تطلق جزافاً، غالباً، على الممثلين ممن ناهزوه في السنّ: إن شكلَ الممثل،
أستحمُّ بالضّوءِ,فيخرجون من النّصِّ
شخصياتُ نصوصي تتنافسُ فيما بينها. اخترتُها بعنايةٍ. أغلبُها ناصعٌ يضجُّ بالحياة. وضعتُ أسماءَ بعضهم عناوينَ لدوواينَ شعرٍ,.ضخّمتُ شخصياتهم إلى حدّ الانفجار. وصفتُهم بالكرماءِ, العظماءِ, الأغنياءِ الحكماء. أضعهم في مواجهتي. يصفعونني, فأنحدرُ إلى عالم الرّعاع. كيف أكونُ مثلَهم وأنا من يصنعُهم ؟
مررنا مع مجموعة من الأصدقاء المصريين بطريقنا إلى شرم الشيخ ....تلك المدينة الحضارية التي تماثل بجمالها و نظافتها و تنوع بشرها و رقيها مدنا عربية و أوربية ... مررنا بكتل طبيعية مرتفعة عن الأرض ... شيء ممكن أن نقول عنه جبيل تصغير جبل ... لم أدر كيف وصلت إلي صديقتي منى و هزتني من كتفي و قالت : مديحة... مديحة .. شفتي يا حبيبتي؟! قلت لها: شفت إيه ما اعرفش تقصدي إيه. قالت: الجبال دي عندكو منها؟ و هنا انتابتني هستيريا من الضحك بحيث ضحك الجميع ...
هناك في المنزل القريب من ساحة السيوف، كنا نحمل سيوف جسدينا ونغرسها بروية في عمق أنفاسنا، فتتعالى أصوات المعركة ونهبُّ نتصارع دون أن يحلم أحدٌ بالفوز أو الخسارة، وحدها المعركة تمنحنا الثقة بأنفسنا، المعركة تقودنا بلا حدود وتزرعنا حوافاً للفراغ من جديد... كل يوم كنا نخوض معركةً في نهاية المضيق الذي يزداد ضياء مع كل انحناءة وكل سطو على المساحات المشغولة فينا...