إن شعرية 'جمال القصاص' في ديوانه 'نساء الشرفات' لا تفتأ أن تأخذ مكانها اللائق بين شعرية أنداده وأقرانه حتى تكشف عن تمايزات ربما كانت من الندرة بحيث تجعلها معدودة ومفردة. فثمة اعتقاد سائد بين أوساط الشعراء العرب ـ لا سيما الشباب ـ بأن شعرية معتمدة على هشاشة الرومانسية لا يمكن لها أن تمتلك أفقا يحلم بالمستقبل، لأنها لا محالة واقعة في أسر شعرية راسخة وتليدة أتت على قوس الأسلاف. وهو قول فيه الكثير من المجانية ويخلط بين واقع الشعرية والحلم بتطويرها،
جعت, فلقد اقترب المساء, وكان لابد من العودة. فجأة تذكرت الزهرة العملاقة, فرجعت مسرعاً سرعة أقرب إلى العدو. دخلت إلى البراكية أتأمل الزهرة فلابد من الاحتفاظ بها نضرة لأفاجئ بها صديقي المصور القادم غداً. دخلت البراكية, وصدمتني رائحة عجيبة, رائحة جيفة, فتخيلت أنها قطعة لحم سقطت من الثلاجة, فهبطت على ركبتي أبحث عنها, ولم أجد أثراً للحم, ولكن الرائحة قوية, وتخيلت للحظة أنها لفأر, وهبطت أبحث عنها تحت السرير, تحت الطاولة, خلف الثلاجة, ولكن لا فأر.
ي «اعلان سورية» الصادر بعد اجتماع عشرات من المثقفين العلويين في القاهرة قبل اسبوع، أكثر من اشارة الى أن الاختلافات المزعومة بين فئات الشعب هي من صميم تعدديته، لكن النظام هو من ضخّمها وضخّ فيها الوساوس والأضاليل لتوظيفها في تسلّطه. فهؤلاء العلويون، الذين سكتوا وصبروا وفقدوا آلافاً من عائلاتهم وطائفتهم، وجدوا أن «الخط الأحمر» قد ظهر أخيراً، وأن لحظة واجبهم تجاه الوطن والحقيقة قد أزفت، ولو متأخرة. وفي ذاك «الاعلان» إقرار بأن الدمج بين النظام والطائفة العلوية
لا بد أن أبدأ هذه المقالة باعتراف هو أنني كنت أعتبر العقيد رياض الأسعد حجر عثرة في وجه تطور الجيش الحر ووحدته، وأعتقد أنه يرى الأمور من خلال ذاتية متورمة، ويريد البقاء بأي ثمن على رأس هرم عسكري لا يملك المؤهلات اللازمة لاحتلاله، ولا يستحق أن يكون في قمته. صحيح أنني لم أخبر أحدا بما كنت أفكر فيه حول العقيد الأسعد، لكنني كنت كلما ذكر اسمه أستعيد هذه الأفكار، وأستهجن في نفسي المواقف التي يتخذها، كما كنت أعتقد أنه ألعوبة بيد مخابرات دول خارجية: إقليمية وعربية،
ما جرى معي اليوم في الحديقة أنني بدأت أجهش بالبكاء بسبب رواية ! الرواية للأميريكة " إليزابيث جيلبرت " (طعام، صلاة، حب) بترجمة زينة إدريس. وقد بدأتُ قراءة الرواية من فترة بعيدة، ومنذ فقراتها الأولى دهشت بها وبقدرتها على جذب وسحر القارىء بكلية كيانه وإحساسه وثقافته وجوعه المشروع للجمال الأدبي وحقّه في أن يشعر بمطلق المتعة مع الأدب. حتى إنني تعمدتُ ألا أسرع في قراءتها خوفاً من انتهائها ! وهذا نادرا ما يحدث معي في صدد رواية هي الأولى لصاحبتها
عندما وقف المستشار الألماني بيسمارك، في مجلس النواب ذات يوم ليصرخ أمام أعضاء ذلك المجلس «الرايخستاغ» طالباً منهم أن يكفّوا عن التهجم على الشاعر هينريش هايني، قال بصوت مدوّ وهو يعرف ما لصوته من تأثير، وما لمكانته من أهمية، هو موحّد ألمانيا وبطلها في ذلك الزمان: «لا تنسوا أيها السادة أنه هو، من بعد غوته، كان مؤلف أجمل الأغاني التي كتبت باللغة الألمانية». وأعضاء «الريخستاغ» الذين كانوا يحاولون النيل من هايني في ذلك الحين كانوا، في الحقيقة، يعبّرون عن رأي عام،
أغلق عليّ داخل علبة سوداء...بعيدا عن النّاس
بعيدا عن المدنيّة...بعيدا عن النت* الّذي أخذك منّي
في ليلة حميميّة صارخة
دع جسدك الّذي أعشقه يحدّثني
عن شهواتك المحكوم عليها
في البدء كان الشيطان مجرد سؤال, استفهام استنكاري " أأسجد لمن خلقت طينا؟ ". ثمّ تحول السؤال إلى اعتراض ومحاججة فصارت المحاججة جدلاً وانتج الجدل لعنة أبدية وأصبح الشيطان ابليساً, من الفعل أبلس أي يأسَ وقنطَ. فأقسم أن يكون مغويا لأدم وزوجه, بماذا أغواهما؟ بالمعرفة والخلود وعندما أكلا من ثمار المعرفة أُخرجا مما كانا فيه وهبطا إلى ساحة التجربة المعرفية القاسية. خرجا من جنة القرود إلى غابة السباع, فكان الشيطان لهما شريكاً والمعاناة لهما قريناً.
قدم المماليك إلى مصر عبيداً, وقتلوا آخر ملوكهم طوران شاه, واستولوا على الحكم لما يزيد عن المئتين والخمسين عاماً أصلاء حصراً, ووكلاء عن الا مبراطورية الجديدة "العثمانية" لثلاثمئة سنة أخرى. استولوا على الحكم, وشكلوا أرستقراطية عسكرية منفصلة تماماً عن الشعب "القلاحين" كما دعوهم, ودخلت كلمة "فلاحين" بهذه الصيغة حتى اللغات الأوروبية, انفصلوا عن الفلاحين في تمييز عنصري يذكر بالانفصال العنصري البغيض للرس عن السلاف - الشعب الأصلي في تلك البلاد
عند إجراء الحسابات السياسية، من الأهمية بمكان أخذ جميع الاحتمالات بعين الاعتبار. فعندما يكون هناك حدث معقد ومركب ومتداخل كالثورة السورية، تصير الحاجة أكبر إلى سبر أغوار السياسات والخطط الدولية الموجهة نحو وطننا وشعبنا، الذي أثبت أنه لا يتردد في دفع أي ثمن من أجل حريته والتخلص من نظام تحول إلى رمز للوحشية في عالم يجد صعوبة في تصديق ما تقع عيناه عليه من وحشية، يمارسها نظام يفعل بشعبه ما لم يسبق لأي نظام آخر أن فعله بشعبه.