خالُ أمّي، الذي توفيَ حينما كنتُ في الصف الأخير من المدرسة الابتدائية، أتذكّرهُ دوماً بشعره ولحيته، المجللتيْن تماماً بالمشيب. كما أستعيدُ هيئة الخال، بمشيةٍ مُميّزة تظلعُ إلى جانبٍ بسبب العرَج في إحدى قدَمَيْه، المُبتلى به مذ أن كان في أوج الرجولة. بيْدَ أن الضربَة الأخرى، التي أصابت ركبته فيما بعد نتيجة انزلاق طوبة اسمنتيّة من يدِهِ، كانت هيَ القاضية على حياته بفعل الغنغرينا. حياة " عكاش "، العائلية، لم تكُ أفضلَ حظاً. إذ توفيَت زوجته، مُبكراً، مخلّفة ً وراءها صبيّاً صغيرَ السنّ تكفّلتْ لاحقاً بتربيتهِ " ريما "، الطيّبة
توجد حالة مشتركة إلى حد كبير بين آل الأسد في سوريا والملك الفرنسي لويس السادس عشر، وهي السيطرة على الدولة، فقد قالها يوما جده الأكبر الملك لويس الرابع عشر: «أنا الملك.. أنا الدولة»، مع الأخذ بعين الاعتبار أن قبضة آل الأسد على الدولة كانت أشد وطأة، ولم تكن أبدا لمصلحة البلاد، وإنما لمصلحة قوى إقليمية عدو للشعب السوري والتاريخ السوري والحضارة العربية.
من ناحية ثانية، لقد كانت علاقة الملك الفرنسي لويس السادس عشر بشعبه ورعيته منذ أكثر من مائتي سنة أرقى وأعظم حضارة من تعامل آل الأسد مع الشعب السوري.
إن الأغلبية التي ساهمتْ في توثيق هذه الجرائم -التي سوف يتضح لاحقا أنها جرائم حرب لا تحتاج إلى قضاء ليفصل فيها - اشتغلتْ في هذه العملية سعيا لإيصال الحقيقة إلى الفضاء الشاسع من دول و شعوب لتسانده في سعيه إلى الحرية و الخلاص , فإذ بها لا تصل لهدفها , لتكون هذه التوثيقات حكرا على أهل المصيبة وحدهم , فما وصلت إلى المجتمع الدولي و هم وحدهم من يحزنون .
الثورة السورية التي استنزفتْ روحها و هي تشاهِدُ دمها يُزهق في الشوارع لم يشاركهم أحد في هذه الرؤية إلا حالات فردية
هيئة التنسيق، لأسباب وخلفيات متعددة، تعي هذا الخط الأحمر وتعمل تحت سقفه، بينما لم يقبل به المجلس الوطني، ولهذا تمت إزاحته وجيء بالائتلاف بديلاً عنه على أمل أن يقبل به، وإذا استمر الأخير في رفضه فلا أسهل من إيجاد كيان ثالث…ورابع ….وعاشر، بينما يستمر خلالها فرض الأمر الواقع على الشعب السوري من خلال عمليات الإبادة الممنهجة التي يتعرض لها على أمل إحداث تغيير ديموغرافي في بنيته يتيح لمن تبقى منه قبول “الحقائق” المفروضة
ويقول الدكتور برهان غليون في كتابه «الدولة ضد الأمة»: «ينبغي أن نذكر بالأثر الحاسم لمسار تدويل المصير الوطني، أو إذا شئنا تعويم الدول الصغيرة الناجم عن تطور الاستراتيجية العالمية وحرمان هذه الدول موضوعيا من أي قدرة على التحكم بمصيرها المادي أو الثقافي». وهذا العامل يقودنا إلى عامل آخر، وهو عواقب الثورة السورية وتداعياتها الإقليمية والدولية انطلاقا من اعتقاد جون ضن بأن «الثورة هي ليست فقط إسقاط النظام». فكما أن الثورة الفرنسية أحدثت تغييرا عالميا كبيرا،
وهذا هو ما جعل الإبراهيمي يتجنب في أول تصريح له، بعد لقاء الأسد، الإشارة إلى الاتفاق الأميركي - الروسي الذي تم التوصل إليه في مباحثات جنيف الأخيرة بين نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ونائب وزيرة الخارجية الأميركية ويليام بيرنز، والذي تردد أن أحد بنوده ينص، بالإضافة إلى عدد من النقاط الأخرى، على إعطاء الرئيس السوري، كنوع من حفظ ماء الوجه، فرصة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي كثر الحديث عنها في الفترة الأخيرة ثم المغادرة بعد ذلك وعلى الفور
ومع أن العلويين لا يزالون يشكلون غالبية القاطنين اليوم، إلا أن نسبة من الطوائف الأخرى بدأت تختلط مع السكان، وتشكل قسما لا بأس به منهم. يعمل سكان الحي عموما في الجيش والأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة والمدارس والصحافة والإذاعة والتلفزيون، كصحفيين ومدرسين وممثلين وفنيين وعمال تنظيفات وحراس نهاريين وليليين. ولكن إلى ذلك، ثمة عدد كبير من سكان الحي يعملون في دكاكين بقالة أو حلاقة أو بيع هواتف محمولة، لا تزيد قيمة محتوياتها عن ألفي دولار،
والكتاب هو هذه العلاقة الجدلية بين سعيد عقل وهنري زغيب، بين الكتابي والشَّفهي، في صيغته المطبوعة. غير أن له صيغةً أُخرى مسموعةً يطرح فيها زغيب أَسئلته، يحفر أَقنية التذكّر شفاهيّاً بدوره، ثمّ ينسحب لمصلحة الكتابي في الصيغة المطبوعة ليمارس آليّات أكثر تعقيداً، بينما يبقى سعيد عقل هو نفسه، في الصيغتين، المسموعة والمطبوعة، حكائيّاً شفهيّاً بامتياز. على أن المقارنة بين الشفهي والكتابي في هذا السياق تدخل في باب المقاربة الوصفية ولا تتوخّى المفاضلة بين النوعين
لا أريد بكلامي انتقاد تركيا، فهي توفر قدرا مقبولا من شروط اللجوء الإنساني للوافدين السوريين إليها. أريد فقط التأكيد على ما للحدث السوري من تفاعلات إقليمية وداخلية خطيرة بالنسبة للأوضاع الداخلية في مختلف بلدان المنطقة، وعلى ضرورة أن يكون هناك قدر مقبول من السياسات والتدابير الوقائية المشتركة حيال نتائجه على أوضاع بلدان الجوار، بما في ذلك ضد شبيحة النظام الأسدي عندهم، الذين يمثلون، على قلتهم، خطرا يهدد استقرار بلادهم ويمكن أن يزرع بذور الحقد والكراهية بين كتل كبيرة من السوريين،
كان بيته الرابض على ضفة خريسان مثل كائن خرافي يتقدم رتل البيوت الطينية مشكلا بانحناءة جداره الطويل همزة للوصل بين البيوت الطينية وبيوت الآجر. خلف خصره المشدود بأحزمة النخيل، والبرتقال، والنارنج تمتد الأسيجة المعوسجةلبساتين بعقوبة.
بوابته الضخمة تبدو لك، وأنت تقترب منها، وجها بعشرات الحدقات. كل حدقة تخترقك، وتغور في أعماقك فتحس برغبة وقوة تشدك إلى ما ورائها، إلى التجاويف العميقة اللدنة المجهولة مثلما يشد الحبل السري الجنين إلى المشيمة