والواقع أن المعارضة السورية بكل أطيافها تجد نفسها في وضع أخرق منذ بداية الثورة. فهي لم تفجر الثورة، ومشاركتها فيها محدودة، وتأثيرها فيها محدود بدوره، لذلك فإنها لا تكتسب وزناً إلا من اعتناق هدف الثورة المباشر: إسقاط النظام. إن قصرت عنه أو ترددت في شأنه تخسر اعتبارها، وقد سُمعت في التظاهرات السورية هتافات تندد بأسماء معارضة معروفة، تقول أشياء غير واضحة. لكن من شأن انضباط المعارضة بمزاج الجمهور الثائر أن ينال من قدرتها على أداء دور سياسي أكثر مرونة واستقلالية
ولأن الشيء بالشيء يُذكر، فهذا ما حصل في سورية طوال عقود.. سورية ذات الموقع الاستراتيجي والجيوسياسي والتاريخي «المميز»، مع فارق أساسي، هو أن الشعب مُنع من حماية الجدار والمحافظة على نظافته من خلال القمع والتهميش والتحييد، أما من يحسب نفسه صاحب الدار والجدار وحاميهما، فرفع الشعارات الداعية ظاهراً لـ«النظافة» و«المنعة»، وكان أول من قام بتوسيخ الدار والجدار والإيحاء للآخرين، الأقربين والأبعدين، ليحذوا حذوه
لن نرى خلال الأيام القادمة غير استمرار المواجهات وإصرار الشعب على المطالبة بحقوقه، وغير «اللف والدوران» من قبل النظام، أما تلك الصورة لوفد يمثل النظام يجتمع مع المعارضة السورية في مبنى الجامعة العربية بالقاهرة، فهي صورة رومانسية لن نراها إلا إذا كانت ضمن أدوات «اللف والدوران»، فيرسل النظام نجومَ الدفاع عنه في القنوات الإخبارية العربية، أمثال بسام أبو عبدالله أو احمد الحاج علي، ما سيئد الحوار في بدايته، هذا إن حصل، فالمسافة تتسع كل لحظة بين النظام والمعارضة في هذه المسألة
وكانت الحصيلة هي غياب الفاعليات الثقافية عن الحياة السورية، وانحسار غالبية المثقفين إلى الوراء، باستثناء البعض الذين أبقى عليهم النظام كواجهة تزيينية، ترافقت مع سياسات التحقير والتهميش وفرض الفُرقة الإنسانية بينهم. ومن خلال موالين نافذين أتاح لهم النظام أن يتغلغلوا بين صفوف المثقفين من الصنف الأول المعارض، جرت عمليات منتظمة لتغذية شتات المثقف، بخاصة أثناء ربيع دمشق الشهير والقصير، عندما شعرت السلطة أن المثقفين بدأوا يجمعون أنفسهم من جديد، ويعيدون طرح وجودهم كمشاركين حقيقيين في الحياة العامة السياسية والاجتماعية
يمكن طرح برنامج من خيارين، يرفد أحدهما الآخر: أحدهما يعطي النظام فرصة أخيرة وحاسمة لإيقاف حله الأمني والدخول في عملية تفاوض لا سقف لها ولا محرمات، على قاعدة تفكيك النظام ومحاسبة كل من تورط في سفك الدماء، كائناً من كان، وقبول المعارضة شريكاً أساسياً وفق رؤيتها هي، وضمان أمن الجميع وعدم اعتقالهم، مهما كانت برامجهم السياسية. ويرتبط تحقيق ذلك بمدة زمنية محددة، وذلك طبعاً بعد إخراج الأمن والجيش من الشوارع وإطلاق سراح كافة السجناء السياسيين.
فبينما كان ... المخرج السينمائي السوري «أنا» يتكلم من آخر الدنيا في نييورك «متحف الفنّ الحديث».
كان هذا السينمائيّ الشاب»علي الشيخ خضر « يتعرض للإهانة والأذى.
في متحف التعذيب في»دمشق»
«علي الشيخ خضر «... الذي اختفى منذ أسبوع .
وبينما أنا هنا فإنّ جَسَدَهُ وروحه يُنتهكان في قبوٍ مجهول.
ثمة من يبصق في كاميرته.
كم يذكرني المنهج " القمرجي" للطغاة العرب في التعامل مع أنفسهم وشعوبهم بأولئك "القمرجية" الذين كانوا يتصيدون عيدياتنا في طفولتنا، مستغلين الوفرة المالية التي تتيحها لجيوبنا مناسبة العيد.
مصطلحات توضيحية للجيل الحالي:
ـ الفرنك: وحدة نقدية منقرضة، وهو يشكل 1/20 من الليرة السورية.
ـ الربع = 5 فرنكات، أي ربع ليرة.
إن ما تعانيه المجتمعات الآيلة للتحول الديموقراطي اليوم من نزاعات واضطرابات جراء انكشاف أحشائها، ليس إلا نتيجة لما راكمته سنوات طويلة من القهر والقمع، ولنجاح الاستبداد في تدمير المجتمع المدني والأحزاب السياسية، وقتل روح السلام والتآخي والمبادرة لدى الناس، والأوضح سعيه المستمر الى تلغيم وحدة المجتمع بإحياء شبكات من المصالح والارتباطات العشائرية والقبلية أو الدينية، يستولد منها الصراعات عند اللزوم، ليضع الجميع أمام اختيار خطير: إما الانصياع للاستبداد كضامن للأمن والاستقرار وإما الحرب الأهلية
لكن مع الأسف تبدّى عبر الزمن الطويل من الانتظار، أنّ مجرّد أملِ الانتظار كان هو الإصلاح الموعود!
لا أعتقد أن استحداث قانون إعلام يحرّكه الريموت كونترول الرسمي نفسه يستحق ثلاثة آلاف شهيد سوري.
وأن قانون طوارئ أُقيل من الخدمة وعُيِّن سائقاً للدبابات، فحصد بحكم خبرته الطويلة الآلاف من الشهداء والمعتقلين والجرحى والأحقاد والفرقة والظلم والخوف والأحزان والظنون واليتامى، هو القصد إذاً، ما هو ثمن دولة مدنية ديموقراطية يتساوى فيها المواطنون أمام قانون عادل؟!
إن محاولة لجم طموح شعب مثل الشعب السوري العظيم بغول السلفية هو أمر مثير للألم والسخرية.!
تنحَتُ الشاعرة البداية والنهاية في قصائدها فراشةً على حوافّ الزمن، وتبدّل مواقعهما عبر تجاذب أطراف الحديث، فما أن تنتهي قصيدة «حَرْث» بـ«هكذا أنا...»، حتى تبدأ قصيدة «أنا والورد» بـ«هكذا أنا...» أيضاً، وبين النهاية والبداية يفترش الشعر اعترافاتٍ وبوحاً وصوراً خصبة ممهورة بتأمّلات تتناهى وتبدأ معلنة عن تجربة ذاتٍ بمخيال شعريّ يجيد الترحال في كل الاتجاهات... ذات تسافر كجزء من العالم لكنها منعتقة من السرب، لأنها ذات متفرِّدة، والفرديّة طائر حرّ من السرب مع أنه ينضوي في منظومته.