كسبت باريس اليوم ذلك الوسام السوري الرفيع ميشيل كيلو، وأخذت بين جنباتها جثمان مناضل عنيد، آمن بثوابت ثورات الحرية، وأعلى قيمة الكرامة الإنسانية في فعله وقوله، حتى آخر لحظات صحوه في حياته الممتدة 81 عاماً. منحته فرنسا أمان الإقامة، ومنحها هو عيوننا المتوجهة إليها، وبحراً من دموعنا التي ترافق جثمانه من كنيسة Saint-Pierre-de-Montrouge إلى مثواه "المؤقت"
خسرت سورية قبل عام 2000 بسجن ميشيل كيلو وتهميشه، واختيار المنفى بضع سنوات بعد عام 1984 بدلاً من محاورته، وكذلك رفضت محاورته، حينما خرج من سورية بعد عام 2011، وبوفاته أيضاً تخسر سورية الكثير الكثير. خسرت رجلاً كان في وسعه أن يساهم في المرحلة الانتقالية، والتحوّل الديمقراطي والعدالة الانتقالية والسلم الأهلي.
لا تنقاد إليك المفردات بيُسر، عندما تُباشر الكتابة عن ميشيل كيلو. ليس فقط لأن ضربة البداية ستُحيّرك، وإنما أيضا لأن الغزير من الشخصيّ والعام، السوري والفلسطيني والعربي، الفكري والسياسي والثقافي، سيحتشدُ قدّامك. ستُخفق غالبا في الذي تنتقيه لتبدأ سطورَك عن رجلٍ أقام عقودا على قيم الحرية والديمقراطية والعدالة والمواطنة،
ـ لن تقهروا الاستبداد منفردين أو متفرقين .. لن تقهروه إذا لم تتّحدوا في إطار وطني، وعلى كلمة سواء، وأقصد على رؤيةٍ وطنيةٍ جامعةٍ .. رؤية غير هوياتية، وغير أيدولوجية، ففي وحدتكم خلاصكم، فتدبّروا ذلك، متغلّبين على كل الحساسيات والعصبيات والحسابات الشخصية والفئوية، مهما كان نوعها، أو تصنيفها..
سيرج، بطل الرواية الذي يخبرنا عنه أخوه جان، الراوي، خمسيني، غير معني بعلامات العمر البادية عليه، متوسّط الذكاء، لا يهتم كثيرا بمظهره أو بنظافته، متهكّم ومزعج، وهو شقيق آنّا، الأخت التي يطلق عليها لقبُ "الجندي" و"البيدق"، إذ كان الشقيقان يستخدمانها صغيرين في ألعابهما ومعاركهما. الأشقاء الثلاثة من عائلة بوبر، وهم "يهود
عقلية الدكّنجي هي التي تتحكّم بكثير من مناحي حياة السوريين، بما في ذلك معارضتهم. وتكاد المعارضة السورية تكون فريدةً لناحية كثرة عدد تنظيماتها، وصغر حجم كل منها، وضعف تأثيره منفردا. وليست هذه الظاهرة وليدة اليوم، فكلنا يعرف انقسام الحركات السياسية السورية تاريخيا.
أكاكي أكاكيفيتش بطل رواية "المعطف"، رجل في الخمسين من عمره لا تربطه أيّ علاقة جيّدة بأيّ شخص، لكنه مرتبط أشدّ الارتباط بحياته الرتيبة وعمله وكذلك معطفه. يعمل في إحدى الدوائر الحكومية. كانت وظيفته النسخ لجمال خطّه، وعندما قرّر أحد المسؤولين ترقيته رفض تمسّكاً برتابة نظام حياته الذي ألفه جيداً.
والمشكلة مع نظام الأسد أنه لا يقبل منطق عفا الله عما مضى، مع أن كل أنماط الأخلاق وأشكال القوانين، المنحطّة والغريبة، لا يمكنها العفو عن جرائمه، بل يريد من العرب الاعتذار والاعتراف بأنهم مذنبون، والقدوم إليه راكعين، يمتدحونه على منصّاته الإعلامية، ويبدون الأسف على ما فعلته الشعوب العربية تجاهه.
يحتفل السوريّون هذه الأيّام بمرور عشر سنوات على اندلاع ثورتهم. يحتفلون بانتفاضهم على نظام ظُنّ أنّه «أبدٌ» متطاول، لكنْ أيضاً بالانتفاض على ما هو أكثر من نظام. فالثورة بدأت مشروعاً جذريّاً يطرح على المحكّ أموراً عدّة: يطرح حتّى علَم البلد الذي رآه الثوّار اعتداء على وطنيّتهم.
هل هم مجرّد خرْفانين، أم أنهم يحسبون كلماتهم حساباً دقيقاً؟ أي، هل هم يعون ماذا يقولون؟ الأرجح أن نعم، يعون ويألفون هذا الوعي. مثلهم مثل بقية "زملائهم" من الحكام، المداومين على عَلْك هذه الكلمات، عبر تويتر، أو فيسبوك، أو تصريح، أو بيان..