خاص ألف
كان دائماً يطيح بي أرضاً، أعرف أنّه يفوقني قوّة جسديّة، لكن كنت أشعر بالقهر الذي تعقبه متعة، متعة المشاكسة.
أعود للتحرّش به، أخلع قبّعته عن رأسه، وأطوّح بها في الهواء، مع ركلة موجّهة من قدمي إلى خاصرته، فيركض خلفي على الشاطئ، أهرب، وأمنح وثباته فرصة للحاق بي، يلتقطني، ثمّ يطيح بي أرضاً.
تَمِيدُ الْجُفُونُ
وَلَسْتَ تَمِيدُ
لَكَمْ تَعْبُرُ الأُمْنِيَاتُ
صَدَاكَ
كَمَا الْفُوشِيَا مِنْ عَلٍ تَسْتَظِلُّ
لن أتملقك عشقا لكلأ الليل
أنا امرأة ملكة في جلالة الأنا
لا أنكر..
أن لك فحولة الحرف في البلاء
أن أمتد بدخانك المخمور ،
نُشبهكِ قطرة المطر ..
لا تبللُ سوى نفسها .
***
اصمتْ ..
ليس أمامكَ شيء ..
لا أَدْرِي لِمَ وَجَدْتُنِي (بَعْدَ أَنْ صَدَرَتْ لِي الأَعْمَالُ الشِّعْرِيَّةُ- غَيْرُ الكَامِلَةِ) أُقَلِّبُ أَوْرَاقَ العُمْرِ القَدِيمَةِ، لِنَقُلْ أَوْرَاقَ البِدَايَاتِ الشِّعْرِيَّةِ؟! حَيْثُ وَجَدْتُ قَصَائِدَ شَتَّى لَمْ أَنْشُرْهَا فِي مَجْمُوعَاتِي، أَوْ فِي أَمَاكِنَ أُخْرَى، وَمِنْ ضِمْنِ تِلْكَ القَصَائِدِ، هذِهِ القَصِيدَةُ المَخْطُوطَةُ قَبْلَ وَاحِدٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً، وَهِيَ عَنْ شَاعِرٍ أَحَبَّ حُبًّا مُسْتَحِيلاً دَامَ وَاحِدًا وَعِشرِينَ سَنَةً، وَعَاشَ وَمَاتَ فِي المَنْفَى بَعِيدًا عَنْ وَطَنِهِ، وَهذَا الحُبُّ هُوَ امْرَأَةً لَمَحَهَا فِي كَنِيسَةٍ ذَاتَ صَبَاحٍ مِنْ شَهْرِ نَيْسَانَ.. امْرَأَةً تَمُوتُ بَعْدَ لَمحَةِ العَيْنِ تِلْكَ بِوَاحِدٍ وَعِشرِينَ سَنَةً بِالتَّمَامِ..
أسكن الغفوة..
هل تصلح الغفوة دارا للإقامة؟!
فالغفوة عتبة الرؤيا.. فاصلة بين الزمان والمكان, سيدها الحلم يحملنا إلى أمكنة وأزمنة أخرى.. يصل بنا إلى مدى لا يخضع للقياس.. يصبح فيه العاشق طيف عصفور, وتصير فيه العاشقة روح فراشة.. ويصير البوح مناجاة, والنجوى ذيول أمواج تموت على رمال شطآن الشفاه.
دخلتُ المبنى الشامخ العريق أبحث عن مسكن
طرقتُ الباب أحمل أشواق العمر، أجاب الفاعل :
عذرا صغيرتي بيتُ الشِعرِ مأهول ..
نكستُ راية الأحلام، وعدتُ أسكنُ دفتي ديــــــــــوان
أفترشُ السطور، وألتحفُ حروف القصيد....!
جلست بجانبه .. تنظر إلى یده التي تحمل فنجان الشاي .. حركاته غیر متسقة .. وعروق یده بارزة .. یبدو شاحبا علیلا .. یھتز الفنجان فتنسكب قطرات من الشاي على ملابسه..
"ما بك یا أخي ؟"
یجیبھا بلا تفكیر " لاشيء .. مجرد إرھاق بسیط "
نظرت إلیه .. لا تناقشه .. ولكن تصرخ عیناھا في صمت ..
وجهك لا ينساه القرويون
حين يجرحهم حفيف الشجر في خاصرة الشتاء
أيها الحجل وداعا
بفصولك المبتلات شباكا مزينة
بأخوتك المطعونين
أخبرني متى ستأتي؟؟
بعد قليل سيتوقف هذا المطر
وينزعُ الوقتُ عنه...
رداء الضجر...
سيتغيرُ لون السماء