الفاتحة
وكان لي حبيبة اسمها شام، اغتصبها في سنواتها الأولى طغاة الأرض، حين كانت كل فصولها مهيأة لاستقبال الفراشات، وكل الفصول مهيأة لاستقبال الحب، فصل واحد يؤرخ، يحتل الذاكرة، هو فصل الاغتصاب، حين داهموها على حين غرة وأولجوا رجولتهم فيها، وفضوا بكارتها التي حافظت عليها من أجلي حين كانت كل الفصول مهيأة لابتكار الزنابق.. وكان مهيئا لها أن تبلغ الأبجديات القادمة وأن تخلع من أصابعها كل الحروف في الزمن المسرحي. وكنت أعد كتاب المطر لتشكيلاته القادمات، للرعدة التي لم تولد بعد، تواصل تشكيلها لغاربة الموج قبل هدوء البحر.
وكنت أنتظر شمساً تجيء مصادفة علّ أدراج الصبر تنضج عناقيدها...
منذ اندلاع الثورة وأنا أفكر في قضية هامة.. ترى لو كانت لدينا الجرأة في الثمانينات من القرن الماضي لنشارك أخوتنا في حماة الثورة ضد الطاغية حافظ الأسد، هل كنا اليوم نعاني مما نعانيه. ألم يمر الطاغية المقبور حينها بلحظات شعر أن أيامه معدودة..؟؟ ألم يخرج مترجيا أن نقبله سنيا فيتخلى عن كونه علويا وأنه لن يفعل إلا ما يرضينا.؟؟ نعلم أنه كان كاذبا حينها. ولكنه كان في لحظة خوف شديدة. وكان يمكن أن نستغلها، في ثورة كثورتنا اليوم. وكان ممكنا أن ننتهي منه، ولم نكن لنرى ابنه المعاق رئيسا لنا.
ثلة من الثوار في حماه قدروا عليه حينها،...
قامت الحروب الصليبية لغاية مباشرة هي تحرير القدس، مهد السيد المسيح، من أيدي المسلمين، لما لها من مكانة سامية عند المسيحيين بجميع طوائفهم. ولسبب غير مباشر وهو سبب اقتصادي بحت. ولكن الغاية لم تتحقق وفشلت تلك الحروب حملة وراء حملة، حتى حين نجحت واحتلت القدس لم تتمكن من الاحتفاظ بها لفترة طويلة. وبقيت القدس مدينة عربية يقدسها العالم. ولكن ذلك الفشل بقي ماثلاً في أعين الغربيين قادة وشعوباً.
من يومها لم يتوقف الغرب عن محاولاته لغزو منطقتنا، وكانت الحروب الصليبية هي الأكبر والأهم. وكما رأينا التعاون بين العسكر والسياسيين ورجال الدين وأهل الاقتصاد والعلوم لإمضاء هذه الحرب وإنفاذها، فإننا...
هناك من يشبه الثورة السورية بالثورة الفرنسية، وأنا أرى أن الثورة الفرنسية لا يمكن أن ترقى إلى مستوى الثورة السورية لأسباب عديدة منها إن الثورة الفرنسية جاءت في ظروف تختلف اختلافا كليا عن ظروف الثورة السورية، وأول اختلاف هو غياب السيطرة الصهيونية التي سيطرت على العالم الحديث في العصر الراهن، فقد كان اليهود دون مستوى البشر في فترة ما قبل نشوء الصهيونية.
كان الفرنسيون وحدهم ودون أي تدخل خارجي في شؤونهم، وكانت الملكية قد بدأت تتآكل، وكان الفقر يعم أرجاء فرنسا، وكان الفرنسيون أقرب للعبيد منهم إلى بشر عاديين، وكانت بريطانيا على عداوة شرسة مع الفرنسيين، وكان سقوط فرنسا وضعفها...
لم يعد في الأفق سوى التوقعات، توقعات موعد السقوط، موعد النهاية المفجعة التي ستروى لأولاده حين يعون الحياة. المفجعة لأقربائه الذين بخسارته سيخسرون جزءا كبيرا من أموالهم، وجميع سلطاتهم التي ما عادوا قادرين على العيش دونها، وهم لهذا السبب، وله وحدوه مازالوا يقاتلون إلى جانبه، هم لا يقاتلون لأجله، ولا لأجل زرقة عيونه، وإنما دفاعا عن مكتسباتهم التي لو خسروها لخسروا أنفسهم. فمتى ستتحقق أحلام السوريين إذن.
التحليلات كثيرة، والتوقعات أكثر.. تختلف من مصدر لآخر.. ومن دولة لأخرى. ولكن أحلام وتوقعات السوريين ستكون الأصدق. ملايين السوريين يتمنون له موتا كصدام حسين، وملايين آخرون يتمنون له مصيرا كمعمرو القذافي.....
أعتقد أن علينا جميعا، دون استثناء، تغيير أسلوب تفكيرنا لينسجم مع عظمة الثورة الشعبية، كما علينا أن نتعلم من تلك الثورة كل الدروس الممكنة لنقدر على مجاراتها، ونكون جديرين بها.
ومن هذا المنطلق يقتضي التفكير في كيفية التعامل مع القوى السياسية السورية المتواجدة في الداخل والخارج بعيدا عن الحراك الشعبي الثوري الذي لا يحمل أيا من قيم ومبادئ تلك الأحزاب والتنظيمات، فقد أوجد قيمه الخاصة به كشعب ثائر ضد نظام مستبد. من هذا المنطلق وحتى لا تسرق تلك الأحزاب بقيمها البالية وأفكارها الملتبسة مع أفكار حزب البعث البالية، والتي وعبر زمن طويل استمر لأكثر من أربعين عاما، انطبعت تلك الأحزاب...
انتهى الأمر وانتهى الأسد، ما عاد له من مفر، سوف يغادر هارباً، ذليلاً، وسوف يرفع علم الثورة في القصر الجمهوري قريباً، وسيرفرف في كل أنحاء البلاد. النهاية أقرب من كل التوقعات.. والأسد لم تنفعه الدماء، وكان يعرف أنها لن تنفعه، ولكنه كان يعرف أنه خاسر لهذه المعركة، وما كانت كل هذه الدماء إلا نوعاً من الانتقام الشخصي لرحيله القادم، لخلعه من مملكته التي كان يظن أن أولاده سيحكمونها كما حكم هو بعد أبيه. لقد وصل للحكم بدعم صهيوني مباشر، وكان عليه فاتورة يدفعها لهم، وتلك الفاتورة كانت كل ذلك الدم السوري الذي هدر، في سبيل الحرية التي نحن بصدد الحصول...
قد تبدو العودة للحديث في العلاقة التي ربطت حافظ الأسد، ومن بعده بشار الأسد بالصهيونية العالمية، ومن ثم بدولة إسرائيل، والتي ذكرتها في أكثر من مرة في افتتاحياتي هنا، أمرا غير مبرر، ولكني أجده هنا مفتاحا هاما لما سيأتي. فتلك العلاقة، فتحت للنظام السوري عبر ما يزيد عن أربعين عاما، حماية عالمية ودعما كبيرا جعله يحول سورية إلى مزرعة خاصة، ينهب منها ما يشاء، ويقتل ن شعبها من يشاء، ويعتقل من معارضيه من يشاء دون أي محاسبة من أحد. فطالما هو ملتزم بحماية إسرائيل، وقد برهن أنه ملتزم بحمايتها في حرب ال73 التي لم تكن سوى مسرحية تشارك فيها مع...
اقتربت النهاية.. و لا مفر أمامك بشار.. سيحاكمك الشعب.. ويحكم عليكصارت النهاية أمرا محتوما، قضية أيام أو أسابيع في أسوأ السيناريوهات.. ولكن نهاية بشار الأسد و طغمته صارت وشيكة. وما يطمئن كثيرا، و يجعل المراقب لا يخشى على سورية الغد، هو أولئك الرجال والنساء الذين هم على رأس الإتلاف الوطني. فمن لم يرهم عن قرب.. من لم يشاهد بساطتهم، وتواضعهم.. وقربهم من الناس لا يستطيع أن يحكم عليهم.
اجتمعنا بهم، مجموعة من المعارضين السوريين في مصر، لا يجمعها إلا حب سورية، وحب السوريين. في معظمنا كنا مستقلين، ليس لنا خلفيات أيديولوجية، ولا حزبية. وكنا نريد أن نوصل لهم...
إذن صار الائتلاف أمراً واقعاً، واحتل مكانته الطبيعية في العالم، قد تكون الوعود التي أعطيت له أثناء تأسيسه لم توف كاملة، ولكن لا بأس ستأتي الأيام بكل ما هو في مصلحة الثورة فلننتظر.
ما يجب الالتفات إليه اليوم هو الجيش السوري الحر، فجميع المحاولات التي يقوم بها لتوحيد صفوفه لم تكن مقنعة، ومازال متشرذماً، وينقل الإعلام كل فترة عن تأسيس فريق جديد واتحاد جديد لا يشير إلى التوحد الذي سبقه، وهذا يجعلنا في حيرة من أمرنا. حب السلطة هو ما يقف خلف هذه الشرذمة التي لا تفيد أحداً. بل هي تضر ضرراً جسيماً. لأنهم غير قادرين إذا لم يعلنوا مؤسسة...