الفاتحة
قد أبدو أنني أكرر نفسي حين أعود إلى ذات الموضوع أكثر من مرة، وأقصد علاقة حافظ أسد الأب بالصهيونية، ولكني أرى أن مثل هذا الموضوع الذي سأعيد تناوله هنا هام لأنه متعلق بمصير شعب يقتل، وغير مسموح له أن يمنع عن نفسه القتل، وذلك بتخطيط منظم وعن سابق تصميم من الصهيونية العالمية وإسرائيل. هنا سيتبادر إلى ذهن القارئ سؤال هام ما هي طبيعة علاقة بشار حافظ الأسد بالصهيونية ولأجيب عن هذا السؤال لابد من العودة إلى تاريخ هذا الطاغية الدموي.
ولد حافظ الأسد لأب معدم في إحدى في قرية القرداحة، وحين ولادته قبلها وبعدها كانت العائلات الإقطاعية...
لا يمكن إلا أن نحمل المعارضة السورية في الخارج، حصة في هدر الدم السوري، لأننا يمكن أن نختلف ونحن في دولة ديمقراطية، ونتعارك ونشد ربطات عنق بعضنا بعضا، نتجادل ونتقاتل في سبيل سورية حرة باستمرار أما أن نختلف ونحن نعيش في الخارج مرتاحي البال، ولدينا كفاف يومنا، إن لم يكن أكثر بكثير، ثم نختلف على أمور لا يمكن الاختلاف حولها والسوريون يذبحون يوميا في الداخل، عيب ما يحدث داخل المجلس الوطني، وعيب أكثر ما يحدث بين المجلس الوطني وقوى المعارضة الأخرى في الخارج، وأكبر العيب هو أن لا نستطيع الاتفاق على الحد الأدنى المطلوب لكي لا نظهر أمام العالم بهذا...
كم هو بشع الإنسان من داخله، وكم هو مكون ليكون شريرا، وكم من الصعب أن يستطيع ذلك الإنسان التحول من الشر إلى الخير، ففي الشر سيكسب، وفي الخير سيعطي، ومابين الكسب والعطاء فرق كبير. والتاريخ ينسى في الغالب الخير ويتذكر الشرير، أو لنقل يذكر الشرير ولا يذكر الخير، لأن الخير أمر جميل والشر أمر قبيح. ولم يكن قتل قابيل لأخيه هابيل، إلا بداية لهذا الصراع بين الخير والشر، وبداية على انتصار الشر لأنه أقوى.
وما يجري في سورية اليوم هو بالنهاية صراع بين الخير والشر، فأنت إما أن تكون خيرا فتكون مع الثورة أو تكون شريرا فتقف في صف...
بلاغ سقوط القنيطرة سيء الذكر، والذي ظل سرا يتداول في الخفاء، وهو الذي صنع من حافظ الأسد رئيسا أبديا، وحول سورية إلى ملكية خاصة له ولأبنائه، هل كان بداية العلاقة بين حافظ الأسد والصهيونية أم أن الأمر ابتدأ قبل ذلك، سؤال لا يمكن الإجابة عنه فقد دفن مع حافظ، وسيدفن مع بشار قريبا. لا يمكن لأحد أن يتغاضى أو يغض الطرف أو ينفي تلك العلاقة المتينة التي ربطت حافظ الأسد بإسرائيل وأنا هنا لا آتي بجديد وهي معلومة يعرفها القاصي والداني ممن هم مفتوحي الأعين والقلوب. حتى أولئك المطبلين والمزمرين له يعرفونه في قلوبهم ولكنهم لا يعلنوه حتى تبقى حالة...
دائما وأبدا كنت أدافع عن الثورة، وأحقد على من يقف محايدا أو نصف نصف، وكنت حادا ولا أجامل. في الأيام الأخيرة بدأت تنتابني أحاسيس مختلفة، بدأ الخوف ينتابني من أن نفقد البوصلة ويسيطر الإسلاميون بقوتهم العسكرية ويستولون على الثورة بقوة السلاح. طبعا سيشمت بي أولئك الذي وقفت بوجههم بحزم ورفضت النقاش بأية وسيلة كانت. وكان ردي مختصرا سورية لا يمكن أن تكون بلدا أصوليا.
ولكن ما نراه على الأرض من سلوك يجعل المرء يعيد التفكير أو لنقل يفكر بتمهل لأن الأمر يمكن أن يصبح خطيرا جدا فهؤلاء شيوخ الخليج يفتون بأن القتال إلى جانب الثوار في سورية يعتبر جهادا،...
غريب أمر المعارضة في الخارج، وغريب هوسها بالسلطة دون تفكير في الدم السوري المراق، فجأة أصبح السباق محموما على تشكيل وزارة سورية تمثل المعارضة، ولكن المتنطحين لهذه المهمة ليسوا بالكفاءة الكافية ولم يمنحهم الشعب السوري هذا الشرف. فإذا كان ثمة أحقية لتشكيل وزارة لما بعد رحيل الأسد فهذا من حق المناضلين في الداخل من سياسيين ومقاتلين يحملون السلاح، وفي حال لم يتم ذلك فإن المقاتل الذي يقدم دمه وحياته في الداخل سيشعر بأنه يطعن من ظهره.
أقول ذلك بعد إعلان هيثم المالح الذي يبلغ من العمر تسعين عاما بأنه شكل مجلسا لأمناء الثورة من 45 عضوا انتخب من بينهم...
ستختلف الآراء، سأجد من يؤيدني، وسيقوم بشتمي كثيرون جدا واعتباري خائنا للثورة. ولكني مع ذلك سأقول رأيي بصراحة ودون تردد ، لأنني أرى أن الأمر لم يعد قابلا للصمت، ولانتظار معجزة ما تنقذ أرواح السوريين.
أقول بداية أن الثورة الشعبية حين قامت، كانت تطالب بالحرية وبالإصلاحات من خلال النظام القائم ولم يكن موضوع رحيل بشار الأسد ولا رحيل النظام، بل كان المطلوب هو تصحيح النظام لمساره ومحاسبة المسيئين لسورية وللشعب السوري ولإيقاف نزيف الثروة السورية وتخزينها في جيوب ثلة من المقربين من الرئيس. كان الشعب يثور ويتظاهر مطالبا بالحرية، وكانت لدية رغبة للمشاركة في الحكم، كان يريد...
كثر هم الطغاة الذين عبروا في التاريخ، وجميعهم لم يكونوا يحسبون حسابا لنهايتهم، جميعهم كانوا يظنون أنفسهم خالدين، وأن شعوبهم ستستمر في الخضوع لهم والقبول بجبروتهم وجنونهم ورغبتهم في مص دماء شعوبهم. منهم من استمر حتى مات، طاغية جبارا قاتلا محترفا، مجنونا يحب مشاهد الدماء، ومنهم من انتهى على يد شعبه الذي ما عاد مستعدا لقبول جوره وظلمه.
المشترك بينهم جميعا جنون العظمة الذي يتملكهم، والقدرة على القتل وسفك الدماء بطرق مختلفة، وعدد كبير منهم كان مختلا أو معاقا. لقد دخلوا التاريخ من باب واسع هو سفك دماء الشعوب. وسرقة أموالهم، من منا لم يسمع بنيرون وجينكيز خان وستالين، ...
لا أحد يمكن أن يشكك بنجاح الثورة، ومحاكمة جميع رموز النظام السابق، أو الذي سيصبح سابقا، ما يخشى منه هم هؤلاء الذين يمكن أن يبدؤوا بالتفكير بمستقبلهم وينشقون عن النظام ليس رغبة بنجاح الثورة وإنما لقناعتهم بحتمية نجاحها، وانشقاقهم قد يعطيهم فرصة الهروب من المحاكمة نتيجة سلوكهم خلال وجودهم في مناصبهم. ليس من صاحب منصب بدءا من شرطي السير وصولا إلى مرتبة رئيس وزراء لم يكن لصا مرتشيا في ظل نظام البعث، ونظام حافظ الأسد تحديدا، فقد أسس حافظ الأسد جيشا من اللصوص وشذاذ الآفاق سيبدؤون بالانشقاقات الوهمية الكاذبة ليضمنوا لهم مكانا في سورية الجديدة. كثيرة هي الأسماء التي تخطر...
رغم أن سوريا ولبنان هما الدولتان الوحيدتان من دول المنطقة المسماة عربية اللتان عاشتا فترة لا باس بها من حكم ديمقراطي، فهما الدولتان الوحيدتان اللتان نالتا استقلالهما من الحكم العثماني وأسستا لدولتين ديمقراطيتين حقيقيتين. لفترة وجيزة جاء الغرب لينهي تلك الحالة الديمقراطية التي لم تكن تناسبه باحتلالهما احتلالا كاملا .. طبعا مع ما احتله من دول أخرى استقلت عن الدولة العثمانية. ولكن السوريون واللبنانيون لم يقفوا مكتوفي الأيدي بل ثاروا ضد الحكم الاستعماري ونالوا استقلالهما وأسسا حكما ديمقراطيا قل مثيله بل ند في المنطقة المسماة بالعربية.
لم يرق للغرب هذه الديمقراطية، ولم يرق لهم أن تكون سوريا ولبنان...