ولا شك في أن ما حدث في قاعدة حميميم بين أسباب رئيسية دعت موسكو إلى السعي الحثيث لعقد مؤتمر سوتشي تحت كل الظروف للتأكيد على دورها في سوريا عبر جلب السوريين إلى سوتشي، وإعلان موافقتهم على الرؤية الروسية للحل في سوريا، وإطلاق إعلان روسي بانتصار سياسي، يتوج انتصارها العسكري المعلن بزيارة القاعدة الروسية في حميميم.
بالفعل، دُهشت لدى رؤيتي قائمة القرارات الـ17، ذلك أنني لم أكن أعلم بأن هناك هذا العدد الكبير من القرارات التي جرى تمريرها من دون لجوء أيٍّ من روسيا أو الصين لاستخدام «الفيتو». من يدري، ربما سئم الدبلوماسيون الروس من رفع أيديهم اعتراضاً على جميع مسودات القرارات الأخرى المرتبطة بسوريا؟ والتساؤل الآن: ماذا كانت نتيجة إرخاء الدبلوماسيين الروس أيديهم وسماحهم بتمرير 17 قراراً بخصوص سوريا داخل مجلس الأمن؟
ومما لا شك فيه، أن تطورات الوجود العسكري لحلفاء النظام، وتأثيراته على الصراع في سوريا وحولها، دفع دولاً أخرى للبحث عن موطئ قدم على الأرض السورية، ولئن كان البعض منهم له وجود غير مباشر عبر علاقاته وصلاته بأطراف مسلحة مثل الولايات المتحدة، التي لها علاقات قوية مع حزب الاتحاد وميليشياته من وحدات الحماية الكردية، وتركيا التي لها علاقات مع أغلب جماعات المعارضة المسلحة،
ويبقى السؤال: هل ينجح المخطط الإيراني- الروسي في دعم النظام لاستعادة الغوطة وأرياف حمص وحماه ودرعا؟ وهل يتمكن النظام من استعادة ثلاث محافظات كبرى في الشمال والشرق السوري، وكم ستكون كلفة ذلك من الضحايا؟ وهل سيقبل الانفصاليون من الأكراد والمعارضون الكرد السوريون الوطنيون بالعودة
لم تنتهِ الحرب في سوريا بعد، لا بل بدأت «حروب ما بعد (داعش)»، وتظل سوريا تشكل حلقة وصل خطيرة لتداخل الصراعات الإقليمية فيها والقوى العظمى، على الرغم من هزيمة «داعش» في شرقها. والمواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل في سوريا، ليست سوى واحد من الاحتمالات التي من شأنها أن تغذي المرحلة المقبلة من الحرب الأهلية في سوريا
فإذا ما تساءلنا :ما الثقافة؟ اكتشفنا أن السوريين هم أول من دجن القمح والشعيرعماد الثقافة الأول حسب علماء الأنثرو بو لوجيا اللذين ما يزالان في حالتهما البرية في سورية حتى اليوم, واكتشفنا أن آلهة السوريين القدامى ما تزال تعيش بيننا حتى اليوم, ألسنا ما نزال نسمي الأراضي التي يسقيها الرب "بالأرض البعلية" أي التي يسقيها بعل, الإله السوري الكلاسيكي, وألسنا نسمي الموت باسم إله الموت السوري الكلاسيكي "موت"؟
في خطابه، لم يذكر ترامب ولا مرّة عابرة نظام القتل والتدمير في دمشق، ولم يشر ولو من بعيد إلى طاغية دمشق بشار الأسد، ولم يذكر مأساة السوريين الذين يموتون يومياً على يد بشار الأسد وحلفائه. ببساطة، اختصر ترامب المأساة السورية إلى حدود «داعش»، وصوّر نهاية دولة الخلافة في سورية كانتهاء للأزمة السورية وانتصار شخصي له.
لم تنتظر موسكو اختتام مؤتمر سوتشي لتبدأ تنفيذ «تهديد حميميم» بالعودة رسمياً إلى التصعيد العسكري، خلافاً لنظرية «مناطق خفض التوتّر» التي روّجتها عنواناً لإنهاء الصراع في سورية، بضمانتها إلى جانب إيران وتركيا. وجاء إسقاط طائرة «سوخوي 25» ليطيّر صوابها، إذ يدشّن مرحلة جديدة في الحرب، وإذا رُبط بهجمات مطلع السنة لطائرات من دون طيار فوق قاعدتها المركزية
فمن تهجير "شرقي السكة" بقرى ريف أبو الظهور محافظة إدلب، إثر التفاهمات على سيطرة الأسد على المطار، إلى تهجير سكان ريفي حلب وإدلب الغربي، جراء القصف اليومي والمتواصل من نسور النظامين الأسدي والبوتيني، ما يدلل على ارتفاع عدد النازحين والمهجرين، رغم أنهم بلغوا أكثر من نصف السكان، منذ أعلن نظام الأسد حربه على الثورة والسوريين، منذ مارس/ آذار 2011.
لم يكن من العسير إدراك هذا الموقف منذ الأشهر الأولى للثورة، أي منذ أن ضرب النظام عرض الحائط بنتائج شديدة التواضع، كان قد خرج بها مؤتمر الحوار الوطني الذي نُظِّمَ في دمشق بموافقته، وبرئاسة فاروق الشرع، نائب رئيس الجمهورية، يومي 10 و11 تموز 2011. كما لم يكن من العسير متابعة إصرار النظام الأسدي على فرض شروطه التي استخدم في سبيلها كل ضروب الأسلحة، واستدعى لنجدته حليفَيه: الإيرانيين والروس،