من أين أبدأ؟ إلى أي مدى ينبغي أن أمطّ عينيّ لتحيطا بهذا المشهد الكارثيّ، أو شفتيّ لتتسّعا لكل هذا الحطام والركام والحديد والزجاج والحجارة والقتلى؟ أربعة أيام مضت على الانفجار الكبير. ما حدث لنا، نحن اللبنانيين، مساء الرابع من أغسطس/ آب عام 2020 عند السادسة و8 دقائق، صار له اسم يُختصر بكلمتين: انفجار بيروت. ليس الانفجار الذي وقع في بيروت
كانت كل الأمور مهيأة تماماً لنقل السلطة إلى الابن، فبعد ساعات الترتيب الأمني، كان مجلس الشعب (البرلمان) منعقداً في جلسة طارئة وعاجلة، اتخذ فيها، وكالعادة، بالإجماع، قرار القفز بالابن خمس رتب عسكرية كبيرة، ليغدو فريقاً أوّل وقائداً للجيش، ومن ثم أقر المجلس أيضاً، وبالإجماع، تغيير المادة الدستورية الخاصة بسنِّ المرشح لرئاسة الجمهورية،
كانت كل الأمور مهيأة تماماً لنقل السلطة إلى الابن، فبعد ساعات الترتيب الأمني، كان مجلس الشعب (البرلمان) منعقداً في جلسة طارئة وعاجلة، اتخذ فيها، وكالعادة، بالإجماع، قرار القفز بالابن خمس رتب عسكرية كبيرة، ليغدو فريقاً أوّل وقائداً للجيش، ومن ثم أقر المجلس أيضاً، وبالإجماع، تغيير المادة الدستورية الخاصة بسنِّ المرشح لرئاسة الجمهورية،
ثمّة كتب لا يحقّ لنا، لأهمّيتها، أن نُغفلها. كيف؟ ببساطة، بقراءتها والكتابة عنها والسعي إلى تعريف العدد الأكبر عليها. الكتب المهمّة كلّها تستحقّ اهتمامنا، صحيح، ومن بينها، أخيرًا، كتاب المستعرب النرويجي، بنديك سورفيغ، الذي يروي مشاهد من أيام الثورة السورية، منذ انطلاقتها وحتى عام 2017، من خلال سِيَر ستّةٍ من ثوّارها وناشطيها.
يبين المشهد السوري أبعاداً مختلفة في المأزق الذي يحيط بنظام الأسد. ففي الجانب السياسي يستمر مأزق النظام نتيجة عدم وجود حل في سوريا وحولها، حيث ما زال النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون وميليشياتهم عاجزين عن الوصول إلى نهاية الحل الأمني - العسكري الذي يفضلونه، بل إن أبرزهم، وهم الروس، ليست عندهم قناعة بالوصول إلى حل من هذا النوع
وفي الوقت الذي يشقّ على الناس تأمين قوتهم اليومي داخل سورية، تخرج أصواتهم المخنوقة غاضبة على الجهات التنفيذية، لتوارب حقيقة اعتراضها على استمرار سياسة رأس النظام في تمسّكه بالحل العسكري، والتي جعلته رهينة لداعميْه الروسي والإيراني داخليا، حيث سيطرا على منافذ اقتصاد سورية ومؤسساته، وصولاً حتى جيشه
السابع عشر من كانون الأول/ديسمبر 2010، وفي سوق شعبي مكتظ بمدينة سيدي بوزيد التونسية صرخ المواطن محمد البوعزيزي متألماً قبل أن يشعل النار في نفسه، ليكون بذلك المصاب رقم صفر بفيروس خطير سينشر الرعب في مفاصل الأنظمة العربية جميعها وسيعرف لاحقاً بالاسم العلمي: Freedom-11. لم يدرك النظام التونسي حينها طبيعة الشيء الذي يتعامل معه،
إن حاولنا ما استطعنا التوازن والهدوء أمام تلك "التخاريف" وسعينا بواقع اللامنطق، التعاطي بأدلة وحجج منطقية، فأين ستكون وجهة كفة الميزان، فيما لو استعرضنا الواقع الاقتصادي والمعيشي للسوريين اليوم، قبل أن نعلم ما هي الحزمة الأولى للعقوبات الأميركية العتيدة، وقبل أن يبدأ تطبيق قانون "قيصر"، الذي سيعلنه وزير الخارجية الأميركي، بومبيو، ليل 17 يونيو الجاري.
زت روسيا سورية بطلب من رئيسها للحرب على الإرهاب، لكن الرئيس بوتين أخبر جنرالاته بأنهم سيحتلون سورية لإنقاذ رئيسها بشار الأسد، وهذا ما نفاه الاستراتيجي الأسدي خالد عبود، وقال إن ما حدث كان العكس، وإن الأسد هو الذي أنقذ بوتين، ولو غضب منه لأخرجه بخنصره من الكرملين، فهل يعقل أن يكون بوتين ناكرا للجميل
"ينبغي استعادة واقعيتنا في ثورة تحط رحالها على مواجعها، ونظام يزفّ نبأ موته القريب""ناقص السلطة الشرعية"، اعتماداً على وجود قرار يساوي بينه وبين كيان المعارضة الموفد إلى مباحثات جنيف دوليا. وتشوب البلد المشتت سياسياً منازعات مجتمعية وهوياتية، وحتى وجودية،
في تلك الليلة، قال لنا سعد الله ونوس أننا "محكومون بالأمل"، وكان الأمل الذي حملته عبارته يحثنا على ملامسة الواقع، ومواصلة الحوار، وقراءة التاريخ، والأهم من ذلك كله عظمة الفكر، وأهمية العقل، في زمن التحولات العالمية الكبرى، وجموح الحضارة نحو آفاق غير مسبوقة.