لم يعد هناك تكافؤ في رهانات الطرفين، أما التوازن في المعادلة القتالية فيبدو أنه رغم صموده الهشّ بلغ نهاية مرحلة. من الواضح أن نهج التقارب الأميركي - الروسي في تسوية مسألة السلاح الكيماوي سدّد ضربة للمعارضة التي تصنفها واشنطن «معتدلة» ويمكن الاعتماد عليها. ليس فقط بالرضوخ لشروط موسكو في الملف الكيماوي، بل لأن معارضة الداخل بمختلف أطيافها لمست خذلاناً فجّاً في تجاهل مجزرة الغوطتين. سقطت في الداخل كل الآمال والأوهام التي بنيت على الخارج، خصوصاً مع انكشاف أن «صفقة الكيماوي» ترمي إلى التمهيد لـ «صفقة جنيف»،
تمام التلاوي
"تعال لنشكرَ قاتلنا يا صديقي/ لأنه أخطأنا وأصاب الصبيّ الشقي الذي طالما كان في الحيّ يقلق نومكَ بعد الظهيرة/ ظنّ قذيفتَهم كرةً/ فتصدّى لها بجسارته/ مثلما كان دوماً يصدّ الكرات/ ويصرخ في اللاعبين/ ولكنه الآن فاز بلعبته/ دون أي صراخ على القاتلين/ هو الآن فاز عليكَ وفاز عليَّ ونام إلى أبد الآبدين) ("الصورة سيريا"، تمام التلاوي، من صفحة الشاعر على الـ"فايسبوك").
ويتساءل لويس عن مصادر الغضب والثورة الإسلامية، وعنده أن الكتابات والخطب الثورية تكشف عن فرضين: الأول هو الإحساس بالانحلال المتنامي، وبخاصة بين الفئات المتعلمة، وخصوصاً الذين تلقوا تعليماً في الغرب، ولكن ما هو أكثر إهانة من التراخي في مراعاة المعايير الرئيسية وأسلوب الحياة الإسلامية وأصبح متاحاً ومستهلكاً في شكل علني، الطعام والشراب المحرمين إسلامياً،
تستلزم تجربة "التنسيب"، كتجربة إلزامية لأبناء المجتمع السوري وبناته، "موتاً" متبوعاً بـ"انبعاث بعثي"، يتم من طريق تعاليم وطقوس بعثية أسدية تعمل على إدخال الفرد إلى مجتمع باطنيّ معزول عن العالم الخارجي، يعزّز رؤية دينية للعالم، محورها "الكائن الأعظم"، "خالق سوريا وحاميها، الذي سَنَّ نواميسها ووضع شرائعها قبل أن يقدّمها إلى الأجيال". في "التنسيب" "يموت" المرء بالنسبة إلى وجود معيّن حيوي دنيوي، لـ"ينبعث" مجدداً في "عالم بعثي أسدي". كلّ ما يتلقاه "المريد" من عِلم، يرجع إلى لفتة ومكرمة صادرتين عن "الكائن الأعظم" وإلى فعله وتأثيره
ولأنكِ تفترّين، قد يحلو لكِ أن تطالبي باستعادة شريطِ ما يكون حصل في الاستغراق، ولا تدرين به.
بل ربما تفترّين وتطالبين بإعادة الكرّة، من دون أن تتفتّح شفتاكِ لنداء، ومن دون أن يدرك جسمكِ شيئاً في ذاته. ذلك لأنّه يستنهض غرائز ملائكته من جرّاء افترار المس وتتعجّبين كيف يبتسم بمعزلٍ عنكِ. وقد تبحثين في شرودكِ عما يجعله يبتسم، لكنْ من دون أن يقرّ شرودكِ على قرار. فما أجملكِ لأنكِ عاجزةٌ عن إدراك ما يجتمع في شفتيكِ فيجعل الابتسامة هذه تختصر دعابة ليلكِ اللاواعي.
لم يقرأ فانون هؤلاء مستثمرا مقولاتهم المعرفية ومواقفهم السياسية انطلاقا من عقدة الزنجي الذي يحاول أن يتبرجز على الطريقة الباريسية، بل راح يستعيد آراءهم كي يوجه نقدا لثلة من المفكرين الكولونياليين الذين حولوا المعرفة إلى أداة للسيطرة في السياق الاستعماري. ففي عالم التمثلات تصبح المعرفة قرينة للسلطة يتوجب على المثقف الملتزم بقضايا التحرر أن يفككها ويقاومها عن طريق فك الارتباط والتطابق المتوهم بين النظرية (الذات الاستعمارية) والموضوع المحدد مخبريا (الذات المستعمرة).
ابنها كل الصفات الحميدة ولا تضنّ عليه حتى بما ليس فيه. ولذلك يبدو مشهد الحوار الذي جرى بين رسول حمزاتوف وأم الشاعر المفتقر إلى الموهبة مشهدًا يجمع إلى الطرافة الغرابة. ولا يخفى أن نعت الشاعر أو المبدع، بوجه عام، بأنه دون موهبة، يعني إطلاق رصاصة الرحمة عليه. فالثقافة، ومعها الكدّ والجهد، لا تكفي ولا يمكن أن تعوّض ما لابد من توافره أصلاً في الجبلة، ألا وهو الموهبة.
ن
في جميع الأحوال، إيران "الروحانية" مختلفة جداً عن إيران "الخامنئيتية". زمن التشدّد انتهى. بدأت مرحلة الاعتدال. لم تعد إيران متمسّكة بالأسد، ولم يعد خطاً أحمر كما كان يقول الولي الفقيه آية الله علي خامنئي. اختيار الرئيس حسن روحاني أن يقول أمام قيادات "الحرس الثوري" "إنّ إيران تقبل بأي رئيس يختاره الشعب السوري"، رسالة واضحة لواشنطن وموسكو أنّ زمن الاسد انتهى. أقصى ما يمكن أن يحصل، انتظار نهاية ولايته في منتصف السنة المقبلة، ثم يرحل. أيضاً من ضمن التفاصيل التي يكمن فيها "الشيطان"، هو مستقبل الأسد خصوصاً ما يتعلق باستخدام السلاح الكيماوي،
تتجلى تحولات الشخصية "الاخوانية" في الفترة الزمنية اللاحقة في أعمال أخرى لنجيب محفوظ، ابرزها "الباقي من الزمن ساعة" و"حديث الصباح والمساء". صدرت الرواية الأولى عام 1982، يصور الروائي تقلّب "الاخواني" الشاب محمد حامد برهان في الفترة الممتدة من عهد ثورة 1952 إلى زمن توقيع معاهدة كامب ديفيد في عهد السادات. ينشأ هذا الشاب في بيت وفدي الهوى، ثم ينتقل الى "الاخوان"، ويبتعد "عن دين أسرته المتسم بالسماحة والبساطة"، ثم يدخل المعتقل، ويفقد بسبب هذا التوجه ساقه ويده. يرحب بحركة الضباط الأحرار في البداية
لم يخطر ببال القائمين على رأس الإعلام السوري أنهم وبنشرهم خطب الأسد الأب، وصور الأبيض والأسود، ومعالجات الأسد الأب لموضوع التيارات الدينية، أنهم يعلنون صراحة بأن رئيسهم الحالي -الأسد الابن- لا يمتلك حتى جملة واحدة من شأنها “إثارة الحماس”، أو “تهييج الرأي العام”. لقد أعلن الإعلام الرسمي والموالي، في سورية، من حيث يدري أو لا يدري، أن رئيس الدولة لا يمتلك أي جاذبية في الحضور والتأثير بالناس. فانصرفوا الى أبيه الراحل، وبدا الرئيس الحالي مجرد مانح للأوامر الرئاسية، أمّا جاذبية النظام، فهي مستمدة من الغائب، الذي امتلك سحرًا مضاعفًا بسبب عجز الابن،