والكتاب هو هذه العلاقة الجدلية بين سعيد عقل وهنري زغيب، بين الكتابي والشَّفهي، في صيغته المطبوعة. غير أن له صيغةً أُخرى مسموعةً يطرح فيها زغيب أَسئلته، يحفر أَقنية التذكّر شفاهيّاً بدوره، ثمّ ينسحب لمصلحة الكتابي في الصيغة المطبوعة ليمارس آليّات أكثر تعقيداً، بينما يبقى سعيد عقل هو نفسه، في الصيغتين، المسموعة والمطبوعة، حكائيّاً شفهيّاً بامتياز. على أن المقارنة بين الشفهي والكتابي في هذا السياق تدخل في باب المقاربة الوصفية ولا تتوخّى المفاضلة بين النوعين
يقول العقاد في جريدة «الأساس» في 17 كانون الثاني (يناير) 1949: «أجمع المصريون على استنكار تلك الجرائم الوحشية التي يُقْدِم على ارتكابها أفراد جمعية (الإخوان المسلمين)، ولكن فريقاً من الذين بحثوا في أسرار تلك الجرائم يتوهَّمون أن جُناتها الأشرار يُساقون إليها بدافعٍ من الإيمان المُضلَّل، ويحسبون أن إدخال هذا الإيمان إلى عقولهم الملتوية يحتاج إلى قدرة نفسية، أو قوة من قبيل القوة المغناطيسية، وهذا هو الوهم الذي يفرض للمُجرمين شرفاً لا يرتفعون إليه، وهو شرف الإيمان، ولو كان إيماناً مُضللاً منحرفاً
سمعت عن هذه الشجرة من أبي، الذي سمع عنها من جده، وجد جدي بحث عنها، وترك لورثته ورقة مرسوم فيها صور القرآن على هيئة شجرة ومكتوب تحتها ('أَلَم تَرَ كَيفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصلُها ثابِتٌ وَفَرعُها فِي السَّماءِ).
وإمعانا في الرمز والالتباس، يورد المؤلف هذا الرسم وهو أشبه بشجرة من أشجار أرز لبنان (من حيث استواء فروعها الأفقية)، ويعبر كل فرع من هذه الفروع عن سورة من سور المصحف الشريف، وطوله على قدر آيات السورة.
إن ضياع طبقة الناشطين الشباب، التي فاجأت الجميع بوعيها وتحررها وانفتاحها، سيكون خسارة لا تعوّض للحياة السياسية السورية، وإزاء تشتتهم وضعف تأثيرهم، وربما نبذهم، من جانب القوى العنيفة أو المتطرفة، وسعي القوى التقليدية إلى تجنيدهم وتسخيرهم لخدمة برامجها، أو محاولة القوى الإقليمية والدولية استقطابهم وشراء ولائهم. وهؤلاء لا يبدو أن من سبيل لاستعادة حضورهم وفاعليتهم، إلا بتشكيل كياناتهم الخاصة التي تكرس وزنهم النوعي وتفرضه على الأرض، وفي المعادلات السياسية.
وركز بعض الباحثين على علاقة الفقه بالفلسفة لدى ابن رشد، والمنزلة التي يحتلها الخطاب الفقهي بالقول الفلسفي في الخطاب الرشدي، حيث تتحدد العلاقة بينهما في علاقة بين فقه نصّ وفقه الكون، بخاصة أن الكون يتخذ شكل نص هو النص الأرسطي، والنتيجة هي فقه للنصّ بمعنى فَهمه؛ الأمر الذي يبيّن انسجام ابن رشد مع نفسه حين يدرس النصوص الفلسفية بوصفها المدخل إلى فقه الكون، وهو الفقه الذي يسمح بعبادة حقيقيّة جعلها ابن رشد «شريعة خاصة بالحكماء»، وفقه يلبي للحكيم حاجاته من المعرفة العقلية ومن التأمل
لقد وضع نظام الأسد قيوداً صارمة على الصحفيين الأجانب في محاولة بائسة لطمس جرائمه عن العالم، وأطلق أبواق إعلامه الكاذب الذي يدعي خرافة العصابات المسلحة تخرّب القرى والمدن التي تحتمي بها وتلحق بها الدمار. لكنها بطولة هواة الإعلام من أمثال أبو محمد الذين تصدّوا لهذه الأكذوبة وألقوا الضوء على الحقائق صورة بعد صورة وفيديو يتلوه فيديو. حين تهاوت أحياء حمص إلى أطلال وكوم إسمنت دارت كاميرات حمص تسجل دمار سورية على أيدي كتائب الأسد
حين كتب صديقي (العلوي بالمولد) الراحل سعد الله ونوس، مسرحية "الفيل يا ملك الزمان"، أراد أن يشير إلى استباحة "الملك" وامتهانه للشعب المرهوب من خلال التلويح بالقمع الطائفي، وبأدواته، في إطلاقه للفيل الباطش. هذا الفيل أعيد إطلاقه، تكراراً، وفي غير مرة هدّد فيها الشعب السوري العظيم عرش طاغية سوريا الأكبر حافظ الأسد ومن بعده الأصغر وريثه الأرعن، وعادت وأفلتت عنانه مستشارة القصر الرئاسي السوري، بثينة شعبان،
ومهما سعى غسان شربل، رئيس تحرير «الحياة»، الى التنصّل من مهمة «التأريخ» منحازاً إلى مهمة الصنيع الصحافي، كما عبّر في ختام مقدّمته المهمة، معتبراً الكتاب عملاً صحافياً «يوفّر شهادات لرجال أقاموا أو دخلوا خيمة المستبدّ وعملوا معه في مراحل مختلفة»، فهو لا يقدر على التبرؤ من فعل «التأريخ»، وربّما التوثيق، وإن لم يلجأ إلى اعتماد منهج تأريخي ما أو طريقة في البحث، لكنّ ما خرج به من حواراته مع «الرفاق» الخمسة الذي عرفوا «الطاغية» عن كثب وعاشوا معه وشاركوه قراراته،
أما الانتصارات الموهومة التي تفاخر بها ايران وحماس وحزب الله، كما الجماعات الاسلامية المتطرفة، فهي واحات سراب سرعان ما تبددها القراءة العاقلة والممارسة المستنيرة. فها هي إيران تختنق سياسياً بصراعات قادتها، وتختنق اقتصادياً بالبطالة والفساد والغلاء الفاحش لأسعار المواد المعاشية وهبوط سعر عملتها المستمر في مقابل اسعار العملات الأجنبية، وسوء الادارة.. وهذه حماس تتخبط في وضع مشلول، لا تستطيع ممارسة المقاومة المسلحة، كما لا تستطيع التأثير، سياسياً، على مجرى الأحداث في المسار الفلسطيني،
ولا يتوقف خطر الاستبداد، عند الكواكبي، على حاضر الأمة فحسب، بل يتعداه لينال مستقبلها، عندما يُميت فيها إرادة الرقي والتقدم التي من مظاهرها الترقي في الجسم: صحة وتلذذاً. والترقي بالعلم والمال، وفي النفس بالخصال والمفاخر. و بالعائلة استئناساً وتعاوناً، وبالعشيرة عند الطوارئ ، والترقي بالإنسانية، وهذا منتهى الرقي. إذ إن الاستبداد "يقلب السير من الترقي إلى الانحطاط، ومن التقدم إلى التأخر، ومن النماء إلى الفناء حتى يبلغ بالأمة حطة العجماوات، فلا يهمها غير حفظ حياتها الحيوانية فقط