من صوَر أخرى، في الذاكرة، أستعيدُ دوماً ما كانَ من رهبتي، طفلاً، لأثرَيْن حَسْب في بلدَة الجدّة: القطار والمخفر. لم يكُ هذا الشعورُ بالخوف، المَوْصوف، بمَعزل عن تأثير الآخرين؛ وهم هنا بعضُ أطفال تلكَ المنطقة، المُعابثين. فبالرغم من وجود أخي الكبير، المَشهود بالقوّة والجَسارة، فإنّ أولئك الأتراب اعتادوا على النظر إلينا كنماذج لأبناء العاصمة، المُدللين الرخوين؛ أو " الشوام "، بحَسَب تعبيرهم الساخر، المُزدري.
اليوم، لا بدّ أن أحفاد أترابنا، " الزبادنة "، هم في سنّ ذلك الطفل،
أبداً تحن إليكمُ الأرواحُ
ووصالكم ريحانها والراحُ
وقلوبُ أهل ودادكم تشتاقكم
وإلى لذيذ وصالكم ترتاحُ
يا صاح ليس على المحبّ ملامةٌ
إن لاح في أفق الوصال صباحُ
نعم أنا عاهرة.. عاهرة الكونغو الديمقراطية.. اغتصبت ما لا يقل عن الستين مرة، غالباً أثناء رحلاتي اليومية لجلب الطعام والماء، مرّة في تصفية للحسابات بين قبائل، و مرة كي تدفعون بعائلتي للرحيل كي تسيطروا وحدكم على الثروات التي اكتشفت في بلدتي، ومرة بدون سبب واضح، فقط للمزاج.. نعم أنا العاهرة، أمي أيضاً عاهرة مثلي، هي ايضاً اغتصبتموها على الرغم من كبر سنها.. ابنتي البالغة من العمر سبع سنوات أصبحت هي ايضاً عاهرة، بعد أن اغتصبتموها بالسكين..
هل شاهد أحد ومنذ مايزيد على الثلاثين عاما صورة أو سمع شيئا عن أفغانستان غير صور الحرب الأهلية والدمار والقتل ومزارع الأفيون ومصانع المخدرات وقطع أصابع النساء المشاركات في الإنتخابات. والفضائع التي ترتكب بحق المرأة. بصورة أخرى هل لدى الأفغان فولكلور شعبي؟ هل لدى الشعب الأفغاني, وهم مجموعة من القوميات يصل عددها إلى 16 قومية, رقصات وأغاني للفرح ولمواسم الحصاد وجني المحاصيل كباقي خلق الله أم إنهم خارج حدود الزمان والمكان البشريين؟. بالتأكيد كان لدى الأفغان موسيقاهم وآلاتهم ورقصاتهم وأغانيهم.
اهرعي يا عشتار
القتَلى يتوسدون الليل لنزال الصباح .. لملمِ أشلائك واحتمِ في باطنك .. إنها لاتمطر بل تلك دموع الصمت التي تجيز للمجرم بالإجرام.
(تتجه نحو النافذة المتخيلة أمام الجمهور، علائم البؤس واليأس تنال من محياها، تصغر وتضيق بقعة الضوء إلى أن تصبح نقطة صغيرة جداً على جبينها تتحول إلى اللون الأحمر، صوت رصاصة، سقوط ثقيل يرافقه صوت زجاج النافذة يتكسر، صمت للحظات تمر ثقيلة ، ضوء خفيف ، يندفع الريح من النافذة يقلب الأوراق الموضوعة ).
إنّ أحد الأسباب الجوهريّة الذي يحول دون توحيد المعارضة في سوريا بالرغم من قسوة وإجرام القمع، هو هذا الصراع بين الفئة التي وضعت في مؤتمرها في دمشق أسساً دستوريّة [2] تتضمّن الإقرار بأنّ "الدين للّه والوطن الجميع"، وتلك التي قامت بإنشاء "مجلس وطني" في اسطنبول، حيث تتمثّل حركة الإخوان المسلمين بشكلٍ كثيف، وحيث تتمّ المطالبة بدولة "مدنيّة" ديموقراطيّة… دون تحديدٍ أوضح.
ما بين الحديث عن دولة مدنيّة وبين شعار "الدين لله والوطن للجميع"، فرق أساسيّ وتاريخ يبدأ منذ القرن التاسع عشر ولا سيّما منذ بطرس البستاني،
فبينما كان ... المخرج السينمائي السوري «أنا» يتكلم من آخر الدنيا في نييورك «متحف الفنّ الحديث».
كان هذا السينمائيّ الشاب»علي الشيخ خضر « يتعرض للإهانة والأذى.
في متحف التعذيب في»دمشق»
«علي الشيخ خضر «... الذي اختفى منذ أسبوع .
وبينما أنا هنا فإنّ جَسَدَهُ وروحه يُنتهكان في قبوٍ مجهول.
ثمة من يبصق في كاميرته.
الحياة حلوة طالما ترتفع قيمة أسهم "إكسون موبايل" و"غولدمان ساكس" أو صناعة الفحم! خلف تلك المتاريس المعدنية، الربح ثم الربح ثم الربح هو ما ينشدون.. يغرزون أنيابهم ومخالبهم في عنقك، فما لم تشلحهم عنك سيقتلونك قريباً جداً. كما سيقتلون البيئة ويهلكون أولادك وأولاد أولادك. فهم أغبى وأعمى من أن يدركوا أنهم فانون مع الجميع. لذلك إما أن تنهض نافضاً إياهم عن ظهرك، إما أن تفكك دولة الشركات في سبيل عالم يسوده العقل
و قد لعبت حرب 1976 دورا في نقل الوظائف الإضافية التي كانت سابقا تقوم بها العوائل السورية لتصبح حصرا بيد الدولة. و قد ولدت مؤسسة عوائل الشهداء بعد نتائج حرب 1967 لتقدم المواد اللازمة لعوائل الأطفال الذين توفي آباؤهم في المعركة. و بحلول عام 1973 ظهرت مؤسسات جديدة لها ميكانيزم عملي و ملموس مختص برعاية مصالح أسر الشهداء و كان دورها هو استبدال مؤسسات عام 1967 ، و كانت ذات طابع شخصي يصور الأسد كأب حقيقي.
و حتى الآن الأسد يحول مؤسسات الدولة المصممة لتقديم السلع و الخدمات مقابل الطاعة و التحالف إلى مزارع شخصية له، و لكن بلاغيات الأب ( على المستوى المجازي ) تعمل لتقلل من أهمية دور الأسد كأب بطريركي : إنه يشبهنا و لكنه الأخ الأكبر، و الأفضل، و الأقوى من الأب العادي. و في هذا المجاز لرمز الأب تجد أيضا الحب و الترابط بين الحاكم و المحكوم. و في ظل الأسد ليس من المستغرب أن ترى الشعارات و اللصاقات و الإشارات التي تدل على " الحب "