تعالوا إلينا وهلموا وتشتتوا..
ليس الشيء بالشيء يُقارن، ولكن المقارنة لاتصلح، والأهم من هذا الشيء وذاك هو الشيء نفسه.
ولأنني متأكد بأن لا أحد سيقدر على جس حسي ولمس حدسي هنا، ستكون للعلبة المترّبعة فوق أكتافكم حظاً سيئاً بطبيعتها وبأساسها غير الموجود، لذا ساحاول افتراضها ووضعهاضمن كل أوقاتكم.
عصراً يخرج أبٌ وزوجة وطفل للتريض في أحد شوارع المدينة الذي تمتلأ أرصفته غالباً بهواة المشي.. يجلس الرجل وامرأته على مقعد خشبي, ويهرول الصغير حولهما.. يبتعد ثم يقترب.. ثمة رجل قادم يمشي بسرعة يقترب منهم... فجأة يصرخ الطفل: الشعب يريد إسقاط النظام!!
يهرب الدم من جسد الأب... بحركة خاطفة وبردة فعل لا واعية يضع خمسة أصابع كفّه على فم الطفل, وهو يجول بنظره..
يفكر الرجل القادم الذي سمع ورأى, يقول لنفسه: أمامي خياران: إما أن أعتبر نفسي لم أسمع ولم أر.. أو أتكلم.
لشعب السوري بحريته يسطر من جديد للعلم والمعرفة والفكر والأدب والفن، وثقافة تتمازج فيها الوثنيات والأديان والفلسفات والمعتقدات والعادات والقصص والحكايا والخرافات وآملال لشعوب بأكملها وآلامها سكنت سورية من عقود وقرون وآلاف السنين، ثقافات تنضح بالأشورية والسريانية والعربية والكردية والأرمنية والشركسية والتركمانية ... لإبداع جديد وخلق جديد تتدارك فيه الرمزية إلى الواقعية والتعبيرية والسحرية والسريالية وتخوم الأساطير والملحمات لتؤلف مقطوعة كونية جديدة بجمالها وغناها لا تشبه إلا الشعب السوري بغناه وأطيافه وألوانه.
صباحُ الخيرِ . صباحُ عيون الأمهاتِ النائماتِ على الضيمِ .
أقبّلُهنّ . أقبّلُ أجسادَ البراعم الغضةِ الطريةِ التي رحلتْ إلى السماء
أقبّلُ أقدامَ الشهداء .
في لحظةِ حزنٍ . في غمرةِ دمٍ. في موجةِ كذبٍ . جفّت دموعي .
أينَ هي من دموعِ الأمهاتِ !
ستبقى تلكَ العيونُ الصابرةُ . تنزفُ إلى آخر ِيومٍ من العمرِ .
jشكل حركة الشباب من الجيل الجديد نقلة نوعية هي الإستثنائية منذ الأربعينات، بخاصة أنّ الشباب الذين يعملون على الأرض مع المحتجين (لجان التنسيقيات، اتحاد التنسيقيات، وآخرون) هم في الغالب من الطبقة المتوسطة المتعلمة، ونواة مستقبل سورية القائم على رؤية مختلفة أساسها مصالح الناس والارتباط بهم، وإعادة خلق الانسان الجديد، وهذا بحد ذاته انقلاب ثوري في أخلاق تربى عليــها السوريون لعقود (كـ «أنا وبعدي الطوفان»، و«اللي بيتجوز أمي بيصــير عمّــي»). هــؤلاء الشــباب خــارج الأطر الطائفية، والمصالح الضيقة، ويعملون بجد
ن ماذا أكتب؟ عن حماة، تلكَ النائمةُ على أطرافِ نهرٍ ممتدٍ على طولِ خارطتي، واصلاً بين شرياني وحبلِ المشيمةِ الخاصِ بطفلٍ قد وُلِدَ للتوِ. عن تلكَ المدينةِ المسكونةِ بالجراحِ والآلامِ، عن شهداء زرعوا الأرضَ بأسمائِهم كما لو أنّهم أشجارٌ في غابةٍ تُحيي نفسها كلَّ عقدين مرةً.
عن الموتِ الملتفِ حولَ المدينةِ أكتب؟ أم عن الدمار؟ وكأنّ بها تلكَ المسكينةُ قد عقدت قرانَها على ماردٍ أخرقٍ يستمتعُ باغتصابِها كلَّ ما رغبتْ نفسُهُ بذلك
الآن ومع النية لتشكيل أحزاب غير تابعة لأحد أو مرتبطة بأحد، دون خوف أو مسؤولية، وإذا أعقبها أو سبقها تعديل الدستور، وإذا ألغيت المادة الثامنة منه، وإذا فرط العقد الفريد للجبهة الوطنية التقدمية، فإنني أحلم أن ألتقي بصديقي هذا لأعمل معه على إحياء فكرته القديمة، بتشكيل حزب سياسي. ليس من أجل كرسي الوزارة، ولا طلباً لمقعد في مجلس الشعب. لأن الأحزاب الجديدة في هذه الحالة ستكون مستقلة، لها الحقوق والواجبات والمقومات التي تحظى بها جميع أحزاب بلاد الدنيا التي تكرس حق المواطنة في العمل السياسي بعيداً عن أبوّة السلطة
أشعر بوجود جمرة ملتهبة في أعماقي.. ولا أستطيع تحديد مكانها.. فهي تنتقل.. تحرق.. ثم تمشي.. ثم تحرق.. ثم تركض.. ثم تحرق...... وحزنٌ يبلل أعماقي الورقية الهشة.. فتفقد قوامها وشكلها.
كلما أحسست بتلك الجمرة, تمنيتُ لو أن دمائي وأعماقي أرضاً منحدرة.. سطحاً أملس غير مستوٍ خالٍ من أي تجويف قد تتمركز فيه تلك الجمرة لتحرق بشدة..
صرت أشتهي أن تركض الجمرة بسرعة.. وتنزلق.. فتلسع فقط.. ولا تستقر كي لا تغرس جذورها في دمي.. فتُنبِتَ أشجار نار!
يا أصدقائي في سوريا: نحن نعلن التضامن وأنتم تُقتَلون. نحن نصدر البيانات وأنتم تُسجَنون. نحن نوقّع عرائض الدعم والمساندة وأنتم تتعرضون للتعذيب. نحن نترقّب بقلق مصيركم الذي لا مفر من أن ينعكس على مصيرنا، وأنتم يُنكَّل بكم. لكن، ما باليد الحيلة. فالهراوات نفسها التي تنهال على رؤوسكم اليوم، والرصاصات نفسها التي تخترقكم، قد ذقنا طعمها البشع ها هنا في الأمس القريب، ولا تزال مصلتة كسيوف ديموقليس على رقابنا.
في طفولتي :
لاحقني القهرُ ، والجنيّات ، وبكاءُ أمي .
وفي شبابي :
شعرتُ بجسدي يرتجفُ، وأسناني تصطكُّ خوفاً :
من البردِ . من الرجلِ . من أن لا أجدَ ثمن طعامٍ . من الدركي . من أن أكونَ خائنةً دون أن أدري . ما أسهلَ أن تكونَ في بلادي خائناً ، وعميلاً يستحقُّ القتلَ !