تلك
هي الحكايةُ
لم تروَ
إلا في عماءِ المرايا !
..
تلك هي ..........
والسؤالُ متحفّزٌ كنابِ الدهشةِ
على شفتيّ القلق..
***
تتكئينَ على المشهد
مطر ...
وداعاً يا حبيبتي...
في البداية قرَّرتُ البقاء هنا، لأنَّ جُذوري مزروعةٌ في هذه الأرض؛ وروحي متعلقةٌ بجاذبيةِ أجساد أصدقائي المُتعَبة من الشّظايا النازفة حتى الموت.. اعتقدتُ يوماً أنني سأموت في بلدي، وستخرُجُ روحي على أنغامِ زقزقةِ العصافير التي بَنتْ أعشاشَها على أغصان الدَّالية المُمتدّة لتعانقَ نافذة غرفتي بكل حُبٍّ وحنان؛ وأنَّ التكبيراتِ والصَّلواتِ ستداعب موسيقى الرّيح في مسيرة نعشي نحو المقبرة؛ وأنَّ الأعْيرَةَ الناريةَ الكثيفة ستُطلَقُ تكريماً لرحيلي، وأنا أغتسلُ بدموع أهلي وأقربائي وأصدقائي المودِّعين...
ولا رأى الحربَ
ولا الدماءَ ولا الأصدقاءَ الموسميين
ولا الخونة ابني الذي بعينين زرقاوين
.. الذي لن يأتي كي يرى أصدقاءً قتلى سبقوه
إلى اللعبِ في تراب القبور ِ
ابني الذي بعينين زرقاوين
.. الذي لن يأتي كي يرى أصدقاءً قتلى سبقوه
إلى اللعبِ في تراب القبور ِ
ارتجف صدره ومضى
ركض نحو بشارة الوعد
على التلة الشرقية
انفصلت ورقة جذعه
حين سقط
نفضت شجرها من حولها
جرت نحوه تصيح
وأظافرها تمشّط دموع خدودها
وجدته يرقد طريحاً
على حواف النهار الآتي
وطيور الثلج تحلّق حوله
وضعت رأسه في حجرها
بكت حزنها وخبزها
بكت كثيراً
في وحشة الوجد
ضاعت ملامحها
وما زالت تنتظره
تبحث عنه في زهر الرمان
لا تمل من الانتظار
رماه جناحه الخائن
على شاطئ الأعداء في الليل
شامةٌ تقتلني عوضاً عن رصاصة القناص
و تحمل جثتي كإلهةٍ ..
أنا الذي
في أول الدرب
ما زلت ألملم حطب شتائي الطويل
أنام على زجاجات جسدي المكسورة
و أتألم مثل عقرب الثواني .
من أين أحبك الآن
و ما تبقى من القصيدة
أصبح في فم الغيمة !! ؟
ربما
في الصباح
أجدني مقتولاً برصاصة في الذكريات
أو بلدغة أفعى تحت إبط قصيدتي
ترتحل قطعة الخشب بنصفة تعويذتها عبر الجغرافيا، تناست الزمان وتناسها، فتتقدم هي جهة "خليج غولد ستريم" صوب "سانتياغو"* في يوم الانتظار السبعين، يلمحها العجوز وتلمحه، يتقدم نحوها وتتقدم إليه، يتناولها فتستقر في يده، يعاين تعويذة لغة الضاد "يا حامل الأروح في الألواح، ومسير الفلك بغير جناح..."، فيألفها، وتوقض في أعماق روحه ابتسامة غريبة، تحمل في ما تحمل من معانٍ أن ثمة قادم، وأن ذاك القادم سيأتِ ولن يأتِ كاملاً، فتمر الثمانون يوماً، ويأت الموعد، فتأتِ السمكة الكبيرة، فتشرّق بسنتتياغو وتغرّب، ولأول مرة في عمر الشيخ العجوز يرى خصمه رافعاً علماً أبيضاً، فيجر بخيلاء المنتصر رهينته جراً، وهنا حدث ما هو متوقع، لقد لاحظ الزمان الخبيث سنتياغو، فأبى إلا أن يقاسمه مجده، أو أن يكدر طراوة ذلك المجد؛ فتتدافع أسماك القرش تنهش و تنهش، عبثاً سارت لعنات سينتياغو على علوج الزمان، ولم يبق من السمكة الكبيرة شيء، تبقى المجد! تبقى العظم!، ما الذي تبقى؟ ما المجد؟ ذكرى؟ تبجح؟ رضى يصادق عليه البشر؟
مسرورجداً لعثوري على هذا الفيديو، الذي أعتبره الأهم فيما رأيت خلال مدة طويلة، لأنه خالٍ من الحشو الإيديولوجي، المفتئت على العلم. فوزير مالية اليونان، يشرح السبب الأكثر جوهرية لكوارثنا الراهنة، يحدد موقعنا في خارطة التاريخ، الآن، في هذه اللحظة.
سبق أن عبرت (هنا في صفحتي) عما أطلقت عليه (القانون العام) لعصرنا، وهو باختصار شديد:
تراجع ـ وليس اندثاراً فجائياً ـ اضمحلال، لوظيفة، دور، الدولة الوطنية، يأخذ شكلين، أو مسارين منفصلين لكنهما متلازمان كخطي سكة الحديد:
أولهما، تفكك الدول المتخلفة اقتصادياً (ذات وتائر النمو المتقهقرة أوالبطيئة)، إلى كيانات تحت، أقل، أدنى، من الوطنية.
ثانيهما، اتحاد الدول المتقدمة اقتصادياً (ذات وتائر النموّ المستمرة والمتزايدة) في كيانات ما فوق وطنية (تجمع النفتا، الاتحاد الأوربي).
تلك السيرورة، وذلك القانون، شرعا بالتحقق منذ انهار الاتحاد السوفييتي، ثم تفكك يوغوسلافيا، وتشيكوسلوفاكيا، و (الكوميكون ـ حلف وارسو) ثم السودان، الصومال، اليمن، العراق، سوريا، أوكرانيا.
تتبادر الأفكار متتابعة، إلى ذهني المنفصل عني، عن مخيّخي الهالك المملوء بالشِّعر، بالرماد، بالورد و القِحاب العابرة.
أنا، ابتداءٌ من الموتِ، و ٱنتحارٌ في القصب المرِّ تحت لساني... لي ما يرى الوجوديّ في كونه. لي ما يقول علنا في بريّة الزنبقة.
« إنّ جسدي لا يبدو فوق طاولة التشريح، مثلما يبدو لي
إنّني كنتُ خارجه، إنّه كان خارج وعيي ...»§
وعندما تنبتُ لكَ أول سنٍ يا صغيري
.... أعدكّ يا حبيبي بعدما تغادرُ أمكَ المنزل إلى العمل، سآخذكَ إلى الحدائق الواسعة وأشتري لكَ بالونات ملوّنة وحلوى، وأغطيكَ بقلبي من حرارة الشمسِ أو من لسع البرد ....!
كوني سأكون في إجازةٍ من أجلكَ يا حبيبي ...
/
ــ حبيبي ... يا ولدي .. أنتَ لم تأتِ كي ترى الحربَ والأطفال القتلى والأمهات والنواح والدموع والآباء المكسورين ... يا ولدي هذا صعبٌ ومؤلم جداً يا ولدي !
نعم يا صغيري ... لقد خانتنا الأعرابُ !
والشعوبُ في ملهاةٍ عنّا .. كلّها يا ولدي ...... يحصون قتلانا مع رشفات الشاي والأطعمة الجاهزة والمعلبات .. ويقولون : يا حرام ؟!
.... كلّهم يا ولدي أشرار
... كلّهم يا حبيبي خونة ..... !!
ماذا لو تجاهلنا الجسد وأسراره وظلَّ سجناً لرغباتِنا ورغبتِنا بالتعبيرِ ولو على الورقِ واللوحةِ؟ الجسدُ الحرام الذي حرمنا أنفسنا من النظر إليه، دون أن نرى هذا العالم الجماليّ بتحررٍ ضمن إطار العقل بحدود ترسمُها الحريةُ، إلى درجةٍ حتى حُرمة التكلم بَيْنَ ذكرٍ وأنثى في مكانٍ عام. أمر يشغلني هو أن الدينَ ينظرُ إلى النية القلبية أو المعنوية فإنك إذا أردتَ الوضوء مثلاً فان نيتك تكون بقلبك أو عقلك، لَيْسَ شرطاً أن تقولَ لنفسِك بلسانِك يا فلان قم توضأ ثم كذلك بقية الأعمال كالصلاة وغيرها. أي إن اللفظ لَيْسَ أساساً في النيةِ، وَلو قلتَ مُجبراً على شيءٍ بقولك دون إرادة في سريرتِك ثبتَ بطلانه، وهذا حسب اطلاعي على الموضوع ولا ادعي درايةً كاملة بمثل هذا الأمر .
إذنْ ..كيف باللواتي سُقنَ جبراً على طول تاريخ أجدادنا إلى أزواجهنّ دون رغبة وموافقة منهن رضوخا لسلطة الأهل؟ بل إن الكثير مِنْ الحالات حدثت والفتاة ترغب بشخص آخر غير الذي أجبرها عليه أهلها، أو إنها حُجزت لأحد أبناء عمومتها، فرفضها القلبيّ أو الباطني موجود، وهي غير راضية بطبيعة الحال، لكن مواجهة الأمر قد تؤدي إلى قتلها لذا تبدي موافقتها اللفظية فقط. ما حكم هذا الزواج وهل يدخل في باب الإجبار الذي يعد وجها آخراً للاغتصاب الذي يشترك به الزوج وأهل البنت أيضاً؟ هذا إذا كانت عاقلة ولها قناعاتها، تحب وتكره وترغب وتقرر مصيرها، فضلاً عن القاصرة التي يقنعها الأهل بالزواج دون الرجوع لعقلها الذي لم ينضج بعد. إنه تساؤل وليس مساساً بثوابت الدين.