خيط رفيع هو يفصل بين الحيوات المختلفة والمتنوعة تلك التي استطاعت بمهارة نضج موسيقا الإبداع فيها أن تقدمه على شاشات السينما العربية دفقا منصهرا ، صائبا وشفيفا ،تلقي بذار حنطة الجمال والتحضر باقات من الأطروحات الثمينة والمعالجات الهادفة والقضايا الهامة التي ناضلت من أجلها لرفع معاناة كثيرة جسدتها ورسختها بسمو رفيع وأداء جزيل العذوبة فأصبحت النبيلة الذي باتت كل البنات ترغبها وتتعلمها و تقلدها فسكنت القلب والوجدان ، كل حكاية وكل نظرة وكل وقصة شعر وضحكة وفستان وحياء هي لحظات الفرح
أحلامنا الجميلة نتركها هنا ، نهديها للتّاريخ ، يبقيها حيث يشاء، يسجّلها في دفاتره . تتحدّثُ عنّا بما تراه مناسباً.
شارفنا على الوصول . هناك منعطفٌ في آخر الطريق نصلُ بعده إلى برّ الأمان .
ماهوَ برّ الأمان الذي سنصلُ إليه ؟
هل هو بدايةٌ أم نهايةٌ للزمان ؟
أنظرُ إلى ذلك الجّدار ، أرى شجرةً وحيدة قربه ، تبدو أوراقها صفراء . تتساقط إلى الأسفل ، وعلى بعدِ بضعة أمتارٍ منها نهرٌ يتدفّقُ متّجهاً إلى البحر . مياهه الباردة تتراقصُ على طول الطّريق . تكادُ تصل .ستسقطُ بسرعة وتختلطُ مع مياه المحيط .
( إلى شيرين , لا أدري كم مرة سوف أخرج من حياتكِ )
***
أنا الرجل الذي ستقولين عنه جلس هنا أمامك ولم تبدِ له اهتمامكِ , الرجل الذي كان ينتظركِ في الفنادق والمطاعم والمقاهي والبارات والجامعات والمطارات والحافلات ومحطات القطار والأمسيات الشعرية والندوات أيضاً , الرجل الذي كان يراكِ في واجهة كلّ المحلات التجاريّة التي يمرّ من أمامها صباح مساء وهو يستمع إلى الموسيقى ويغني ويغضب ويفرح ويكتب ويبكي ويصرخ ويحزن ويدخن وحيداً .
طفلٌ يحبو بين الألغامِ عند سياج الوطنِ ... يطاردُ فراشة !
تحطُّ فوق االفخِ ..........
فما أجمل تلك اللحظة وما أبشعها !
حتى أنتَ أيها القدرُ الرائع
للطفلِ الرائع ................. تهدينا هذا المشهد !
حتى أنتَ يا حبُّ
تهدينا هذا الموت الرائع
رت جفاف أيامها بعدد سنوات ممتلئة بمؤتمرات وتصريحات ووعود لرفع معاناة الفقراء - وليست "جنينة "منهم بالطبع - "جنينة "من فصيلة التعساء وهي الفصيلة الأسوأ والأحط قدرا وحالا من الفقراء لذا لا يخضعون للإحصاء ولا يشكلون هما أو اهتماما أو حتى خطرا لأنهم ليسوا بموجودين ، سنوات ما كلت اقتراحات الميديا عن حل معضلة القمامة والتي تسفر دوما عن تضاعف تلالها بل وتتسع وتتناثر المساحات لتبتلع معها كل الجنائن ، في عين هذا الصباح رفع عامل النظافة الكومات جميعها ولم ينتبه أن ضمن الفضلات المرفوعة كانت "جنينة "
العالم فرح بانتهاء العام. أبحث عن تفسير، أرغم نفسي على الاحتفاء بقدوم العام الجديد.
في تلك الليلة، وبعد المنتصف أتيحت لي الفرصة أن أفكّر بنفسي، وقتي دائماً مشغول، والليل مناسبة أعيش فيه مع ذاتي.
لم ألعن الزّمن. بل شكرته. أعطاني الكثير، لي مملكة جميلة في مختلف بقاع الدنيا يبادلني أفرادها الحبّ، يسألون عنّي بودّ، وأعني لهم الكثير. هي مكافأة الحياة لي وأنا أستحقّها.
دعوت الله أن يسامحني عن الخطأ، رأيته يبتسم لي ،يدعوني لعشاء عمل.
جلسنا على طاولة من أثير، كنت صامتة خاشعة في حضرة الرّب.
ما بكِ؟
تركوها في الليل ..!
تركوها بذات الوجه ممددةً فوق الأبيضِ ..!
خضراءُ كنزتها ... كشهوات العشبِ لوطءِ الأقدام العاشقةِ،
أقدامِ الأطفال .. حفاةً يتهافتون إلى الفجرِ مع الديكة !
وندى ...
وندى القلبِ يتساقط فوق وريقات الوردة !.. وصدى
وصدى القلبِ يتردد في إصخاء النبع ِ ..!
كم نبعاً أحمرَ صار هذا الوطن ؟!
تركوها ترمي أيام طفولتِها في المجهول كحصى ترجمُ فيهِ .. تخاذلهم !
ترمي الموتَ بطفولتها المتجمدةِ بين أقدام شعوبٍ تتزاحمُ أمام العهر ِ ...
أتيت إلى ألمانيا، تهريباً، وفي الطريق مكثت في أثينا، حيث "عش المهربين" ومحطتي في رحلتي، سال لعاب المهرب حين رأى أنني أحمل جوازي سفر سوريين، أحدهما منتهي الصلاحية، واستغرب رفضي مبلغ ألفٍ من الدولارات، لقاءه، وأبدى استعداده لدفع المزيد إن وافقته "بيعاً" له، وأغراني بأن عراقيين وأفغان يحتاجون وثيقةً تثبت "سوريتهم" كي يستفيدوا من تعاطف بعض الحكومات معنا، نحن السوريين.
لن أحصيهم ولن أعلق
سيأتون بأنفسهم ليصطفوا
للصورة الجماعية
على لوحة قلبي –
صبية اللهو
الراقصون على الرخام
وطراريح الليل
حيواناتٌ آدمية تتقافز عكس اتجاه الوطن ِ كسمكِ السلمون أسراباً تتهاوى على صخور الألمِ في رحلةِ المجهول إلى المجهول .. إلى الموتِ الآخرِ في مطافِ الأيام المتبقية عند شواطئ التيهِ...!
حيواناتٌ بهيئة الآدميين بألبسةٍ مزركشةٍ ملونة، كأنّ بهم يتسابقون في مهرجانات الربيع !
إلا أنّهم يجرفون الطينَ بأحذيتهم ..