في الثامنة والثلاثين، وبعد صدور أربعة كتب منذ سني العشرين، جلست أمام آلتي الكاتبة وكتبت "بعد ذلك بسنوات، وإزاء تنفيذ Gelaton كان على الكولونيل أورليانو بوانديا أن يتذكر بعد الظهر ذلك ـ البعيد ـ الذي أخذه والده ليعرفه بالمرأة". لم يكن لديّ أدنى فكرة ما كانت تعنيه تلك الجملة ولا من أين جاءت ولا الى أين ستقودني. ما أعرفه اليوم، أنني، وعلى امتداد 18 شهراً، لم أمض يوماً واحداً من دون الكتابة، حتى أنهيت الكتاب.إسبرنزا أريزا، بيرا التي لا تُنسى، طابعة آلة الكتابة للشعراء والسينمائيين،
وإذا كان الاستخفاف بأثر فيلم "براءة المسلمين" بحجة انه فيلم رديء على المستوى الفني، كما الاستخفاف بفعلة "إبدو" بحجة انها مجلة هامشية تسعى للفت الانتباه وحسب، إلا ان الحجتين لا تكفيان لمقاربة المعضلة الكبيرة ما بين "حرية التعبير" (بمعاييرها الغربية) و"مشاعر المؤمنين" (بمعاييرها الإسلامية). إذ كيف سيكون موقف المثقفين العرب مثلاً لو ان مخرجاً سينمائياً من طراز مارتن سكورسيزي صاحب "تجربة المسيح الأخيرة"، قام باخراج فيلم شبيه عن النبي محمد؟ فحجة الرداءة لن تتوفر
هناك بعدُ إغفال لافت جداً. في كتاب يفترض أن ميزته الأساسية هي التحليل الاجتماعي والربط بين الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ويتكلم مؤلفه غير مرة على الأوليغارشية، ويلمح مرة على الأقل إلى «العائلة» وثروتها، هل يعقل في كتاب كهذا ألا يقول المؤلف شيئاً عن مقابلة رامي مخلوف الشهيرة في «نيويورك تايمز» في أسابيع الثورة الأولى؟ الكاتب غير غافل عن مخلوف، ويقلل من شأن تحوله المزعوم إلى العمل الخيري. فكيف تفوت تلك «الوثيقة الفريدة» «المفكر والباحث الرصين والمرجعي» على ما استطاع الأستاذ باروت وصف نفسه؟
ومسؤوليّة السوريّين اليوم هي إغراء العالم بالتدخّل، أيّ تدخّل كان، لوقف العفن وتماديه. فلا تكفي النيّات ولا ما قد يقال في الغرف المقفلة، بينما المطلوب كسر هذا الانسداد الجهنّميّ القاتل. وإذا كان العنصر المتعلّق بالجولان وكيفيّة استعادته واحداً من الأسباب التي تُضعف إغراء العالم، وجب على الثورة أن يكون لها قولها الصريح والواضح والمطمئن في أمر استعادة الجولان وطيّ صفحة الحروب. فالأنظمة الامبراطوريّة، والنظام الأسديّ مصغّر عنها، لا تنكسر من دون مبادرات شجاعة كبرى، ومن غير تحوّلات في الوقائع كما في الأفكار، وأحياناً في صورة الخرائط ذاتها.
هي.. فنانة تشكيلية مصرية، تخرجت من كلية العلوم عام 1981م، وتفرغت لممارسة الفن التشكيلي عام 1989م، أقامت سبعة معارض فردية، وشاركت في أكثر من عشر معارض جماعية، وخمس فاعليات دولية.
هي.. وخلوتها المقتطعة من زمن صعب، وغيمات تنبت وتتكيء على الحوائط في انتظار هطول كامل، مرسمها الذي اختارته على بعد خطوات من بيتها في حي مصر الجديدة، لوحات مؤرقة تعم المكان، أثاث يدوي، ونباتات زرعتها في جوانب الشرفة، هنا عالم "عايدة" الحقيقي، وهنا استطاعت أن تصل إلى بصمتها الخاصة التي لا تشبه أحدا.
لم تفهم فاطمة مغلاج ما حلّ بها. فجأة فقدت رأسها. فجأة فقدت القدرة على الحلم وعلى التركيز. أرادت أن تشعر بجفاف حلقها لتطلب ماءً فعجزت، وأرادت أن تنادي أمّاً أو أباً فلم تعثر على لسانها ولا على صور للوالدين في ذاكرتها. حاولت النظر حولها لتطمئن الى نومها في مكان أليف بانتظار انتهاء هذا الشعور الغريب بالفراغ الذي يجتاحها. لكنها لم تجد عينيها المبعثرتين، ولا الحاجبين والرموش المتناثرة في فضاء الغرفة الباردة. لم تجد حتى خصلة الشعر التي سرّحتها والدتها تحضيراً لعرس خالها.
تميل المقاربات الخارجية للشأن السوري إلى تصور أن هناك طرفين متصارعين، أحدهما سيء، والآخر سيء أيضاً. وليس المقصود بالخارجية هنا غير السورية، بل أي مقاربة انطباعية، تنظر من بُعد أو من علٍ إلى الصراع السوري، ولا تحيط بغير خطوط عريضة من مقدماته وعملياته ودينامياته. قد تصف هذه المقاربات الحال في سورية بأنها حرب أهلية، انقسم فيها «الأهل» السوريون إلى أهلين متحاربين، يقتل هؤلاء من أولئك وأولئك من هؤلاء،
لم تنجح خطة الوقيعة الطائفية التي يمكن أن تتحول إلى حرب أهلية، لسبب رئيس هو أن المعركة دارت أصلا بين النظام الحاكم وقطاعات واسعة من المواطنين ينتمون إلى طوائف وفئات وتوجهات ومصالح متنوعة، وأن السلطة كانت طرفا مباشرا ووحيدا فيها، لم يتح متسعا لأن تحل أية جهة مجتمعية محله، لتبدأ بوصفها جهة متماسكة ومعبأة تنظيميا وسياسيا وايديولوجيا قتالا مفتوحا يضم معظم المنتسبين إلى ما تنتمي إليه من مجال مجتمعي ضد جهة أو جهات أخرى موجودة مثلها عند قاع المجتمع، تكون بدورها متماسكة تنظيميا ومعبأة سياسيا وأيديولوجيا.
مذهلٌ كيف ننجح، دائماً، في 'امتحانات' مثيرة للتقزز كهذه!
مذهلٌ كيف لا نخطئ، مرة واحدة، في الاستجابة المطلوبة لتفاهات كهذه ونفشل، دائماً، في التصدي لعظائم الأمور!
هذا الغضب الأعمى، المُزْبد، المُرْغي، المختنق بحمولات قهر تاريخية فجَّرته شائعة، أو ما يشبهها، ولم تستطع أن تفجر، ربعه، وقائع الاحتلال الاسرائيلي اليومية والتهويد المتواصل، أمام انظار العالم الاسلامي لـ'أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين'!
أليس مذهلاً هذا؟
إنّه شعور عامٌ تشترك بها المدن العربية، يسردُ المؤلفُ عديدَ أسبابٍ لمشكلاتِ المجتمعِ العربي، إلاّ أنّه يركّز على ما يعتبره جوهرياً، فيورد مثلاً ما يراه أكثر تأثيراً في خلق العقبات التي تواجه التطور في هذه المجتمعات، فغياب العدالة الاجتماعية يعني - حسب رأي نوتوهارا - غيابَ المبدأ الأساسي الذي يعتمدُ عليه الناس، مما يؤدّي إلى الفوضى. "ففي غياب العدالة الاجتماعية وسيادة القوانين على الجميع بالتساوي يستطيعُ الناس أن يفعلوا كلّ شيء".
يتابعُ نوتوهارا "أعتقدُ أنّ القمع هو داءٌ عضال في المجتمع العربي،