أثاريني أنا الميت على فراقك
وإلك حنيت ...
حبيبي ... حتى لو كانت ... حبيبي ...
تِبْعِدَك عني
تقلي بخاطرك ..ياريت...
لم يستتر ربُّكَ يومَ جالَ بالغيومِ
حتى أنَّ ظله نكحَ الأرضَ، بعد جدبٍ، فأخصبتْ شياطين
وقتلة
"التجديفُ ممنوعٌ هذا الدهر"
منْ قالَ لكَ أنْ تصغي؟ خذْ هواءك وارحل
أمّا حزني سديمٌ بغداديُ ...
يحاصرُ الندى،
يحاصرُ الدمعَ في مقلتيَّ ..
ويحجبُ أنفاسي في صدركَ ؛
الحزنُ جغرافيةُ الوقت ِ ...!
ها أنت ذا في حضرةِ باشو
مُترنمًا بالنقاءِ
وممسكًا بعذوبةِ
طالما جدّ إليها غيرُكَ
أصابعُ بوذا تُمسّدُ روحَكَ
تبكي بصوت عال كطفلة، لصوتها نغمة مثيرة، تدفع رأسها للوراء فأرى فمها في المرآة فاتنا، سنّتين أماميتين بين شفتين مكتنزتين بلون الفراولة، مغمضة العينين تتأوه، تنطلق من فمها المفتوح زفرة تضرب مؤخرة رأسي و تنزلق بحرارة مع عمودي الفقري لتنفجر في خصيتيّ و عضوي الذي انتصب كجمل ينهض دون حمل،
الثلج يتوحّش في الأبيض لينحت الغليان
كبقايا شمعة تشكّلت فوق الطاولة ليلة البارحة
وطبقة الغبار الكثيفة عند حديد النافذة، وننفخ عليه
كطيّارة الورق علت كثيراً حين فرح الأطفال...وبقيت
عالقة في شجرة الصنوبر حين ملّوا...وعادوا للبيت
أَفْرَطَتْ في القَسَمْ..........أقْسَمَتْ
هُبَلْ صَلَابَةُ عُضْوٍ إِنْسَلَّ في أحْشَائِهَا
عَشْتارْ خُصُوبَةٌ مُسْتَعارة
زِيُوسْ قُوَةُ شَمْسٍ نَارْ
بِطاووسَ أَفْرَدَ ذَيِلَهُ فَيَقْنِصُ
كذا ، أثمل دلال أغنيات غجرية
بوسعي أن أعريك كما الشمس الفضية
وأراقص ظلك النمشي على حوائط القلب العاجي
وأختلس الغناء من عربدة الكروان
لأمنحك أنوثتي المتصدعة بين عناب أناملك
لحظة.. لو" سمحتَ لي
شوارعُ ضيقةٌ ضعنا فيها, تاهتْ بها عيوننا الراسمة من ألقِ الحياة، ذكرى لماضٍ سيأتي فيما بعد.
خطوطُ الوحل المتعرّجة على جدران البيوت القديمة، بدت كمثل مشيتنا في تلك الأحياء المتعرجة. كانت متداخلة مثلها تماماً, تعبث بها مياه الله النازلة من عنده, غسلت أوراق الياسمين من كل ما فيها، إلا رائحة الورد التي بدت كأنَّ دكاكين العطارين قد كسرت زجاجاتها المملوءة في ذاك الصباح, الذي حمل أقدامنا وقلوبنا سويةً إليها.
شقَّت الشمس طريقها إلى المكان ذاته بصعوبة, لم تصل إلى الأرض، كانت أجسام المارة تقطعها إرباً؛ لكن دون أن تتقصد، ضاعت الشمس وسط هذا الزحام مثل ما يضيع الأبله أو المعتوه في مشيته.
إنَها في السماء، واحدةٌ مثلنا، قويةٌ مثل أرواحنا التي تشابكت في صدفةٍ، بالتأكيد غير معهودة، فتلاصقت دون أن تدري كيف، متشتتة كمثل أقدامنا التي تُجبر على الفراق كل يوم.
لحظة لو سمحت لي: إنه الافتراق، هو كل يوم.
يقاطعني حبي المذبوح على مداخل تلك الأحياء، مازال دمي يرسم من لونه الخمري في زوايا البيوت جداول صغيرة، غيَّرت لونه القاتم من اختناقه الذي ودَّ لو أنَّه ما عهدهم؛ ما عرفهم، لم يعش معهم حاضراً، سيقود إلى أزليةِ الوفاءِ بعد حينٍ من الزمن، هي الأمطار غيَّرت لونها كما بدَّلت جدرانها.
وقفتْ الريح أمام المداخل، لم يَعُدْ لها من مكانٍ تتجول فيه تبعث بصفيرها المرعب سوى السماء الواسعة التي غطت البيوت هناك، دخلناها حيثما وقفت الريح. بدأت اللحظات تسحب بعضها بسرعة، كأنها تريد أن تجمع بشتاتها، لتشكّل ساعةً أو ساعتين أو أكثر، الزمن
الذي سنبقاه سوية، الوقت الذي سنملؤه بأحداثٍ؛ بضحكاتٍ؛ بنظرات الحب الصادقة، ستكون يوماً آتياً ذكرى, تجول أمام عيوننا كأشباح الليل، كلّما اقتربت من الضوء تختفي مرةً أخرى.
مضينا فيها ونحن نقبِّل الأرض بأحذيتنا، حتى تكون يوماً قادماً في استقبالنا؛ لأننا لم نؤذها، فقط أشعرناها بوجودنا. كانت أصواتنا تعلو شيئاً فشيئاً، تريد أن تنادي الكون كلّه أننا هنا، نمتطي صهوة الحب ونمسك لجام الوقت كي لا يفلت منا حتى نجعله يسير كما نريد, ثم يمسكنا الحياء.
بدأننا نتسلل عبر العيون المفتوحة هنا وهناك، نقفز من رصيف إلى آخر؛ من شارع إلى آخر و أجسادنا تصطدم بالأجساد الماضية إلى حياتها, ونحن نمضي إلى الحياة .
باغتتني بصوتٍ تدفَّقَ من حنجرتها التي امتلأت بعبق الياسمين المارِّ من بين شفتيها, قبلها, قبَّل عينيها البراقتين، تسلَّل صوتها إلى شرودي العميق في ما أنا فيه؛ فيما سيأتي بعد زمن، قالتها لي وصمتت.
- حدِّثني
شَهَقْتُ كأساً من النَفَسِ العميق، بلَّلت فيه كلماتي حتّى تخرج لتعيش قليلاً قبل جفافها، لتستطيع الوصول إلى ذاكرتها التي ما تزال تحمل في جوفها رطوبة الشوق، الحنين المبتل بدمعة الغياب التي تذرفها كل يوم على وطنٍ سجين، قتله أصحاب العقول البالية؛ قتلته الأحقاد والتفاصيل البسيطة.
سالت الكلمات من بين شفتيَّ كأنها اللعاب, لقد خنقتني حيناً طويلاً.
عاشت الكلمات أكثر مما توقعتها، بدأت تشكّل نهراً ينبع مني ويسير في مجرىً لم تطأه الشمس؛ لأن ليس للشمس هنا من مكان، إنّها تبعث رسولها كل يوم، فيأتيها خائباً، يبحث هنا عن مسقطه، يعود وفي جعبته شيء من طيبة أهلها، يسمحون لها بأن يكون النور رسولها بينهم ولها سطوح المنازل إن شاءت.
تعدو اللحظاتُ مسرعة مع مرور بعض الوقت على بدءنا السير نحو الماضي؛ سيرنا الذي كنّا نرتّله ترتيلا، حتى يخرج كأنّه صفحات مملوءة بكلمات كتابٍ مقدّس، تجعل ممن يقرأنا فيما بعد، يشعر بصفاء تلك القلوب المتجولة في أراضٍ حملت من ماضيها شيئاً من الألفة التي طلت قلوبنا المتعطشة لما نعيشه كل يوم.
كأشجار النخيل كنّا، تُدمي ضربات المارقين من عند ساقنا، رؤوسنا، فنرمي لهم حلاوةً مخزونة في تمر، وصَّى الرب به للعذراء التي مازلنا كقصتها، لم يصدقها البشر، وكيف تُصدَّق ولم تُدمى؟ نحن نُدمى ونقطر حلاوة الحياة، وهم يُدمون ويصبحون زوجات للأقدار. مازلنا نمزج الدموع بالتراب العالق بأحذيتنا التي
قبّلنا بها الأرض، دموعنا مرَّت من فوق شفاهنا قبل أن تنتحر على نهايات وجهينا. من سفلِ حذائي, سقط شيء مني، أعاد الماضي إليَّ ورحل عني، نظرت إليه، فهممتُ بمدِّ يدي إليه دون أن التفت، التقت أصابعي عند ما دنوت إليه، بأصابع كانت لها نعومةُ قواريرِ الياسمين ووردها، حملتُ بذور الياسمين لأزرع به
وردا،ً وحَمَلتْ ترابي لتحتضن به شوارعها؛ لتزيِّن شرفةَ منزلها. وحملتُ أنا من العِطرِ أزماناً كثيرة .
من منا لا ينجو بأقنعة الريح
كالبحر حين يشنقه المدى..؟
بضحكة تلغي السؤال
كالحضن حين يرتمي ،
في صدر صدى