من علمني النوم ؟
من علمني اليقظة ؟
كنت بدرا
وكنت هلالا
ثم بدراً من دون اكتمال .
الصيفُ مرَّ بغيمتَينْ
لمْ يجمعِ النَّدَفَ الطَّرِيَّ
لكيْ يدفِّئَ نبضَهُ في عزِّ كانونٍ
ومرَّ ولمْ يخلِّ سوى لهاثِ الغيمتينْ
من حقِّ بعدي الآن يسألُ: كيف حالكِ؟
لكزتني عناةُ... بعينيها:
- في مصباحكَ غابة, هيَّا حدثني, وسكبتِ النبيذَ ثانية... مسدتُ شعرها مستذكراً تفاصيل الحلم الصغيرة:
- أعرفكِ منذ زمنٍ بعيدٍ, وبعد زمنٍ طويل, أنت برتقالةُ الحنين الكانتْ تُغافلُ أمها لتغطس في البحر, ودم قرنفلةٍ تلعقه الريحْ, أجل, في الألوان ذاكرتي... في الألوان
شفتاها نار أُضرمت على يميني، ولأني خفت أن أحترق وهبت لها أذني ولم ألتفت، اغتصبَتْ حواسّي فاخترقت نخاعي، ثم لبدت على كتفي كأرنبة تبحث عن الماء. كأني بشفتيها تأكلان من رقبتي كل حين شيئا، ثم امتدت حممها إلى كامل أعضائي، خربت كبريائي ثم حملتني على وهجها اللاّفح إلى صدرها المُعنقَد بفاكهة بديعة، زمّلتني بعواصف طيبها وراحت تتوعدني بكل لذيذ في محياها،
تتسللُ
كلّما
زرَّ الجسدُ دروبَه،
ترسمُ اللقاءَ
و ثياباً تسعُ الغد..
ما أغربَ المدنَ
التي تتكاثفُ الأحزانُ فيها
تُلبسُ الأطفالَ ثوبَ حدادِها
و تلوحُ بالأكفانِ في
هلعٍ لكي تطَّايرَ الغربانُ
تعرجات
تعرّجاتُ البلادِ
كلُّ البلادِ
تبدو...
أحلى من بلدي المستقيم.
لا حائطَ
لا يدَ
لا رقّاصَ
لساعتي الذهبية
لا شهوةً
وارتحلتُ و ارتحلتُ …
من وإلى هنا إلى هناك ،إلى ذاك الفجرِ الدامي الذي يخوضُ بالهجرانِ ،إلى شرفاتِ ذاك الصباح الذي يرتدي ثوبَ النكرانِ، والذي يوغلُ الجرحُ فيه من الخاصرةِ إلى الخاصرةِ ويحتدمُ فيه الزمان إلى عادته حين يمضي بكم بعيداً عن أي مكان، حيث يقتنصُ الألوهةَ المجسدةَ فيكم