أعتقد أن المشهد قد بدأ يكتمل الآن
القليل من الحزن في عيوننا و الكثير
الكثير من الكلام …
تلك الليلة
لم تحدق في السقف، ولا طارت وراء قمر خلف غيوم بعيدة، لم يجهد ضوء نوّاسة غرفة النوم عينيها، ولم تتحول الستارة الوردية إلى بحيرة دم قاتم..لم يستفزها جسده المرتاح في نوم عميق، وتنفسه الرتيب، وشاربه المنتصر فوق شفته المتورمة بالنهم بعد أن أفرغ شبقه وترك معها نثار فضلات فيضه..
إنّا لله وإنا إليه لراجعون
ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العظيم
ومتى حدث ذلك ؟
سألت البائع وأنا أصفق كفّا بكّف :
قبل أسبوع ..يرحمه الله . كان فكها ،متواضعا، يقرأ المجلاّت والجرائد، ويستعير الكتب والدوريات الكبيرة الحجم،دون أن يدفع لي .كان يأخذها على سبيل الاستعارة ، ولم أكن أزعل منه ، فهو كان يحافظ عليها ..كان يرحمه الله مثقفا كبيرا ، مشهورا، وفقيرا .
"ومن رام التعبير عن تلك الحال فقد رام مستحيلا". –ابن طفيل-
هي لحظة من الصعب التعبير عنها, غيوم تتلبد في سماء الشاعر لتُمطَر القصيدة. حال من أحوال الجذب, تعتريه فيستحيل طائرا على أجنحة الخيال ترفعه عاليا ولا تتركه إلا حين تقوله القصيدة.
"النهد زيّ الفهد نط اندلع
قلبي إنهبش بين الضلوع وانخلع
يلـّي نهيت البنت عن فعلها
قول للطبيعة كمان تبطل دلع..
وعجبي" (صلاح جاهين)
مر أسبوع كامل وهيفاء حائرة، لا تدري كيف تطلب من والدها هذا المبلغ دون التعرض للإحراج.. نسقت بعض الجمل وأعادت ترتيبها مرارا ثم ألغتها، ورتبت جملاً جديدة وألغتها، كانت تفكر كل الوقت في كيفية الطلب.. فجأة، وهي عائدة إلى البيت، شاهدت والدها خارجا من البيت ويقف على باب المدخل،
يحكى أن رجلا كان اسمه أبا الغبراء.. ويحكى أن أبا الغبراء أوجس من معدته لؤما لطول مجافاة الطعام لها. ويحكى أن أبا الغبراء أحس من عضلاته وهنا لطول بعد العمل عنها. وانه أحس من جيبي سرواله التصاقا بلحمه لطول بعد الدرهم والدينار عنهما.
يحلّ الظّلام أسرع مما في بقيّة أحياء القامشلي. فأتى خال أمّي بمصباح على الكاز والمازوت بذبالة وأشعله ووضعه أمامنا. كان يملك أيضا فروة ويكون لنفسه على التلّ حين يشاء وهو حليم ولطيف على الدّوامِ. بيته المبنيّ من الحجارةِ المطلّ على شواهد القبور. في الهلاليّة التي يرتفع تحتها هلال مسجد وانحناءة ريحانٍ ذي رائحة كرائحة السجّاد المسجدي.
لمّا علمت النملة هنيّة باختراعِ الحاسوب والانترنت ووصولهما إلى البلاد صارحت قومها بأنّها لم تعد تطيقُ العيشَ في جُحرٍ ترابيّ طوالَ أشهرِ الشتاء، وغادرتهم محمّلة بنصائحِ الكبارِ وتمنياتهم بالحظّ السعيد.ورغمَ أنّ وسائلَ الاتصالِ الحديثة أنتجت ألواناً من الحريّة، ويسّرت المعرفة لكلّ من يريدها، فإنّ الأمرَ لم يكن كذلك بالنسبة لهنية. فأن تجلسَ نملة على مقعدِ الجامعة، وتتقدّمَ لنيل الماجستير في علم طبقاتِ الأرض أمرٌ جعلَ البشرَ يفغرون أفواههم ثمّ ينسَون أن يطبقوها.
حزنا على بيناظير بوتو
أنا.لا أعرف الخارطة الكبرى
ولا إرثك من الإنجاز و الإسقاط
وحتى عبارات المنصات التي انشدتها
لم تكن تعني يومي المخذول في شيء!
لم تكن عزيزة كغيرها من النساء ، بل كانت شيئًا آخر.. شيئاً يستعصي على اللب وصفه أو مجاراة آيات الحسن فيه، هذا ما أجمع عليه كل من حضر مراسم الدفن وتسبب في الكثير من الألم والدموع ، لكن لا الألم ولا الدموع ، استطاعا أن ينزعا من النفس غصة فجرها مر السؤال ، عن ماهية الأسباب والدوافع التي أدت إلى هذا الموت البشع وتلك النهاية المرعبة .