أنا المخ وأنت العضلات" عبارة مشهورة يطلقها بطل مسرحية "مدرسة المشاغبين" ليلعب دور المخطط ويترك التنفيذ لمن لا يملك غير العضلات. تحيلنا هذه العبارة إلى مايجري على ساحة السياسة والمشتغلين فيها من السياسيين, الذين أدمنوا لبس البدلات الرسمية مثلما أدمنوا الجلوس في الصفوف الأولى, ذلك لأنهم يحبون الرفعة ولو على الخازوق كما يقول المثل الشعبي. وهذه العينة من البشر التي نراها ونسمعها عبر شاشات المحطات الفضائية تظن أن (جماهيرها) عبارة عن عضلات وأدوات ومطايا يركبون ظهورها لتوصلهم إلى كرسي القيادات التاريخية. ولا أدري ماذا تعني بالضبط عبارة قيادة تاريخية ولا الفرق بين قيادتين تاريخيتين
إن شعرية 'جمال القصاص' في ديوانه 'نساء الشرفات' لا تفتأ أن تأخذ مكانها اللائق بين شعرية أنداده وأقرانه حتى تكشف عن تمايزات ربما كانت من الندرة بحيث تجعلها معدودة ومفردة. فثمة اعتقاد سائد بين أوساط الشعراء العرب ـ لا سيما الشباب ـ بأن شعرية معتمدة على هشاشة الرومانسية لا يمكن لها أن تمتلك أفقا يحلم بالمستقبل، لأنها لا محالة واقعة في أسر شعرية راسخة وتليدة أتت على قوس الأسلاف. وهو قول فيه الكثير من المجانية ويخلط بين واقع الشعرية والحلم بتطويرها،
جعت, فلقد اقترب المساء, وكان لابد من العودة. فجأة تذكرت الزهرة العملاقة, فرجعت مسرعاً سرعة أقرب إلى العدو. دخلت إلى البراكية أتأمل الزهرة فلابد من الاحتفاظ بها نضرة لأفاجئ بها صديقي المصور القادم غداً. دخلت البراكية, وصدمتني رائحة عجيبة, رائحة جيفة, فتخيلت أنها قطعة لحم سقطت من الثلاجة, فهبطت على ركبتي أبحث عنها, ولم أجد أثراً للحم, ولكن الرائحة قوية, وتخيلت للحظة أنها لفأر, وهبطت أبحث عنها تحت السرير, تحت الطاولة, خلف الثلاجة, ولكن لا فأر.
قدم المماليك إلى مصر عبيداً, وقتلوا آخر ملوكهم طوران شاه, واستولوا على الحكم لما يزيد عن المئتين والخمسين عاماً أصلاء حصراً, ووكلاء عن الا مبراطورية الجديدة "العثمانية" لثلاثمئة سنة أخرى. استولوا على الحكم, وشكلوا أرستقراطية عسكرية منفصلة تماماً عن الشعب "القلاحين" كما دعوهم, ودخلت كلمة "فلاحين" بهذه الصيغة حتى اللغات الأوروبية, انفصلوا عن الفلاحين في تمييز عنصري يذكر بالانفصال العنصري البغيض للرس عن السلاف - الشعب الأصلي في تلك البلاد
للمرء أن يدع جانباً ما تقوله بثينة شعبان عن افتخار حافظ الأسد بها، كـ'أستاذة جامعية وكاتبة'؛ وكيف كان يضعها في مصافّ كوليت خوري، 'رغم فارق السنّ بيننا'، كما تقول في مقدّمة كتابها الجديد 'مفكرة دمشق: عرض من الداخل لدبلوماسية حافظ الأسد حول السلام، 1990 ـ 2000'، الذي صدر مؤخراً بالإنكليزية. ثمة، في المقدّمة ذاتها، ما هو أكثر طرافة، وأدعى للاقتباس هنا: الأسد، الأب دائماً، زار شعبان في المنام، بعد عام على وفاته، في حزيران (يونيو) سنة 2000؛ وسألها: 'بثينة، لِمَ لم تكتبي، بعدُ، عن فترة عملك معي؟'،
خط وقف إطلاق النار عند الجزء الجنوبي من الحدود مع العدو الصهيوني خط وهمي يقع في منتصف وادي الرقاد الفاصل بين الجولان المحتل وحوران, وهو واد قد يصل في اتساعه وعرضه إلى ما يساوي الكيلومتر, وقد يصل عمق قاعه عدة مئات من الأمتار, وهو واد شديد العسر في عبوره, حتى على الرعاة الذين كانوا يتسللون إلى محمياته لرعي دوابهم مخاطرين بقطعانهم وأنفسهم أمام الألغام ووحوش البرية, وربما كان من حسن حظ الحياة الطبيعية جعل خط وقف إطلاق النار في هذا الوادي, ف
هذا الأرث تحول مع مرور الزمن وانتشار الدين الاسلامي إلى تقديس للشخصيات التي عاصرت النبي وأهل بيته. لكن المفارقة تكمن في التراث المكتوب الذي حوّل الحق باطلاً والباطل حقاً حسب الموقع من الخلافة فللمتمسحين بثياب الخليفة شخصايتهم المقدسة ولمعارضيهم شخصيات أخرى مقدسة لا يجوز أن يمسّها حتى المطهرون. فمن يجرئ على ذكر ماأورده بن كثير في "البداية والنهاية" عن غزوة بني المصطلق ومافعله خالد بن الوليد بالأسرى. ومن يجرأ أن يقول إن الصورة التي ينقلها الموروث الشيعي عن معركة كربلاء وماتلى مقتل الحسين من أعاجيب تشبه تماماً ماجرى لكريشنا في اسطورة المهابهارتا التي هي ملحمة الهند الكبرى والتي جرتْ أحداثها قبل ميلاد المسيح.
هذا التشابه في العمق هو ما يفسر طريقة ممارسة السياسة (في الداخل خاصة) بوصفها عنجهية وتعالياً لا غير، فثمة قاسم مشترك يظهر بوضوح في تصريحات المسؤولين الإيرانيين والسوريين والعراقيين (المالكي تحديداً) والروس في مستوى أول (عنجهية لافروف)، يمكن وصفه بحد أدنى بـ«اللاسياسة» أو السياسة المستندة إلى العنف المطلق والعاري بتوصيف أدق. ويظهر نفس القاسم المشترك في خطابي حزب الله والعمال الكردستاني، وخاصة الصادر من جبال قنديل
قد لا تسمح ظروف المشهد السوري وتطوراته المتسارعة بتحقيق هذه الأحلام الكبرى على المدى المنظور، أو بإعادة توجيه مسار الأحداث التي انزلقتْ في دوامة عنفٍ دموي (من استخدام السلطة للدبابات والطائرات والصواريخ في قصف الأحياء السكنية، إلى ازدياد سطـوة الحـركات المتطرفة في شمال غربي سـورية). لـكن هذا لا يعني الانزواء والتخلي عن صنـاعة أحداثٍ جديدةٍ وفق رؤيـةٍ بعيـدةٍ تـتبـعُ مقاربةً اجتماعيةً وثقافية، وبأسـلوب التراكم الدؤوب من الداخل، مع التركيز على جيل الأطفال والشباب.
تلعب السينما الصامتة منذ نشأتها دور الغواية المحبة التي تعزف على وتر الروح وتكشف و تستنبط خباياها بلا كلام،حيث تثير تنظيم انتباه الناس من خلال محاولتها تسجيل الحياة بكل سلوكياتها ناقلة المشاهد من حالة الانهماك العاطفي بالمشهد ذاته، إلى الارتقاء والوصول به إلى النشوة الروحية التي لا يستطيع الفيلم الناطق تحقيقه،وذلك من خلال رصد ما يجري في العالم وحفظ تغيراته من خلال الإقرار بهذا التغيير في صنع فيلم صامت يشكل محاكاة محضة لردود الفعل الجماهيري لظواهر لاحقها بنفسه وترجمتها كاميرا الفيلم