إن اللذين وقعوا تحت تأثير “سِحْرِ” الثورة بطابعها السلميّ في أشهرها الأولى، يبدون كأنهم “سُحِرو”ا إلى درجة مفارقة الواقع، والانفصال عنه، إذ غابت المرونة التي تخوِّلهم مواكبة الثورة في منعرجاتها ومنعطفاتها وتحوُّلاتها، وظلُّوا أسرى صورة محدَّدة ثابتة، ومطلقة عن الثورة، رافضين الإصغاء إلى أو الاعتراف بأي طارئ جديد قد يحلّ عليها. وهنا تبدَّت رؤيا أخرى ممهورة بالتشاؤم وأسُّها الخوف، الخوف من انحراف الثورة ذات التكوين المدنيّ السِّلْميّ باتجاه العسكرة المحفوفة بكل أنواع المخاطر. ولكن على الضفة الأخرى ثمة من بدا “هيرقليطيّا”ً في التفكُّر في واقع الثورة، وأظهر مهارات في إدراك هذا الواقع كصيرورة،
يقول حافظ جميل:
يمناكَ ماتركت عذراً لمعتذرِ....فاضرع ليسراك أن تبقي على البشرِ
إذا تبسمتَ طار الناسُ من فرحٍ.... وإن تجهمتَ ماجَ الناسُ في كدرِ
وإن أقمتَ أقامَ الذعرَ محتشداً.... وإن مشيتَ مشى الطاغوتُ في الأثرِ
هذه الأبيات وذلك الاهداء الذي يشبه النعي أخذني لتقمص حالة من الكوميديا الساخرة التي نحتاجها جميعاً كحالة دفاعية
لا أعرف كيف يمكن لسوري أن يظن أو يتوهم أن النظام يحميه من بقية السوريين، مهما كان عديم المعرفة بالتاريخ. يكفي أن يسأل السوري، إلى أي جهة انتمى، أحدا من شيوخ أسرته وكبار السن فيها عن معايشاته، ليتأكد أن ذاكرة شيخه أو كبير أسرته تخلو من أي أحداث تشير ولو من بعيد إلى مشكلات جسيمة أو إلى مذابح وتجاوزات واعتداءات وقعت بين السوريين، أو إلى انفلات ما مارسه قطاع من الشعب ضد قطاع أو قطاعات أخرى.وليس في تاريخ سوريا أحداث ذات خلفيات دينية أو مذهبية تشبه ولو من بعيد ما عرفه تاريخ أوروبا من مآس سببتها الانقسامات الدينية في الصف المسيحي الواحد.
قد يكون هناك ما لا نعلمه، ولكن بناء على ما نعلم يمكن أن نجازف بتقدير تحليلي.يشغل فيسك موقعاً انشقاقياً حيال المؤسسات السياسية والإعلامية الرسمية في الغرب. وهو يهتم كثيراً بهجاء كاميرون وهيغ، والسخرية من أوباما وكلينتون، والتعريض بمركل... والتشكيك في ما تقوله الصحف والمنابر الأميركية والغربية. سياسات القوى الغربية أنانية، والمؤسسات الإعلامية الغربية غير مستقلة ولا تقول الحقيقة، ولدى فيسك أقوى دافع ممكن للتمايز عن مواقفها وسردياتها: يبني هويته بالذات على هذا التمايز. صحيح أن الرجل الذي يعرف «الشرق الأوسط» منذ أربعين سنةً ليس ساذجاً ليصدق ما يقوله إعلام النظام السوري
نظام بشار الأسد الذي ورث إحدى الحالات الفريدة في التاريخ القريب والبعيد قد بادر إلى تحويل سوريا، منذ اللحظة الأولى التي اختار فيها استعادة تجربة والده الدموية في مدينة «حماه» عام 1982، إلى ساحة صراع إقليمي ودولي تعاظم وازداد تعقيدا مع الوقت لا يزال مفتوحا على شتى الاحتمالات بما فيها احتمال اندلاع حرب إقليمية قد تؤدي إلى حرب كونية جديدة تستخدم فيها الأسلحة الكيماوية.. والنووية أيضا.كان العامل الخارجي في كل ثورات الربيع العربي الأخرى محدودا حتى بما في ذلك الثورة الليبية
غالبا تأتي البساطة والسذاجة المنسوبتان إلى الريفية. بالفكاهة والسخرية، وحيثما لم تسمح الرقابة السائدة بغير التداول الشفاهي، تغلغلت الصورة المنمطة ثقافياً إلى حدّ أن لهجة جزء من الساحل السوري بات يُنظر إليها على أنها «لهجة علوية»، من دون اعتبار كون اللهجات السورية عموماً ذات طابع مناطقي لا طائفي. اللافت للانتباه أن عهد الرئيس الابن شهد نقلاً لبعض الرمزيات من حقل الشفاهة إلى حقل الدراما التلفزيونية، من دون السماح بمناقشتها جدياً ،
ويذهب بشار إلى إعادة جديدة للنازية في أبشع صورها عندما يقول إن المنشقين - أيضا المقبوض عليهم والقتلى - هم عبارة عن (عمليات تنظيف ذاتية)! وهل هناك أبشع من تلك التعبيرات لمؤسس ما كاد يسمى في تاريخنا التوريث الجمهوري! إذن، بذهاب الأسد ينقطع عصر استمرار التوريث، فرحيله ليس لإصلاح ماض عربي كئيب، ولكن الأهم لبناء عصر جمهوري عربي عادي مثل خلق الناس، تنتفي فيه كلمات التمديد والتوريث والتأليه، ويعلو فيه تبادل السلطة وإنسانية الحاكم،
باسم الحي نهضت, نهضت ولقيت جمعا من الناس يحيطون بأبينا شيت ويقولون له:" باسم الحي ياابانا شيت تعال معنا إلى الأردن لكي نتعمد" "إن ذهبت معكم لتعميدكم في الأردن فمن سيكون شاهدكم" " الشمس المشرقة علينا ستكون شاهدنا" " ليست الشمس مطلبي ولا تهواها نفسي فالشمس التي عنها تتحدثون تشرق في الصباح وتغرب في المساء, الشمس التي عنها تقولون ماهي إلا باطل زائل سيأتي إلى نهايته الشمس ستنتهي إلى لا شيء وعابدوا الشمس سينتهون إلى لا شيء" ... ثمّ يتكرر الأمر عندما يكون الشاهد القمر والنار إلى أن نصل المقطع التالي
وبينما يثابر الروس وإيران و «حزب الله» اللبناني على دعم النظام بالسلاح والتكنولوجيا والمال والرجال، تفقد المواقف المعلنة للقوى المناوئة للنظام، وهي تضم أقوياء العالم وأقوياء العرب والجوار، أية قيمة ردعية بتأثير تكرارها من دون فعل. الردع يقتضي صدقية التحذيرات، فإن خسرها مرة (وقد خسرها مرات)، خسرها كل مرة.في المحصلة شعر النظام السوري بأنه يستطيع أن يفعل كل ما يستطيع، أي أنه قوي جداً، وما كان يتردد في فعله قبل حين، صار يفعله اليوم علانية. يستخدم الأسلحة الثقيلة ضد المدنيين،
أما المرأة الجاسوسة... فسلاحها سحرها وفتنتها وجسدها. ولذلك تظهر في أكثر الحالات ضمن هالات الأضواء على حلبات المسارح والملاهي، تعرض فتنتها فتثير النفوس، وتلقي شباكها ليأتيها من يرغبها طائعاً... خاضعاً.. ضعيفاً... وخلال اعتراك لهيب الأجساد العارية، والقبلات، ورعشات الرغبة الساحرة، تنسكب المعلومات بلا ضابط، وتفشي الأسرار المصفدة بالكتمان وتباح كل المحظورات.
وقد يتساءل البعض