قول «انشقاق» رئيس الوزراء السوري أشياء مهمة عن الدولة والسياسة في سورية.منها أن أحوال الدولة الظاهرة التي يشغل فيها رياض حجاب موقعاً متقدماً، الرجل الثاني في سلسلة الحكم في سورية بعد رئيس الجمهورية، لا تفيد شيئاً عن أحوال الدولة الباطنة التي لا نفاذ للسيد حجاب إليها، وهو لا يعدو كونه موظفاً محدود الأهمية في مراتبها. الدولة الــــباطنة، ما نســميه عموماً «النظام»، هي مركّب سياسي - أمني، قائم على علاقات الثقة الشـــخصية، ونواته الصلبة عائلية طائفية. أما الدولة الظــاهرة، ويغلب أن تسمى «الدولة»،
طوال نحو نصف قرن من الحكم البعثي، وفي عقود الحكم الأسدي الأربعة خصوصاً، كان في سورية فاعل سياسي وحيد هو «النظام». وكان هذا مردوداً إلى نواة صلبة ضيقة، سياسية أمنية، علاها طاغية فرد ثلاثين سنة، ثم أسرته منذ دزينة من السنين. المجتمع السوري، وهو أكثر مجتمعات المشرق تعقيداً، كان ممنوعاً من السياسة والتعبير عن نفسه. المعارضة السياسية مقموعة ومحطمة. الجيش «عقائدي»، أي منزوع الصفة الوطنية العامة، وتابع للنظام.بعد نحو 17 شهراً من الثورة، يتشكل مشهد سياسي سوري جديد، معقد، لا يشكل النظام غير طرف واحد منه.
عندما جاء الاحتلال الأميركي وأزاح الدكتاتورية وأتاح لأحزاب ما يسمى بالاسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني مع تلوينات اقتتضتها اللوحة الفسيفسائية "الديمقراطية" بالصعود إلى حلبة التنافس الدموي الذي أخذ طابع الحرب الطائفية التي استعارت من صفحات التاريخ الأسود سطوراً نارية تزرع الشقاق بأدوات "الروافض" و "النواصب", وبخلايا الموت النائمة منها والمستيقظة بالاضافة طبعا إلى المليشيات التي لها أكثر من راعٍ. لكي تتيح للطائفيين من جناحي الأمة التربع على الكرسي المتحكم ببيت المال النفطي. فتتحول الحياة إلى مهرجان دائم من المناسبات الدينية التي لا تنتهي
منذ استكلاب النظام الأسدي على الثورة السورية وإلى الآن ، استكلبَ ونبحَ وعضَّ معه بعض الأنظمة الاستبدادية التي تتلاقى معه من الناحية الــ" مصلحية " داخل الشرق الأوسط وخاصةً في سورية ، وتلك الأنظمة قاطبة ً نعرفها منذ استلام النظام القمعي مقدرات الوطن على كافة الأصعدة أنها عقدت معه صفقات معلنة وغيرها سرّية تنص على المصالح السياسية والاقتصادية وفرض القوة على شعوب تلك المنطقة لاجتثاث الأصوات الصارخة ضدها في الداخل والخارج، والتي تعمل على بناء حياة حرّة لأبناء أوطانهم
يحدثنا فرويد أيضا بأن البشر اتخذوا دور السيد الأعلى عبر خلق تفويض هائم وعائم وهزيل عبر نسب إلهي مزعوم بأنهم مخلوقات مميزة كانت سجدت لهم الملائكة ذات يوم ، وهكذا مزق البشر كل أواصره مع المملكة الحيوانية وصار غريبا وملعونا من الأرض والسماء .. رمضان كشهر للتخمة عبر إذلال نهاري متعمد لعشرات الأمتار من جهازنا الهضمي وليس العكس كما هو منصوص لهذه الدراما المطبخية ، وبهذا يكون تلك الثيمة المستوردة التي تخلق لنا حالة قصاص عادل عن كل ذنوبنا قبل هذا الشهر ..
تبقى ثمّة حقيقة، مؤكّدة؛ وهيَ أنّ " فريدَ "، بنبل أخلاقه وطيبته وكرمه وشهامته، كان أكبرَ من صغائر المؤامرات والعنعنات. لقد ظلّ وفياً للفنّ، ناسكاً في محرابه، حتى لحظة مُفارقته الحياة. ثمّة، في مقبرة الأسرة في القاهرة، يرقد موسيقارُنا العبقريّ مع توأم روحه؛ " أسمهان ". وليسَت ألحان " فريد " وأغانيه وأفلامه، حَسْب، هيَ ما حفرَ اسمه في سجلّ الخالدين ( كان الفنان، الوحيد، المنتمي للعالم الثالث، الحاصل على وسام الخلود، الفرنسيّ )، بل أيضاً ما تمتع به من خصال التواضع والبساطة.
منذ ذلك الحين ابتعد الكثيرون حتى عن هذا المقهى، المصيدة، وهكذا وصلنا إلى حلم الدولة؛ العزلة في البيوت والخلوة مع التلفزيون، فلقد اختفت كل مظاهر المجتمع المدني من البلد، فلا نوادي، ولا مسرح، ولا سينما، فالموجود منها لا يشفي الغليل، وبهدوء اكتشفنا أننا قد حققنا حلم أجهزة الأمن والاستقرار في العالم، فلقد تخلينا، أو تخلى المسرح عنا، بعد تجفيفه وتخشيبه، ولا سيما بعد أن أدت القطيعة بين سوريا والولايات المتحدة منذ العام 1967 على مستوى السينما إذ امتنعت الولايات المتحدة عن السماح بعرض أفلامها في سوريا معتبرة أن مؤسسة السينما جهة احتكارية والقانون الأميركي يمنع التعامل مع الاحتكارات،
المكون السامي في الإنسان، تزكيه وتعوِّل عليه، تنكراً إلى الجانب المظلم فيه، أو استعلاء عليه، وفق ما ذهبت الديانتان الهنديتان البرهمية والبوذية، اللتان سعتا إلى تعذيب الجسد الإنساني بالتقشف والحرمان، بتصور أن إرهاق الجسد وإضعافه كفيل بانطلاق الروح من عقاله، ما يكفل للإنسان البراء من الدنيوية والشر، والولوج إلى عالم القداسة المفعم بالإيمان والخير. غير أن تلك المحاولات لصوغ إنسان متسامٍ على طبيعته، متنكر لجوهره المركب والمختلط آلت إلى درجات مختلفة من الفشل، فإما أن يفشل المؤمنون في تحمل زهدهم، وإكمال مسيرة تقشفهم، منقلبين
وإذن، هيَ ذي " صباح "، شريكة فناننا في الفيلم الجديد، " ازاي أنساك "، تتألق هنا في أغنية من ألحانه، ستجلب لها مزيداً من الشهرة، " زنوبة "ـ كما سبق وقدّم لها في فيلمهما السابق أغنيتها " يا علي "؛ التي أذاعت صيتها في آفاق الفن. كذلك فإنه سيُشاركها في هذا الفيلم، الجديد، الذي أخرجه " بدرخان " عام 1956، بأغانٍ على النمط المُعرّف بالاسم اللاتينيّ، " دويتو "، جاعلاً من خشبة المَسرح، أساساً، المكان الملائم لها. ثمّة، أيضاً، سيكون على الفنانيْن، المُمثليْن، أن يُقدّما للجمهور ذلك النمط من الغناء المُمَسْرَح، ذي الاسم اللاتينيّ كما والشعبيّة الطاغية زمنئذٍ؛ وهوَ " الاوبريت "
أغرب مافي الأعمال الدرامية هي تلفيقها للأحداث وإعادة صياغة السيرة, وتسويق ما يخالف الواقع إرضاءاً لنزعة الأسود والأبيض سالفة الذكر. نأخذ هنا مثالين الأول عن بلال الحبشي والثاني عن خالد بن الوليد. "لا نجوتُ إن نجا" قولٌ مشهور لبلال بن رباح الحبشي مؤذن النبي هتف به عندما همّ بقتل أمية بن خلف سيده ومعذّبه بسبب أسلامه وقبوله الدعوة. افتداه أبو بكر الصديق بالمال وأعتقه فآمن بالدعوة الإسلامية وقاتل في سبيلها. هذا هو ما نعرفه وما قرأناه وشاهدناه في الدراما التلفزيونية وعبر شاشات العرض السينمائية. السؤال المطروح هو: كيف قتل بلال أمية؟ وهل الصورة التي أوصلها إلينا المخرج السينمائي الراحل مصطفى العقاد –على سبيل المثال-