ولا بد من الإشارة، إلى أن هناك إشكاليات كبرى أثناء الحديث عن الهوية- كما يؤكد ذلك على سبيل المثال الباحث أحمد عزيز الحسين-لا سيما عندما نكون أمامجملة هويات، تتبارى كل منها على أنها المعنية، كما أن السلطات السياسية كانت ترى في هويتها هوية دائرة حضورها،
لم يسبق للعاصمة الاميركية أن بدت على هذا النحو من التخبط والفوضى، وعلى شفير أزمة دستورية خطيرة، كما كتب مؤخراً عدد من حكمائها السياسيين. لم يسبق أن تهاوت قضاياها وأفكارها وأخبارها الى هذا الحد الذي يجعلها تبدو مثل محطة تلفزيونية لألعاب التسلية والترفيه، أو ربما إحدى محطات تلفزيون الواقع التي شهدت مع ترامب بالذات إنطلاقتها المذهلة في تسعينات القرن الماضي، قبل ان تصبح موجة عالمية كاسحة.
برزت الاغتيالات السياسية مع ظهور السلطة السياسية، وأصبحت مع مرور الوقت أسرع وأبسط وسيلة لإحداث التغيير السياسي. وفي كثير من الأحيان، ينظر من يقوم بعمليات الاغتيال إلى فعلتهم، كواجب تبرره حجج أيديولوجية، إذ يصور الضحية كطاغية أو كمغتصبٍ، ويصوّر قتله فضيلة لا جريمة، ومثل هذا التبرير الأيديولوجي للقتل قد يُعبّر عنه بصيغ سياسية أو دينية، أو بكلتيهما معًا،
وإننا اليوم لنرى مشاهدا توجع القلب بدافع نصرة دين أو معتقد ما، بدافع أن يسعد الناس في آخرتهم بجنات مد البصر فيها ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر. ولعمري هل سيتبع عاقل ذو لب، جاهلا يدعوا إلى القتل والدمار، وهو الذي لم يجسد أخلاقا في يومه، ولم تنعكس على حياته، فضلا عن رسم أحلام وردية قد يتسع الفارق بينها وبين حقيقتها، إذا ما انجلت الغشاوة عن الأبصار.
من الإنصاف، لم يكن حافظ الأسد ساذجاً أو مقامراً، ليرمي بابنه وآله وصحبه، إلى هذا الاختبار المعروفة نتائجه سلفاً، ما يعني، تحليلاً، أن الأب المورث، اعتمد على إمكانية تعلّم الوريث بعد وفاته، وخاصة أنه أوصى به أهم "رجال الدولة " من قبيل مصطفى طلاس وعبد الحليم خدام ومحمد ناصيف وغيرهم.
بعد سبع سنوات من الحرب، بلغ الإنهاك بالسوريين في الداخل أنهم لم يعودوا يرغبون بأكثر من تأمين طعام أولادهم، وبعض المتع التي لا تتعدّى الفرجة على التلفزيون، وزيارة الأقارب والأصحاب، والذهاب ربما الى "السيران"، ولو كان بين الركام، علّهم يستعيدونه، عندما لم تكن الأرض قاحلة، ولا الأشجار محترقة؛ يطمحون إلى حياة يفتقدونها.
حقيقة الأمر أن خيارات السوريين ما بعد الثورة ليست محصورةً فقط بين "معارضة ونظام"، أو حتى في التيار الصامت بشقيه، المغلوب على أمره بفعل القهر والخوف، وهم يشكلون الأكثرية الحقيقية داخل سورية، أو الانتهازي الذي ينتظر فرصة ميل كفّة الميزان الرابح ليترنّح باتجاهها، وهؤلاء ليسوا من حصة النظام فقط، بل هم أكثرية على الطرف الآخر تحت مسمّيات "وطنية"، وتجمّعات و
صحيح لم يعد يتصدر خبر غرق السوريين نشرات الأخبار وعناوين الصحف، بعد أن تراجع الاهتمام بالسوريين وقضيتهم، سواء من الأشقاء أو الأصدقاء، لكن الموت غرقاً يتكرر، وربما كل يوم، فالأسبوع الفائت غرق العشرات على شواطئ تركيا وبالأمس نحو مئتي سوري على شواطئ ليبيا، قبل نبأ وفاة نحو خمسين سورياً قبالة سواحل عكار اللبنانية، وعلى الأرجح، ما خفي أفظع وأعظم.
وهناك سبب آخر يمنع الاختصار والتلخيص، ويدعو إلى المزيد من التأمل والتقدير، بالنسبة لي على الأقل، أنا الذي التقيته قبل اسبوع فقط من رحيله مصادفة،فلمست في حديثه السريع والبسيط أن الرحيل عن هذا العالم كان آخر ما يفكر فيه، ،
أشفق الشعب الألماني على هتلر والنازية, فتحول إلى كبش الأضحية على مذبح النازيين الطامحين إلى إحياء الموتى من امبراطوريات كسيحة بعد انقضاء زمن الامبراطوريات كما أشفق الضابط الفارس الوسيم على الحسناء المشلولة, فتحول إلى عبد أضاع على مذبحها الكسيح شبابه وطموحه