وتقول هذه الموروثات الهندية والإسلامية إن عيسى قد دُفن في مدينة سري نكار بولاية كشمير في شمال الهند، وقبره قائم إلى اليوم ويدعى من قبل السكان المحليين بمزار يوز آسف نبي الله، وهو واقع في محلة للمسلمين لا يسكنها الهنود وليس لهم فيها مقابر. وتقول الأخبار المتداولة بين هؤلاء المسلمين الذي يُعظمون القبر ويزورونه، إنه يضم رفات النبي يوز (= يسوع) الذي جاء إلى كشمير قبل البعثة المحمدية بستمئة سنة، وهذه هي الفترة الزمنية الفاصلة بين حياة عيسى وحياة نبي الإسلام.(3)
إن هذا الإله الذي تصوّره لنا الكتب المقدسة وفرق المتكلمين من الأشاعرة وغيرهم، هو من اللاإنسانية بحيث إنه لا يتوانى حتى من ترك الجائعين يموتون جوعا، وينظر لهم دون رحمة. وتعليقا على الآية (أنُطعم من لو يشاء الله أطعمه) يقول ابن حزم أن الله لم يورد قولهم هذا «تكذيبا له، بل صدقوا في ذلك بلا شكّ ولو شاء الله لأطعَمَ الفقراء والمجاويع(61)». وإذا احتج الإنسان العقلاني وصاحب الحس الأخلاقي السليم الذي لم تدمّر ذهنه بعد أسطورة إرادة الله المطلقة:
تقول زبراء: «واللّيل الغاسق/ واللّوح الخافق/ والصباح الشارق/ والنجم الطارق/ والمزن الوادق/…(2)»، ويقول محمّد في القرآن: «والسماء والطارق/ وما أدراك ما الطارق/ النجم الثاقب/…فلينظر الإنسان مما خلق/ خلق من ماء دافق…» [الطارق: 1-3]. بينما نجد أنّ النص الأول ينطلق من موقع "الكهانة" الأنثوي، نجد أنّ النص الثاني ينطلق من موقع "النبوة" الذكري(3). وبغض النظر الآن عن التقاطع في اشتراك النصين في استعمال مفردات محددة ونفسها عند محمّد والكاهنة زبراء، فإنّنا هنا مع هذين النصين أمام مستويين:
وفي الحقيقة فإن المتتبع للتطورات اللاهوتية التي طرأت على العقيدة المسيحية خلال القرون الخمسة أو الستة التي أعقبت وفاة يسوع، ليعجب من تعايش مفهوم القيامة الجسدية ليسوع مع الاتجاه الذي كان يركز أكثر فأكثر على ألوهيته، على الرغم من استحالة التوفيق بين جوهر الجسد وجوهر الألوهة. هذا العجب يبلغ أشده بعد إصرار اللاهوت المسيحي على تبني مفهوم القيامة الجسدية مع تبنيه في الوقت نفسه لعقيدة الثالوث. فكيف يكون يسوع في السماء أحد تجليات الثالوث الأقدس مع احتفاظه بجسده الذي يحمل آثار الثقوب في يديه وأثر الحربة في جنبه؟ "
مرّة أخرى، هنالك سؤال يتعلّق بيوسف الرامي الذي هو أحد أكثر الألغاز في الإنجيل إثارة للحيرة. فلماذا من بين كلّ الناس تقدّم يوسف الرامي لطلب جسد يسوع من بيلاطس؟ لقد كان التلاميذ مختبئين خوفاً من الملاحقة، ولكن التلميذ الحبيب المقرّب من رئيس الكهنة كان حاضراً عملية الصلب وواقفاً تحت صليب يسوع عندما أُنزل. فلماذا لم يتطوع لهذه المهمة وهو أولى بها من تلميذ سرّي كان يخشى من افتضاح أمره ويحرص على مكانته كعضو في المجلس اليهودي؟ هل كان شخصية حقيقة أم شخصيّة خيالية تم ابتكارها لملء الفجوات في قصّة الصلب المشوّشة التي وصلت إلى الإنجيليين؟
بما لن يكون باستطاعتنا أبداً أن نعرف ما جرى ليسوع بعد أن أُودع على عجل في قبر مؤقت قريب من موضع الصلب في أرض يملكها يوسف الرامي. الأمر الوحيد الذي يمكننا التثبت منه وتتفق عليه الروايات الأربع، هو أن القبر وُجد فارغاً في صباح اليوم الثالث للصلب، وفي ما عدا ذلك فإنّ هذه الروايات تختلف فيما بينها في كل التفاصيل، كما تختلف مع سفر أعمال الرسل ومع أقدم رواية عن القيامة والظهورات وهي رواية بولس. ،
عد أن عرضنا بالتفصيل في البحث السابق كل ما ورد في الروايات الإنجيلية الأربعة عن محاكمة يسوع، والتي بدت مجرد استجواب قصير قاد إلى إصدار حكم لم يكن القاضي نفسه مقتنعاً به، هناك سؤالان لا يسعفنا النص بجواب مقنع عليهما. الأول هو لماذا رفعت سلطة الهيكل قضية يسوع إلى بيلاطس بتهمة التحريض السياسي ضد روما، وهي تهمة لم تستطع إثباتها عليه ولم تقدر على حشد الشهود لها؟ والسؤال الثاني هو لماذا رضخ بيلاطس لضغط اليهود بعد أن أعلن مراراً قناعته التامة ببراءته مما يتهمونه به؟ لقد قال بيلاطس لليهود وفق رواية مرقس بعد أن انتهى من استجواب يسوع:
في مقدمته لكتابه في الثقافة المصرية في طبعته الثالثة الصادرة عام 1989، وهي الطبعة الأولى التي تصدر في مصر، يؤكد الناقد محمود أمين العالم (1922-2009) تمسكه الشديد برؤيته النقدية التي قدمها من خلال هذا الكتاب في النصف الأول من الخمسينات بقوله: إننا ما زلنا نرى أن الجوهر الفكري والمعرفي للكتاب ما يزال صحيحًا من الناحية النظرية العامة الخالصة. فما تغيرت وجهة نظرنا في الدلالة الاجتماعية العامة للعمل الأدبي، وما تغيرت وجهة نظرنا في العلاقة العضوية البنيوية الديناميكية بين الصياغة والمضمون، بين القيمة الإبداعية الجمالية والدلالة المعرفية والموقفية.
مرت محاكمة يسوع بمرحلتين، المرحلة الأولى في بيت رئيس الكهنة وكان الهدف منها جمع الشهادات ضد يسوع من أجل تقديمه إلى بيلاطس بتهمة التحريض السياسي ضد روما، والمرحلة الثانية في قصر بيلاطس الذي تولى بنفسه إجراءات المحاكمة.
إن كل ما وصل إلى يدي مما كتبه الباحثون المحدثون في العهد الجديد عن محاكمة يسوع، يركز على ما ورد في التقليد المرقسي ولا يعير اهتماماً لما ورد في إنجيل يوحنا. فيسوع قد اعترف أمام قضاته أخيراً بأنه المسيح وبأنه ابن الله، وملك اليهود، وحُكم عليه بالموت لما تثيره هذه الألقاب من تداعيات سياسية في ذلك الوقت. ولكن أجوبة يسوع على قضاته في التقليد المرقسي ليست على هذه الدرجة من المباشرة والوضوح.
مرت محاكمة يسوع بمرحلتين، المرحلة الأولى في بيت رئيس الكهنة وكان الهدف منها جمع الشهادات ضد يسوع من أجل تقديمه إلى بيلاطس بتهمة التحريض السياسي ضد روما، والمرحلة الثانية في قصر بيلاطس الذي تولى بنفسه إجراءات المحاكمة. إن كل ما وصل إلى يدي مما كتبه الباحثون المحدثون في العهد الجديد عن محاكمة يسوع، يركز على ما ورد في التقليد المرقسي ولا يعير اهتماماً لما ورد في إنجيل يوحنا. فيسوع قد اعترف أمام قضاته أخيراً بأنه المسيح وبأنه ابن الله، وملك اليهود، وحُكم عليه بالموت لما تثيره هذه الألقاب من تداعيات سياسية في ذلك الوقت. ولكن أجوبة يسوع على قضاته في التقليد المرقسي ليست على هذه الدرجة من المباشرة والوضوح.