خاص ألف
انتهت رحلة العقل ومفهوميه (فوق/تحت) في الجزء الأول من هذه المقالة، عند أرسطو، هل فعلاً انتهت؟!
يبدو أنّ رحلة العقل لم..لن تنتهي....
سيمضي التاريخ قدُماً، فتستلم زمام الأمور أديان انتسبت إلى (الفوق)، إلى السماء بامتياز، تخطّت عالم المُثل الأفلاطونيّة لتتبنّى مفهوماً أشدّ إطلاقاً عن (الفوق)، بات (الفوق) المطلق معها إلهاً راغباً في العلوّ، حتى أنّ رغبة العلوّ اشتدّت فلم تعد مقصورة على السماء(فوق)/الأرض(تحت)، بل فتّتت ثنائيّة ال (فوق/ تحت) السماء الواحدة لتصير سبعاً، والله ساكن أعلاها.
وحيث أنّ إله الفلاسفة مترفّع عن عالم المادة الوضيع، لذلك فهو لا يتدخّل بالتفاصيل
"إنّ الأسطورة التي تتحوّل أثناء انتقالها من قبيلة إلى قبيلة، تضعف أخيراً دون أن تتلاشى.. يبقى طريقان سالكان : طريق الإعداد الروائي، وطريق الاستخدام مجدداً لغايات التبرير التاريخي. وهذا التاريخ يمكن أن يكون بدوره من نموذجين: ماضوي، لتأسيس نظام تقليدي على ماض بعيد؛ ومستقبلي، ليصنع من هذا الماضي بدايةً لمستقبل أخذت خطوطه بالارتسام( 1)"
كلود ليفي شتراوس
ستنطلق هذه العجالة من مبدأين، الأوّل: أنّ ظواهر بدائية من قبيل : التنبّؤ والنبوّة، والتكهّن أو استنطاق الأرواح الخفيّة للإتيان بالوحي…الخ باعتبارها ظواهر معرفية طفولية، كانت قائمة أنطولوجياً عند من كانوا يؤمنون بها (وإلى الآن أيضاً)، لأنها الطريق إلى استجلاب الآلهة واستنطاقها عما تنوي القيام به من جهة، وتكتسب واقعيتها السيميائية
خاص ألف
من الضروري البدء من حيث انتهى د. أبو زيد، وأعني البدء بكتابه الأخير(التفكير في زمن التكفير) الذي هو من الجلدة إلى الجلدة دفوع فكري راق قل نظيره، وفيه، أي في هذا الكتاب تحليل وتفصل لكل الاتهامات التي قيلت هجوماَ على منهج هذا الباحث وشخصه، التي استعرت بدورها أثر تقدمه بكتابه (نقد الخطاب الديني) إلى لجنة الترقية لنيل مرتبة الأستاذ الجامعي بدلا من الأستاذ المساعد..
وقد وزع أبو زيد كتابه (التفكير في زمن التكفير)، بمنهجية وحرفية عاليتين،على عدد من الفصول المتساوية بحيث تقود بعضها إلى بعض، فكان الفصل الأول بمثابة البؤرة إذ تناول بالتفصيل تقرير الدكتور عبد الصبور شاهين التهامي (وهو عضو في لجنة الدائرة للترقية وعميد كلية العلوم) كما تناول بعضاَ مما نشره أتباعه في الصحف أو على شكل كتيبات.
خاص ألف
تبدأ رحلة الإنسان مع المفاهيم من كونه ظاهرة لغويّة، تستقطب المحيط ككَثرة، لتزجّ به في قالب اللغة..في المفاهيم كموضوعات للّغة، وقد يكون مبرّر نهم الإنسان للّغويّة، شعوره بقصر حياته وقصورها عن الإحاطة بالكثرة إحاطة مطلقة. ينحت العقل مفاهيمه رافعاً الأشياء إليه، مؤنسناً لها، فيكون الواقع غير المؤنسن بعد (تحتاً)، ويصبح الواقع المؤنسن بواسطة أحكام العقل ومفاهيمه (فوقاً). وال (فوق/تحت) إحدى المفاهيم التي نحتها العقل، مطوّعاً الأشياء..كلّ الأشياء لتتفق ومنظوره إليها.
هكذا، ليس غريباً ولا مصادفة أن يكون عالم الموت والموتى عالماً سفليّاً في الميثولوجيّات! إذ كلّ ما لم يعد منه فائدة ترتجى يتم إقصاؤه إلى الدّرْك الأسفل. الموت كان ومازال لغزاً غامضاً يحيّر العقل،
لا تقدم لنا الأناجيل الإزائية تحقيباً زمنياً واضحاً للمدة الفاصلة بين أول ظهور علني ليسوع وزيارته الأولى والأخيرة لأورشليم حيث حوكم وصُلب. وقد دامت زيارته هذه خمسة أيام فقط، فقد دخلها بعد ظهر يوم الأحد وصُلب صباح يوم الجمعة أول أيام عيد الفصح اليهودي. وخلال هذه المدة قصد الهيكل في ثلاثة أيام هي: الأحد والاثنين والثلاثاء، حيث كان يُعلِّم ويُجادل اليهود ثم يعود للمبيت في قرية بيت عنيا. وفي يوم الخميس لبث في بيت عنيا خلال النهار ثم غادرها ليلاً لكي يتناول طعام عشاء الفصح مع تلاميذه. وهذه المدة القصيرة لم تكن كافية في اعتقادنا لكي يتمكَّن يسوع من إبلاغ رسالته إلى أهالي أورشليم،
وسط الدعوات الظلامية المتطرفة التي أزاحت العقل وطرحته جانبا لصالح النقل التقليدي الجامد الذي احاط نفسه بجدران العزلة معتبرا كل محاولة لعبور هذه الجدران بمثابة إنتهاك للمقدس متناسين بالطبع إن تفسير المقدس بالضرورة غير مقدس لأنه خاضع للتغيير. تبرز أصوات من هنا وهناك في العالم العربي والإسلامي تدعو لإعادة النظر وإعادة الإعتبار للعقل وإحياء مدارس فكرية إسلامية وضعت العقل في المنزلة التي يستحقها تماهيا مع الحديث القدسي (خلقت العقل فقلت له أقبل فأقبل قلت له أدبر فأدبر قلت بعزتي وجلالي ماخلقت أفضل منك بك أحاسب وبك أثيب). ومن هذه الأصوات التي إرتفعت حديثا صوت المفكر الأيراني المعاصر عبد الكريم سروش وهو الأسم المستعار لحسن حاج فرج الدباغ من مواليد طهران في العام 1945 ,درس الثانوية في مدرسة (الرفاه) التي تمزج مع الدروس الدينية المواد العلمية
هل يحق لأحد،إسلامياً، أن يكفّر الآخر لمجرد الاختلاف في الرأي أو الأفكار..؟ النفي القاطع سيأتي من الإسلام نفسه، جليا واضحا، ومن خلال شواهد عديدة في القرآن والسنة، ورغم هذا فإن السؤال السابق، وإن كان منفيا إسلاميا، يقودنا إلى القضية التي سميت منذ سنوات، في القضاء المصري، بقضية حامد أبو زيد. والدكتور حامد أبو زيد هو واحد من المثقفين (الإسلاميين)المتنورين، آمن بالعقل ودوره الاجتماعي ـ الإنساني فطور حسا نقدا ـ معرفيا وضعه ضمن تيار فكري يمتاز بالتركيز على الفهم واستنباط الجوهري من التراث والدفاع عن التطور وقوانينه، وفي هذا سيبتعد عن التيار الذي يمثل الثبات والدفاع عن الماضي والتشبث بقيمه، ومن هنا سيبدأ الصراع
الأسرار" أو Mysteria باللغة اليونانية، و Mysteries بالإنكليزية، هي العبادات السرية التي تمارس طقوسها في الخفاء. وهي تختلف عن العبادات التقليدية الظاهرية، سواء في ممارساتها الشعائرية، أم في مفاهيمها اللاهوتية التي لا تُكشف إلا للمريدين الذين تمّ قبولهم فيها وتعديتهم إلى أسرارها بعد المرور بالطقوس الإدخالية، أو طقوس الاستسرار (= Initiation). وهذه الطقوس هي التي تعبر بالمريد إلى الحلقة الداخلية للعارفين بالألوهة المعبودة، وذلك على عدّة مراحل ترتقي بالمنتسب الجديد تدريجياً، وعبر فترات زمنية تطول أو تقصر تبعاً لاستعداده الروحي، حتى تصل به إلى الدرجة العليا التي تكتمل عندها معارفه ويغدو حكيماً. وعلى المنتسب بعد عبوره إلى أسرار العبادة ألا يبوح بمعارفه التي اكتسبها لمن هم من خارج أو لمن هم دونه في المرتبة. ومثل هذا الارتقاء عبر درجات المعرفة ما زال معمولاً به .
يعتبر إنجيل يوحنّا ظاهرة متفرّدة بين الأناجيل الأربعة. فهو يمتلك رؤية خاصة، وبنية عامّة، وتحقيباً زمنياً، وأسلوباً في أقوال يسوع، لا يوازيها شيء في الأناجيل الأخرى. كما يقدّم لنا لاهوتاً مختلفاً عن لاهوت الأناجيل الإزائية. فرسالة يسوع في الأناجيل الإزائية هي رسالة أخروية، تركّز على قرب حلول ملكوت الله والمطالب الأخلاقية اللازمة لدخوله، عندما ينتهي الزمن والتاريخ وينتزع الله العالم من سلطة الشيطان، ويرسل ابنه في قدومه الثاني ديّاناً ينهي العالم القديم ويقيم على أنقاضه عالماً جديداً يرثه المؤمنون. وقد ورد تعبير ملكوت الله في الأناجيل الإزائية نحو ثمانين مرّة. أمّا إنجيل يوحنّا الذي لم يرد فيه هذا التعبير إلا مرّة واحدة، فإنّ طريقة تعامله معه توضّح لنا مراميه اللاهوتية المختلفة : "ما من أحد يمكنه أن يرى ملكوت الله إلا إذا وُلد من علٍ. فقال له نيقوديموس : كيف يسع الإنسان أن يولد وهو شيخ؟ أيستطيع أن
تتشابك في المستوى المنهجيّ ثلاثةُ مفاهيم أساسية هي الجنس Sex، والجنسانيّة Sexuality، والخطاب الجنسيّ Sexual Discourse. ويحيل الجنس على العملية الحيوية المباشرة التي تؤلّف جزءًا من رتابة الكائنات الحيّة العضوية، وهي عند الإنسان الممارسة الحيوية، والسلوك البيولوجيّ اللذان يضمنان له تحقّق رغباته في المتعة واللذّة والتوالد. في حين أنّ الجنسانية تشتمل على مجمل التقنيات والآليات التي تُدارُ بها الحياة الجنسية بمعناها الواسع والشامل؛ إنّها العلم الأركيولوجيّ الذي يسمح بالكشف عن التقنيات التي تستطيع الذات بوساطتها الإفلات من ضغوط السُّلطات التي تجمح رغائبها وسلوكياتها، والتمرّد على المعرفة التي تصادر حضورها ومتعها(1).
وإذا كان الجنس آلية حيوية رتيبة وسمت نشاط الإنسان بوصفه أحد الكائنات