خلاصة الرأي أن النية الحسنة عند تشافيز وحلمه الرومانسي بالعدالة الاجتماعية وبانتصار الفقراء في معركتهم مع الأغنياء هو كلام أجمل مما يقوله بوش من تمييز بين الخير والشر والأصدقاء والأعداء ولكن
لا سبيل إلى الحداثة في مجتمعات تقيم في الماضي ربما كانت كلمة الحداثة التي شاع استعمالها بدون مناسبة أحيانا وفي غير مواضعها أحيانا أخرى، إحدى الكلمات التي فقدت الكثير من تأثيرها ووقعها. فهي كلمة صارت بفعل الابتذال وسطوة الاعتيادي دون معنى. حروف هيكل لا روح فيه، بواقع أن المجتمعات العربية والفاعلين الحداثيين في هذه المجتمعات لم يتمكنوا من ترجمتها والانتقال بها من حيز المصطلح واللفظ إلى حيز السلوك والممارسة المتجليين في اعتناق قيمها فعلا، لا قولا وتشدقا، وجعلها من صميم الحياة اليومية للأفراد والجماعات.المجتمعات العربية لم تتمكن من الولوج إلى عصر الحداثة - العصر الذي يصر الكثيرون في الغرب على أنهم غادروه إلى عصر آخر أطلقوا عليه ما بعد الحداثة - لأنها لم تعش إرهاصاتها الضرورية ولم
" ان المشكل ليس في تغيير وعي الناس أو ما يوجد في أذهانهم بل تغيير النظام السياسي والاقتصادي والمؤسسي لإنتاج الحقيقة" /ميشيل فوكو/. ليس هناك حقيقة واحدة عند فوكو واحد من مفكري ثورة طلاب سنة 1968 بفرنسا بل عدة حقائق والسبب هو وجود عدة استراتيجيات تقف وراء إنتاج هذه الحقائق، إذ أن كل حقيقة من إنتاج سلطة وكل سلطة وراءها نظام للخطاب ، كما أنه يوجد اقتصاد سياسي للحقيقة والمسألة السياسية هي الحقيقة ذاتها وليست الوهم أو الإيديولوجيا.ويحدد فوكو خمس خصائص للاقتصاد السياسي للحقيقة:- الحقيقة تنتجها المؤسسات ومتمركزة في الخطاب العلمي الرسمي الذي يدعي الموضوعية .- الحقيقة موضوع تحريض من طرف السلطة السياسية واستثمار من طرف السلطة الإنتاجية الاقتصادية.
نعرف ألف لغة.... ولا لغة منها تعرفنا المطلع على نظرية ما بعد الاستعمار يواجه نماذج كثيرة من تمثيلات الغرب عن الشرق، فهذه التمثيلات التي اضطلع بها الغرب في تعريف الشرق بمفهومه الخاص جاءت نتيجة حتمية لأدبيات النص التي وقعت مسؤولية إنشائها على عاتق جيش هائل من الفلاسفة والمفكرين والسياسيين والعلماء، في بناء صورة الشرق ثقافيا، كما عبر عن ذلك إدوارد سعيد في معرض دراسته للاستشراق، ولعل التمثيلات العرقية والدراسات الانثربولوجية والتاريخية، قد ساهمت في تفعيل صورة الشرق. فثمة صورة نمطية متموضعة تنظر إلى الشرق بأنه أنثى، وأن الغرب هو الحامي والمخلص والمنقذ باعتباره الذكر القوي والعقلاني، هي منتج غربي مدعوم..
لقد كتب جان باتوشكا في 1936 مؤلفا عنوانه:"العالم الطبيعي بوصفه مشكل فلسفي") مؤلف أعيد طبعه في براغ في1971 ونشر بفرنسا ولاهاي في 1976 (، منذ الوهلة الأولى يظهر في هذا المؤلف موضوعا خاليا من كل حمولة سياسية. لقد تكلم الكاتب بألفاظ قريبة من ألفاظ هوسرل في "أزمة العلوم الأوروبية والفنومينولوجيا المتعالية" قصد تجذير كل المعارف النظرية في عالم الحياة حيث يحصل الإدراك والانهمام المعرفي على قيمته. فمن هو السياسي الذي يظهر ناقصا في هذا الاستقصاء حول أسس المعرفة؟
على الرغم من القبول الواسع الذي تلقاه "الديمقراطية" ـ كنظرية سياسية للحكم ـ بين شعوب العالم، بما تكفله من حريات للأفراد والجماعات وما تخلقه من حقوق وضمانات، إلا أنها ظلت مرفوضة بالنسبة للإسلاميين وخاصة لدى أصحاب "المنهج السلفي". وبعيداً عن موقف بعض فصائل الصحوة الإسلامية ـ ممن قبلوا العمل تحت راية الديمقراطية، واحترموا لعبتها، وحرصوا على مكتسباتها، كما هو الحال في (تركيا، والمغرب، وماليزيا، وفلسطين، والجزائر، والكويت)
" الإسلام لم يعد دينا ً في عصرنا الراهن , و إنما أصبح ايديلوجيا سياسية, تزاود عليها قوى السلطة و المعارضة معا ً"
"جورج طرابيشي"
السؤال المطروح هو هل يمكن التفكير بالدين غير كونه ايديلوجيا غيبية؟فالدين – أي دين- هو منظومة عقائد يتحوَّاها أفراد و مجتمعات مؤمنة بها, و من خلال قيم و طقوس و سلوكيات تنسجم مع منظومة العقائد المعنيَّة و مع فكر يدَّعي أنه الحق و أنه نزل من عالم الغيب ؟
قد يكون من المجازفة أن يحاول المرء الكلام على معركة الحجاب كلاما يدعي فيه تجاوز سطح المعركة المحتدمة بين الأصوليتين العلمانية والدينية لفهم أبعادها الرمزية العميقة. فأصحاب الموقفين يحول الوطيس دونهم والتنبه إلى ما وراء الحمية الغالبة عليهم فلا يفصحون عن علل المعركة ذاتها. لذلك فمواقفهم ليست فتحا لأبواب الحوار بل هي غلق لها وغالبا ما تنتهي إلى الإرغام المتبادل والتنافي المطلق فلا يحسم الأمر إلا في ساحات القتال بدل الجدال: الديني يتمترس بالرأي العام الشعبي زاعما أنه يدافع عن أحد مقومات حقوق الله والعلماني يتمترس بالرأي العام الغربي زاعما أنه يدافع عن أحد مقومات حقوق الإنسان.
أشرت في القسم الأول الى أن العلمانية لاتتعارض مع الدين على الاطلاق لابل إنها تنسجم معه بما يمثل من واقعية انسانية اجتماعية ومن مفاهيم أخلاقية وقيم نبيلة وفق النص المقدس وليس وفق مفاهيم أسس لها وأرساها فقهاء سلطة كيفوا الدين وفق مصالحهم ومصالح أسيادهم القابعين في مواقع السلطة عبر التاريخ . الأمر الذي جعل منهم حالة مضادة تماماً للدين وتوجهاته النبيلة, وغاياته, ومقاصده الحقيقية التي أول ماتستهدف الانسان من حيث تكريمه وتحصينه وحفظ حقوقه وحريته .
" ان نقد الدين هو الشرط الممهد لكل نقد" كارل ماركسساد اعتقاد لدى عامة الناس في الثقافة العربية أن الجدلية المادية عند ماركس تتناقض جوهريا مع الدين وأنها تنشر الالحاد والاباحية أو على الأقل تعتبره مسألة شخصية لا يجوز اقحامه في معترك الحياة السياسية وهذا الأمر لا توجد حوله كتابات كثيرة وظل قضية خلافية ومسألة يمكن مراجعتها والاشكال الذي يطرح هنا يتمثل في امكانية وجود موقف آخر لماركس من الدين ومدى قدرة أنطونيو غرامشي تجاوز النظرة التقليدية لماركس للدين كزفرة لمخلوق مضطهد وأفيون للشعب وتقديم هذا الفيلسوف الايطالي الذي واجه بشجاعة كبيرة النظام الفاشي الشمولي لموسيليني نظرة ايجابية عنه ؟