لما وصفت المعركة بين الأصوليتين العلمانية والدينية بكونها معركة دنكيخوتية ظن الكثير أني أهون من الأمر . ولعل البعض يتصور في هذا الحكم تنصلا من المسؤولية وسعيا إلى التوسط بين الحزبين. لكني أعتقد أن الخلاف بين الحزبين حتى لو لم تكن وهمية لا يستأهل حربا أهلية بين نخب الأمة. والمشكل ليس هو في وجود الخلافات بل في طغيان الوهمي منها، حتى صارت أفخاخا يتبادل نصبها من يزعمون أنفسهم ناطقين باسم العقل لمن يزعمون أنفسهم ناطقين باسم الدين ثم العكس بالعكس.
تجربة الكاتب السوري خيري الذهبي الروائية، شكلت منذ السبعينات إغناء نوعياً له مذاقه الخاص والمميز في سياق حركة الرواية السورية التي اعتنت – عموماً – بالهمين السياسي والاجتماعي، ربما أكثر بكثير من اية تجربة روائية عربية أخرى، ولعل هذه الملامح بالذات، جعلت تجربة الذهبي تأخذ تميّزها وخصوصيتها من انتباهها الواعي لحركة المجتمع، كما تتبدى من حدقة الكاتب، الرائي والمتأمل، أكثر من تجلياتها الأيديولوجية وما يعصف بها من أسطرة مسبقة، ومن قراءات إنسانية تذهب إلى حدود «الحتميات» و «الثوابت».
القول إن المجتمع الإيزيدي هو مجتمع زراعي ـ رعوي ليس قولاً جديداً، ولكن الجديد هو اكتشاف البصمات والآثار المترسخة في هذا المجتمع الزراعي رموزاً وطقوساً واحتفالات، وان هذا الكشف بحد ذاته يتيح لنا الاطلاع على العمق التاريخي الذي تمتد فيه الجذور الإيزيدية في ممارساتها الطقسية والرمزية المتعلقة بالزراعة وشؤونها..
النقوش مرآة تعكس الكدح ومسافات التعب التي أحكمت طوقها على علاقات العرب القدماء في أرض الحماد والحرات في البوادي مع طرفي التكوين المكاني والزماني، والتي تنبه إلى علاقات متذبذبة قرباً وتنائياً، بغضاً حد القطيعة والاحتراب، ومودة درجة التفاني وردم الهوى والمسافات، والعربي في تذبذبه الوجداني هذا يبحث عما يضع المسافة بين الحلم والتشهي إلى استحالة سراب الصحراء ماء يجري فوقها يروى زرعاً وضرعا ليدرك الرمادي لون التربة الحمراء رياً وخصباً، لا طمعا في مقام ومكوث بل تقويضاً لمقوم الصراع وبعث الأيام بتوافر الماء والكلأ هنا وهناك على امتداد أثر القطيع وأوتاد بيوت الوبر.
الحب أعزك الله أوله هزل وآخره جد" ابن حزم/ طوق الحمامةالشباب مريض بالحب هذه الأيام والسبب هو انتصار فلسفة الجسد على فلسفة الروح وتغلب حب الدنيا على التحضير للآخرة وتفضيل المراهقين الحركة والإيقاع والاستهلاك وقتل الوقت على البذل والجد وطلب العلم والإعداد للمستقبل عن طريق الاهتمام بالرياضة والفنون والمطالعة والاستفادة من خبرات الذين سبقوهم في الحياة.
عندما يتحول الماضي إلى وثن، يتحول خدامه إلى سدنة.
يخترع السدنة عددا من الضوابط والعلاقات، فيكرسونها مرجعيات، تتعالى على عوامل التاريخ واقتراحات الحاضر. إنها ضوابط وعلاقات لازمنية وثوقية لا تقبل الجدال. ومن يخرج عنها، فإن الوعي المجتمعي المأسور ـ الذي صاغه السدنة ـ سوف يتكفل بنبذه واتهامه ومحاكمته وإقصائه: " قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ" (الشعراء/116).
ولأهل السنة سدنتهم كذلك. وما يعتبر سدانة، من سدانات أهل السنة، هذه التواكلية التي اتسم بها مذهبهم، وهذا الصغار أمام قمع كل حاكم، ما دام لا يظهر الكفر البواح.
هذه الحقبة - العصر الوسيط - والتي إمتدت أكثر من ألف عام نحن بصدد دراسة فكر ونظم حضارية والكنيسة وعلاقاتها وكيف كان يفكر الناس، فذلك العصر هو عصر الفروسية والإيمان والإقطاع والظلام أيضاً.الواقع أنه بوفاة الإمبراطور ثيودوسيوس في عام 395م قُسمت الإمبراطورية بين ولديه إلي قسمين قسم شرقي (الإمبراطورية الرومانية الشرقية)، وقسم غربي ( الإمبراطورية البيزنطية )، وأصبح هناك إمبراطور في روما ولكنه كان يمكث في رفانا وإمبراطور آخر في القسطنطينية.
مفهوم التسامح في المتخيل الجماعي الغربي والاسلامي
يتناول المقال التالي فكرة التسامح عند الغرب والإسلام على خلفية ما يعتبره البعض صراعا بين الأديان ويرفعه البعض الاخر إلى درجة الصدام الحضاري. يعود صاحب المقال إلى بدايات هذا “الصراع” وتطوراته منذ كتابات فلاسفة الأنوار إلى الكتابات المعاصرة، محاولا تبيان كيف تطور مفهوم التسامح وما ينبغي أن يكون عليه، اليوم، في ظل تطور المفاهيم المحيطة به.
تمهيد:
لست أشك في أن أغلب القراء قد ضاقوا ذرعا من المعارك الزائفة التي أغرقت بها الأصوليتان العلمانية والدينية فكر المسلمين فحالت دونه والفراغ للإبداع بدل جبره على الاختيار بين الاتباع للماضي الأجنبي (ما يسمى حداثة: لا أحد غير بعض المتخلفين من النخب العربية يعتبرها مستقبل الإنسانية) أو الماضي الأهلي (ما يسمى أصالة: لا أحد غير المتخلفين من النخب العربية يعتبرها مستقبل المسلمين).
ظهرت قبل مدة موجة من الدعوات والردود على الدعوات تناولت مجموعة فتاوى تتمحور حول ’’تكفير الليبراليين‘‘ في المنطقة العربية. وكان للملكة العربية السعودية ومصر النصيب الأوفر من هذه الفتاوى، ما دفع صديقنا السيد ولد أباه إلى نشر مقال في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية حول فتاوى الشيخ صالح الفوزان ’’المكفرة لليبراليين‘‘ والتي طالت ارتداداتها مجمل المنطقة العربية. أثارتني المقالة والسبب أمران دفعاني للتعليق على ما جاء فيها، معرجا على خلفية صاحبها، ودافعا بالنقاش حول السياق الذي تأتي فيه إلى عتبات أرحب.