في سنة 2005 استطاعت الفرنسية "أنا غفالدا" أن تبيع حوالي 850 ألف نسخة من مجموعتها القصصية الأولى، وهي في الترجمة العربية بعنوان: "أودّ لو أن أحداً ينتظرني في مكان ما"،وذلك في الأراضي الفرنسية وحدها. تدور معظم قصص المجموعة في فلك اليومي والعادي والمألوف جداً، حتى أنه لا يمكن تصوّر تلك المألوفات قاعدة تخييلية لبناء قصة ما! فيما يبدو أن طاقة السرد تتغذى من الفرد وحده، من داخله وحوله، خارج كل ما هو خارجه، بعيداً عن أية أفكار جاهزة أو قيم مسبقة. هل كان هذا هو سبب شعبيتها الهائلة والمفاجئة؟!
حين أذكر طفولتي، أو فتوتي المبكرة أذكر أن الكتاب غير الديني الوحيد الموجود في بيت جدتي كان سيرة الملك الظاهر بيبرس والذي قرأته لنفسي، وقرأته لجدتي وصديقاتها مرات أسعدهن بحكاية ذلك السلطان العظيم الذي نشر الإسلام في أربعة أركان الأرض وانتصر على الصليبيين، وعلى مؤامرات داهيتهم الأكبر جوان الخوان وتلميذه البرتقش، وانتصر على التتار وخاقانهم اللئيم في حروب بطولية لا تنتهي.
تهيمن في الثقافة العربية مقاربتان متعارضتان للعلاقات العربية الغربية. مقاربة حضارية ترى أن الغرب متحضر ومتقدم والعرب متأخرون، وأن أول ما يتعين عليهم القيام به هو الاجتهاد الثقافي والسياسي والاقتصادي لردم الهوة الحضارية، الأمر الذي يقتضي تحييد عوامل الصراع أو تبريدها. المقاربة الثانية، بالعكس، صراعية، ترى أن الغرب معتدٍ ومسيطر، وأن تقدم العرب مرهون بمواجهة ناجحة للعدوانية الغربية، ما يدفع إلى الوراء إشكالية التقدم والتخلف أو النهوض الحضاري.
للإله الواحد(1)
1- ترتيلة إلى آمون- رع:
لم يكن الإله آمون معروفاً على نطاق واسع في مصر خلال عصر المملكة القديمة، ولا يظهر اسمه في نصوص الأهرامات في هيليوبوليس عاصمة المملكة القديمة إلا أربع مرات؛ وكان إلهاً لمدينة طيبة عندما كانت مجرد بلدة صغيرة في الولاية الرابعة لمصر العليا. في عصر المملكة المتوسطة، أخذت أهمية طيبة بالتزايد حتى غدت في عصر المملكة الحديثة عاصمة مصر الكبرى، وعلا شأن إلهها آمون وتم دمجه بإله الشمس القديم رع، تحت اسم آمون- رع، الإله الخالق، الذي أنجب نفسه بنفسه وخلق فيما بعد الآلهة والعالم والكائنات الحية.
إن من أكبر حالات التزييف
التي مرت على أمتنا، هي الحالة الثقافية الراهنة، والتي شربنا من أكوابها الجرعات بكل متعة، تارة تحت اسم التجديد أو الحداثة، وتحت اسم التقليد أو الكلاسيكية، و تارة تحت اسم الديمقراطية والديكتاتورية، وما شئت من مفاهيم مختلفة ومتناقضة رسمت معالم ثقافتنا الحالية، وأطلقت شعاراتها للتحرر والحرية، وصنعت أحزاباً وتجمعات متناقضة في ما بينها، كل منها يدعي القول الأخير الفصل، ويكفر كل من غايره في الرأي .
في المُلتقى العالمي للفلسفة الذي عُقِد بمدينة اسطنبول، ألقى الفيلسوف الإيطالي جانّي فاتيمو (Gianni Vattimo)، مُحاضرة بعنوان استفزازي (كلام فاتيمو) "هايدغر فيلسوف الديموقراطية" . وللتدليل على ديمقراطية هايدغر فإنه أجرى مقارنة بين أفكار شيخ الليبرالية كارل پوپر (Karl Popper)، من خلال كتابه "المجتمع المنفتح وأعداؤه"، وبين أطروحات هايدغر انطلاقا من محاضرته "نهاية الفلسفة ومُهمّة الفكر".
كيف نفهم أبعاد الدور الإسرائيلي في المسرح السياسي العربي حكما ومعارضة وما مدى قدرتنا على التعامل مع الرهانات الدولية الحالية حتى نفهم هذا الدور ونقدر على التحرر منه ؟ ذلك أن كيفيات التعامل مع إسرائيل هي العلامة المائزة بين النضوج الموضوعي الذي يفصل بين القدرة الفعلية ومجرد الإرادة في العمل السياسي. فالقدرة الفعلية تتميز بما تطلبه من توفير لشروط الإمكان المحدد.
- ترتيلة إلى شَمَشْ، إله الشمس:
عُثر على هذا النص في مكتبة الملك الآشوري آشور بانيبال بنينوى (668-633ق.م)، وهو عبارة عن صلاة لإله الشمس البابلي «شَمَشْ» باعتباره قوة كونية شمولية، وإلهاً للقانون والنظام والعدالة. فهو يشرق على الأرض بجميع أقطارها، وعلى البحار فيخترق أعماقها، كما وأنه يشرق على العالم الأسفل أيضاً؛ وهو يطّلع على أعمال البشر فيحسن إلى الأخيار ويعاقب الأشرار.
"ينبغي أن تظهر عبقرية الفيلسوف في ميزة أخرى غير التي تجعله غامضا ومبهما في نظر معظم الناس" جورج غسدورف
مللنا من انتظار قدوم الفيلسوف ومن طرح سؤال هل يوجد لدينا فلاسفة الآن أحياء في حضارة اقرأ ؟ وثرنا على من لا يعترف بقيمة هؤلاء المشتغلين بالفلسفة والقضايا الفكرية والمتناثرين في كل الدول العربية و اللاجئين في العواصم الغربية والذين يمارسون التنظير المعرفي والتحليل العلمي للواقع ويمتلكون رؤى مستقبلية فذة.
مقاربة ثقافية للنقوش العربية القديمة
لا ندري بدءا مدى مطابقة محتوى النقوش في الحيز المكاني للواقع.. ولا نعلم إن كان المضمون مدونته أم العالم الموازي له، يتشكل وفق مشتهى النّقّاش.. فإذا كان النص النقوشي عالم صاحبه الضيق ومَبَثَّ شعوره.. فهل يصل إلى المتلقي بُعدا معرفيا يُعوَّل عليه في فهم بيئته المكانية؟ وهل تَمَلّك صاحبُ النقش أو مجموعة النقوش في جغرافيتها اللامة لها الإحاطة بما حوله؟.. كلما اقتربنا من أكوام النقوش في رجومها..