اليوم مثل كلّ يوم
رقراقة أغاني الشوارع
رقراق صوت الطفلة على الأكتاف
رقراق هتاف الفِتْية البهيج
لا تقترب أكثر من الأغنية
بعيداً رمّمْ أضلاعكَ المكسّرة
أنا لا أكتب إليك من عتبي ... بل من حب و شوق و لهفة و حنين أكتب و أنا أسأل نفسي كيف سمحت لعشقك أن يمتد إلي و الباب مغلق، مغلق بالمتاريس مذ ثورتك التي تحبين . أعرف أنك ستنفين ما أقول ... ستتذمرين و تشكين و تصرخين بأعلى صوتك لم تغار حبيبي من ذاك الوطن و تلك الثورة ... تلك الثورة التي تسكنني . أنا يا حبيبتي متيقن أنك الوطن، وأنا لست إلا جزءاً صغيراً داخلك حين تبدئين بالحديث عنه، وأنني لست إلا هامشا صغيرا ً في أسفل ذاك الوطن... أحبيه يا حبيبتي بالقدر و الكم الذي تشائين فإن لم تفعلي سأكون أنا الخاسر قلبك ..
لم تعِ أحداهن يوما أن جسدها كله وليس بجزء صغير منه ملك للآخرين , أبيها وأخيها وكل رجال القبيلة أيضا ليأتوا فيما بعد ويسلموها كبضاعة لم تمسسها يد لعنتر آخر ووصي آخر يرغب بتلويث منديله الأبيض الناصع بدماء طهارتها كي يثبت لنفسه بعضا من رجولة وهمية أحب أن يلون ويجمل بها عقده الدفينة
أيها الشعب الكريم : متى ستنزعون كرامتكم الغالية وشرفكم المصون من بين أفخاذنا ..
منذ غيابك.. صارت الأحرف تجلس إلى جواري، فنحدّق هي وأنا بالورق المتروك تحت غباره.
يلكزني حرف اللام.. أحرك يدي.. فيتراجع إلى جلوسه.. أحدّق بالأبجدية التي اتكأت على احتمال أن أَعْتِقَها من مهمة الولوج في صفحةٍ ستصبح بعد قليل مرثيةً عنك.
نضحك أنا والحرف.. نضحك بسخريةٍ من العجز الذي أصابنا.
فمنذ أن طلّ موتك علينا.. ونحن نُجَرِّبُ كتابة النّعوات ونفشل،
للأسف يا صديقي أنّ الثورة تأكل أبناءها، منذ البدايةِ، وحينَ ساقَ الغباءُ النظام إلى الاعتقاد بأنّ الثورة ثورة جياع، تساءلت: كيفَ يُمكنُكَ أن تأخذَ علاوةً على راتبِك الشهريّ بسبب مظاهرتين أو ثلاث قام بها أناسٌ اتّهمتهم أنّهم رعاع؟!
ومع ذلك ستأكلُ الثورة أبناءها لتحيا أنت، ولتنظّرَ لثوراتٍ ورقية ربما لا يقرأها أحد.
ستأكلُ أبناءها، وستحظى بحياةٍ أفضل كثيراً من التي عشتها في ظلّ قامعِ الرعاع، وستحظى بكرامةٍ لا تستحقها،
هؤلاء الذين يمجدون النساء . كانوا إلى قبل ثوانٍ مقيمين في سوق الأباحية يصورون أفلاماً يشرّعون فيها كلّ ماهو ضدّ النساء
قدرُ الفقراء أن يقتلوا ، وقدرُ السوريين أن يكونوا فقراء .الفقراءُ من كلّ الأطياف والأطراف . كلّهم ضحية لهم وللجّلاد على السّواء. السّبب: أنّ الزّبدَ الذي كان يطفو في الماضي فوق بحرِ الظلم ، وتحت أقدام المستبدّ . عاد نفسه ليطفوَ فوق السيول التي تسبّبت فيها غزارة الدماء . كنّا في الماضي مقيّدين بأعناقنا بسلاسلَ صنعوها لنا كي يُهدوا حياتنا للقائد الرمز . جرّونا بها إلى مستنقعات الفقر والجهل والعبودية . سرقوا أجملَ ما لدينا في الحياة .
وقد يهاجمها صوت آخر.. دون أن يكلّف نفسه عناء ترك المجال للإجابة
أو حتّى طرح رأيه كتساؤل - ولو تهكّماً- ..فيجيب بحزم مطلق:
"حبيبي... سوريا من يوم يومها.. لكلّ السّوريّين.. ماكانت بيوم غير هيك..
إلّا من بعد ما خرّبتوها.. وصار في طائفيّة.. وسلاح... واللّه يستر ما تتقسّم البلد كمان...
وبتقلّي كلّ السّوريّين؟!"
مَنْ قال أني أردت الرحيل؟!
و عروسي تقف هناك على ضفة الفرات
مترقّبة رجوعي كل ليلة
لأقبلها تلك القبلة الموعودة مذ
ورد الطفولة و جنون المراهقة
وهي تضفر جدائل الأمل،
مرت الأيام وخلفها الأسابيع ونحن نتبادل كتب الشعر ونتغازل في مطاعم دمشق وأزقتها وشوارعها وساحاتها ونقضي الليل في قاسيون والنهار على ضفاف بردى وأنا أغني له أغنية فيروز(لما بغني اسمك بشوف صوتي حلي) متجاهلة أن هذه الأغنية تتحدث عن لبنان، وكثيرا ما كان يحدثني عن علاقات الأدباء العالميين العاطفية ويتباهى بسرد تفاصيل حياتهم الشخصية وفي إحدى المرات روى لي عن إعجابه بطريقة تناول الكاتب العالمي (باولو كويلو) صاحب رواية (الخيميائي ) لصحن الفتة الشامية مؤكدا أن (باولو كويلو) يفضل الفتة بالزيت ويتبع حمية لخفض الكولسترول الذي كان يهدد حياته الأدبية بالخطر،
لم تكن ثورتنا هي الثورة الوحيدة التي شاركت فيها المرأة، ولكنّها الثورة التي أتاحت للنساء السوريات أن يُظهرن كلّ ما لديهن من جمال وصلابة، لم تعد تلك المرأة الخائفة والتي تحسب ألف حساب، ولم تعد فقط أمّ او أخت أوزوجة أو ابنة أو حبيبة الشهيد، المرأة هي الشهيدة وهي السجينة وهي المطاردة وهي الهاربة خارج الحدود، المرأة العاديّة، المرأة المتعلّمة، المرأة المثقّفة، الطالبة والعاملة والفلّاحة وست البيت، كل شرائح النساء شاركن في الثورة بطريقة أو بأخرى. هل ما فعلته المرأة السوريّة؟ وما تفعله، هو مقدّمة لكي تأخذ مكأنها ودورها الطبيعي في سورية ما بعد انتصار الثورة