هنا ثمّة "ممثّل كومبارس" مبتدئ مُنِح دور "بطولة" بسبب غياب الأبطال الحقيقين...
فدخل الخشبة جاهلاً كلّ قواعد اللّعبة..
أخذته أناه أمام "الجمهور".. وأرعبه أن تسدل عليه الستارة.. و ينتهي العرض...
فقرر أن يطيل الصراع ليستبدّ... فلا يكون هناك حينها سوى احتمالين،
إمّا يبقى بطلاً... و إمّا أن تسدل "الستارة" السّوداء على الجميع..
"ستارة" عجز واستنزاف... "ستارة" سوداء...
أنهى ورشة العمل، و زار المدينة، و تبضع، و حمل الهدايا، واتجه إلى المطار ليغادر، و هناك أوقفه أمن الجوازات مرةً أخرى ليقول له بأنه ممنوع من دخول تركيا ... فكيف دخل و أمضى هذه الفترة في الداخل ... قصّ حكايته على عجل بدقيقة واحدة، و بتلفون سريع تأسف الموظف لإزعاجه إذ أنهم كان يجب أن يلغوا المنع لحظة دخوله الأراضي التركية و رجاه ألا يؤثر ماحصل له بهذا الشأن على مشاعره وأحاسيسه اتجاه بلده
تحركت على إفريز النافذة كعصفور يلتقط فتات الخبز.. ورحت أنقر شفاهي بزجاجها.
النادل أخفض الضوء، فامتد ظله المرمي على الكرسي إلى إفريز النافذة.. اقتربت.. لامس ظلي ظله..
وهمست: أن انتبه هناك من يشتعل انتظارا..
حين عبر أسفل نافذتي في الظلمة.. لم يكون واضحا منه سوى الظل.. ذاك ما كنت أراقبه.
وهذا ما تذكرته حين أخرج علبة سجائره.
أثناء شرودي بظله المطفأ، دخل أحدهم وجلس إلى جواره.. ألقى تحية عابرة.. أخرج علبة سجائره.. وعلبة الكبريت الصغيرة..
يف لنا أن نلوذ بصباحات يقصم الأرق ظهرها، نستفيق ولا نستفيق، خلل في الليالي وفقدان توازن في اليقظة، تتناهبنا الأخبار من كل اتجاه: في الداخل، مقطوعة أخبار الاهل والأصدقاء، تلاحق خبر أشقّائك وأطفالهم الهاربين من موت لا تعرف متى يحيق بهم.. من قرية إلى أخرى، من مدينة إلى مدينة، بين كل خبر نسمعه وصمت القبورالذي يلي ويلفّ سورية، زمن فلكيّ، وكأننا نعيش في عصر الحمام الزاجل، صديق يتواصل معك ذات صدفة من قرية سورية محاصرة:
ـ ما هذا الفيلم، أيضاً، الذي تشغل نفسك به؟
° هوَ فيلم قديم، عنوانه " ثلاثي أضواء المسرح ".
ـ يبدو لي، يا أخي، أنك أصبحت مدمناً على أفلام الأنتيكا..؟
° أفضل من متابعة أفلام البوليتيكا، التي تهز البدن.
ـ قصدكَ، ما يجري بحق شعبنا في سورية من جرائم على مدار الساعة على يد النظام؟
سأتحدّث اليوم عن الدببة البنّية..
وهي نوعٌ من أنواع الدببة التي تنتشر في غابات هذه الأرض، شأنها في ذلك شأن الكثير من المخلوقات، واختياري في هذه المادة الجنوح إلى عالم الحيوان، أو العالم اللا إنساني لأن حكمة هذا العالم تكمن في أن قوانينه لم تتغيّر منذ الخليقة حتى يومنا هذا.. عدا عن أن أفراده لا ينظرون إلى التغيير في نمط حياتهم على أنه أمرٌ ضروري، فهم أوفياء حقّاً لولادتهم الأولى وغرائزهم ونزعاتهم دون الكثير من الكلامْ
الاغتصاب والتّحرش هما عملٌ من أعمال السيطرة على الآخر . لهما عواقب كبيرة على الضحية قد يكون من بينها الحمل ، والأمراض المنقولة عن طريق الجنس ، ومشاعر اليأس ، والعجز ، وعدم الثقة بالنفس وعدم احترام الذات والخوف من الحميمية والكوابيس وذكريات الماضي ، واضطراب الشخصية وربما الانتحار .
أغلب ضحايا الاعتداء تتم من قبل المعارف من العائلة والأصدقاء ،
مرجل يغلي..
لكن ليس ثمّة ما منح الشّرارة..
بلاد كانت وديعة.. حتّى ليظنّ أنّها كانت هانئة بلا همّ..
كبرنا بها، وكنّا أطفالاً لا ندرك ما تعانيه، كبرنا وأسئلتنا معاً..
لكنّها وحدها.. بلاد الرُّقُم والفخّار المشويّ كانت تكزّ على جراحها.. وتنتظر..
لتبتكر أبجديتها
كسر ساقي بعصيهم،
تقليع أظافري،
شلل جزئي أوكلي يصيب الجسد مني،
صمم أذني،
خرس لساني،
وعمى عيني،
تعطيل يديّ عن الكتابة،
كسر أقلامي، وجفاف حبري،
كل الاستحمار و العنف و الكره
الذي يُفرض عليّ بالشوكة و السكين،
سرقة تاريخي والجميل من عمري،
تعذيبي بكل أسلحتهم الفتّاكة
بكل بسالة الطغيان،
كل ذلك بالتأكيد
يضربني في عقر قلبي،
يقتلني.... و يقتلني...و يقتلني
لكنه يُقويني.
*******
يسألني ابني:
يقولون ( قدسيّأ ) صارت على الأرض، و أنهم أحرقوا الأخضر و اليابس فيها.. أتراهم أخذوا لوحات بيتنا.... كتب أبي و كتبك وكتبنا أنا و أختي عزة... ماما... هناك لي في...
أستيقظ..
أدرك للمرة الأولى أن جواز السفر أهم من أن يكون تذكرة عبور للبلاد.. هو تذكرتي الوحيدة إليك، هو الذي سيحدق في عين موظف الحدود ويخبره أنّ عليها العبور، وهو أيضا الذي سيطلق السباب والشتائم في وجه كل موظفي العالم إن منعني من اجتياز الحاجز.. قد يهمس للموظف أن دعها تمرّ.. فعلى الضفة المقابلة رجل ينتظر على هيئة وطن، رجل خلع كل حدود البلاد وجاء حافيا إلا من الشوق.