ذهبتُ محتشدةً بفكرة أن الحزنَ سيغمرَنى لأسبوع قادم. دعوةٌ من فرع ثقافة الجيزة لحضور يوم ترفيهىّ لمائة طفل مصرىّ يتيم، بمناسبة يومه العالمىّ. أنْ تشاهدَ أطفالاً بدون سَنَدٍ فى الحياة، فأنتَ بالتأكيد مواجهٌ سؤالا صعبًا: كيف يدبّرُ أولئك الصغارُ حياتَهم، إنْ كانتِ الحياةُ صعبةً علينا، نحن الكبار!
ليس أقسى من الشعور بالعجز عن رسم بسمة على وجه طفل لا أمَّ له. وليس أجملَ من النجاح فى هذا. خاب ظنى، لحُسن الحظ، إذْ بوسع المجتمع أن يخلق لليتيم عشراتِ الأمهات والآباء، إن أراد. لم أرَ وجوهًا كابية يعلوها الأسى، كما توقعت، بل وجوه كأوراق الشجر الغضّ. جمع موظفو فرع ثقافة الجيزة من رواتبهم النحيلة ليصنعوا للأطفال يومًا مشرقًا، عامرًا بالهدايا والألوان والفرح، وساهم بنكُ الطعام بوجبات مبهجة
نبيل فياض، أنزل الجمل عن السقيفة، ولكنه لم يتفرغ للطبابة والدواء، بقدر ماراح الى (هتك) الاقتصاد الوطني، عبر الترويج للمنتجات الصينية، خصوصا تلك المنافسة للخيار)، وربما (الموز)، وكل ما يشبه ما حمل آدم في رحلته من الحضرة الالهية الى حاضرات البشر.وكي لا يتوه القارئ في متاهتنا، استورد الرجل، وعبر شركة مملوكة له، ومقراتها متعددة الجنسيات، مجموعة من المنتجات الصينية، المولدة للرغبة الضائعة، ومحفزة للرغبة القائمة، وضالعة في اختراع رغبات ربما اكتشفها الأشقاء الصينيون، أقلها، بعيونهم المغمضة وفضاءاتهم المفتوحة.
وآخرها: اقتراحٌ يمثّل تحدّياً مزدوجاً على مستويي المفردات و علامات الترقيم، هو: ـ الاستضراط نعم، الاستضراط، و عذراً لهذه الكلمة، لأنني لم أجد مرادفاً لها في لغتنا العربية، برغم ممارستها على نطاقٍ واسعٍ من قبل الجميع ـ مثقفين وغير مثقفين ـ وهذا يدلّ على صحّة ما ذهبت إليه في البداية، لجهة ضرورة تحديث اللغة وإيجاد مفرداتٍ لحالاتٍ لم تلحظها مسبقاً، و هذه إحداها. :
في المجتمعات محفوفة الجوانب، محددة الأطراف، مؤطرة التفكير بقوى دينية سياسية، تتضاءل حريات الأفراد وتستباح خصوصياتهم، والحريات والخصوصيات هما وجهان لعملة واحدة، وهما ما يشكلان في النهاية تمييزاً اجتماعياً وسلوكياً للبشر عن باقي موجودات الأرض. لذا، فإن المجتمعات التي لا تحتفي بالحرية والخصوصية، تعامل أفرادها معاملة وحشية لا إنسانية، قمعية تهبط بالمستوى السيكولوجي والبيولوجي والأيديولوجي للأفراد، فتنهزم نفسياتهم وأفكارهم، وبالطبع أجسادهم، أمام قوى القمع التي تستخدم الجسد للوصول للفكر، فتراها مجتمعات تقيد الجسد وتعذبه وتحقره لتهزم العقل وأفكاره، والنفس ومشاعرها، وتحزمهما على وسطها المتخم المتضخم بالمال والسلطة السياسية والروحانية الدنيوية والأخروية.
فجأة يأتيك..دون سابق إنذار, يخلخل توازن روحك الهشة من فرط توازن الحياة الهش, ويقودك نحو معارج الشك المثقلة بهواء الريح.يأتيك بعد أن تكون يئست من قلبك المدلل بأسبرين"محمود درويش" (تكفيه حبة أسبرين لكي يلين ويستكين), ليأخذك في رحلة العدم والموت اللذيذ..
يأتيك فيما كنت تعتقد أنها شؤون حياتك الخاصة, لتكتشف بعدها أنك كنت مشغولا بكل شيء إلا أناك, بما تعنيه "الأنا" من الانتحار على بوابة "آخر" لاتستمر أناك دون أناه المعجونة بك حد الهوس..هو الحب.. المعقد بكامل بساطته والسهل بكامل تعقيده, الواضح بكل غموضه والغامض بكل
إذا كان أدب الأطفال لدينا –نحن العرب- موظفاً لغايات فنية وأخلاقية سامية تبثّ داخل رؤوس أطفالنا منذ أيام استيعابهم الأولى بغرض تنشئتهم على حب الأسرة مثلاً، كقصائد:بابا بابا يومك طابا أو: ماما ماما يا أنغاما
الشِّعرُ لا يحبُّ المَنصّات العالية، ويفرُّ وَجِلاً من القاعات الأنيقة، ويسخرُ ملءَ قلبه من ربطات العنق المُنشّاة، التي ينتعشُ فيها المَوات. الشِّعرُ يحبُّ الحياةَ ويحبُّ الناسَ. تجده في عين طفل يركضُ بفرح وراء فراشة، ثم تتحولُ الفرحةُ في عينيه حَيرةً وقد انتبه إلى غياب أمّه، ثم تتبدّلُ الحيرةُ خوفًا، ثم يتحوّرُ الخوفُ دمعةً تغلّفُ العينَ الوَجْلى، قبل أن تسقط على الوجه الصغير، ثم تعودُ الدمعةُ فرحًا غامرًا وقد لمحَ وجهَ الماما بين عشرات الوجوه البعيدة. يبحث الشِّعرُ عن ذلك الطفل، ويلازمُ تلك العينَ في تحوّلاتها، وما أن يُسلّمه لأمه، حتى يطيرَ بعيدًا لينامَ في غَيمةٍ نائية، أو جناح طائر مكسور، أو ورقة شجر صفراء مَنْسيةٍ، ألقاها الخريفُ بعيدًا عن غصن الشجرة الأم.لكلِّ ذلك رحبتُ فورًا بالمشاركة في مهرجان كوزموبوتيكا بمدينة قُرطبة الأسبانية. ليس فقط لأنني عزمتُ على السيْر في كلِّ رواقٍ سار فيه ابن رشد، الفيلسوف المشاكس، الذي ضمّه مايكل أنجلو مع مُشاكسي العالم
يريد الإسرائيليون العيش بسلام مع العرب، أو هذا ما يصرحون به، ويقنعون به أنفسهم. لكن أولئك العرب ليسوا نحن، ليسوا عرب الداخل ولا الخارج، ليسوا الفلسطينيين و لا عرب الدول العربية و لا العرب المهاجرين. تريد إسرائيل عرباً من اختراع خيالها تعيش معهم بسلام.
مئات ألوف الفلسطينيين الذين هُجّروا باتوا الآن ملايين عديدة، عليها أن تقتنع ألا تعود لوطنها، كي يعيش العرب بسلام مع إسرائيل. يجب أن يقتنعوا و يقتنع معهم جميع العرب أن والد دانييل جاري عندما كنت في سكن الطلاب في برلين تحقّ له (العودة) من سيبيريا إلى (أرض الميعاد) لأن والد زوجته يهودي، و لأي أميركي أو أوروبي أن يحجّ إلى (الأراضي
اعتدتُ منذ طفولتي أن أدخرَ كامل مصروفي لأشتري به القصص والمجلات، ومع الوقت راح مصروفي يتضاءل وقد تنبه أهلي إلى أنّ الكتبَ تشغلني عن المدرسة. آذتْ روحي هذه العقوبة، ولم تسمح لي كبريائي بالاحتجاج، بل أخذتُ بعنادٍ وصبرٍ أخبئ الليرات المعدنية المتسرّبة إلى يدي بين حين وآخر.
بالأمس ابتدأت القمة العربية ومكانها (سرت) الليبية، واليوم انتهت القمة العربية وفي ذات المكان (سرت)، وحكاية تيتي تيتي، حكاية أقدم من اللحظة، وأقسى من الهزيمة، وكل مافيها انها تكرار لمقاعد تصطف كما النعاوى الأنيقة، لمعزين لا الميت من أهاليهم، ولا المقابر في حواكير بيوتهم، ومن البداية كانت اللحظة واضحة والنتائج واضحة، وعلى لسان بعض من أهل القمة ، وقالها الشيخ القطري حمد بن جاسم معلنا نهاية العرب، في كلمة لاتخلو من اشكالات لغوية تتصل بكان وأخواتها، وأعادها (الزعيم) الليبي دون مروره ببوابة اخوات كان، ومن ثم جاء عمرو موسى ليكمل مابدأه الشقيقان وهو يعلن نهاية الجامعة العربية، وكأنه يعلن نهاية التاريخ.