ربما عليّ الآن أن أغلق هذه الصفحة. –كأنك تقول- وألّا أخبرك بموعد تسجيل حلقتي القادمة في يوم الأحد في التلفزيون. وأني سأذهب اليوم للندوة الأدبية التي لعبتها المرة الفائتة واخترتُ زيارتك..
و ألا أخبرك عن موعد الملتقى السنوي الذي حضرته العام الماضي في أول فبراير وأني مدعوّة إليه هذا العام..
ما زال معك الكثير من الحلم الذي شربتُ فوقه كوب الماء بالسكّر لحظة إفاقتي من حزنٍ يخصّك, فابتلعته ولم أقله.
هذا اللون يغريني
أن أقطف أخضر الثوب
وأحيله أحمر في شراييني
يتسارع نبض القلب تفاعلاً مع شعر الضوء. أخاف قليلاً رغم الفرح المستتر عند سماع الكلمات, فأسمعه يقول:
وهذا الأزرق المستقر
أحبه ثورة في شعري
وكتبي
ودواويني
الحب الحقيقى قائم على الراحة النفسية بين الطرفين، وتقبل كل ما يبدر من الطرف الأخر هو تسامح وغفران ،ومساندة دون اى مقابل فالحبَّ عطاء لا مقابل له , اذا تصادفت مغ شخص وجدت معه ارتياحاً نفسياً، وتشعر اْنك على طبيعتك معه ،ولا تجد أي مبرر للتّخفي بشخصية أخرى، من الممكن ان تجد الحبّ الحقيقى معه، رأي جلال الدين الرومي يصيب الحقيقة، وبحسب الظروف
تعرف حتمًا أنني تعلمّتُ كيف أهدي الكتب, وأصبحتُ الأكثر كفاية في رسوم الإهداء, ومن ثمّ الأكثر القدرة..
أهديت لك كل ما كتبني, وأخفيته عن الصباح كي لا يأتيَك به عرشًا على الحب؛ فتنطلق فيّ رمزًا في الكتاب... وتنساني بصدق.
رغم أني لستُ في تاريخك الصدق, أعرف أني محاولة, مجرّد خطوط تتشابك, روحٌ لجسد ميت تحلّل وفنى..
تبحث لي عن مضجع إنسان ولا تجد, فترجئني للورق والكتب والأحبار الجافة, ولا بأس بصوتٍ ناعمٍ في الجوال.
ككرة ثلج, تتدحرج روحي على بساط العشب الطري, تكبر وتكبر بفعل مايعلق بها من ذكريات, تمتطي صهوة قصيدة, لتقبل الغيم, وتعانق السماء, تحدث أبسط الكائنات عن شوقها العارم, تتوحد معها برحلة في الريف الرائع, تهمس بأذن التراب, أشتاقك جداً وجداً وجداً, وتمضي تعبىء الذاكرة من عبق هذه الأرض, تحدث البذور, عن سر انتاجها لحياة جديدة, وكيف تغدو النبتة كشفاً لسر ما تحت الأرض, البذور كلمات قيلت لتكشف سر حياة كانت مختبئة, ثم تنمو لينتشر عبق الوجود وعبق الخلق, تسافر الروح المتدحرجة إلى بقاع متنوعة,
فأما إخناتون العظيم، عابر الزمان والمكان، فكان أول الموحدين فى التاريخ قبل الرسالات السماوية. وحّد الآلهةَ فى إله واحد، أعطاه رمز: «قرص الشمس» آتون. هو الناسك المتصوف الذى كتب نشيدًا عملاقًا يمجّد فيه اللهَ دون أن يطلبَ منه شيئًا: «يا مَن يشرقُ بجماله فى أفق السماء/ أيها القوى الظاهر الباطن/ بعثتَ الناسَ من رقاد/ فتوجهوا لك بصلاة الشكر». وأما زوجته نفرتيتى، «الجميلة التى أتت»، فكانت تذهبُ يوميًّا إلى استديو نحّات البلاط الملكىّ «تحتمس» فى «تلّ العمارنة» عام 1340 ق م، لتقفَ أمامه كموديل، حتى صنع أعظمَ قطع الفن فى العالم، تلك التى يتباهى بها الألمان فى متحف برلين. فهل كان إخناتون خصيمَ الفن؟! أين منه العياط فاشل الفن والدين؟!
وعندما ينامُ صديقي إلى جانب الوسادة حين كنتُ أنام وأنا فوق رأسهِ أسهدُ قلقاً ...
لم ينم ( ميمو ) ..!؟
ثمة رصاصةٌ تقلقُ هذا الهدوء ..!
أيضاً ...
هي ذاتها النافذة التي توصلُ إلينا صوت الرصاص والصراخ وحكايات الجيران المستيقظين على وقعِ المشهد ..!
الأبواب هنا مخلوعة وبلا شرف هتك الدعاة بكارة الوطن لتسع مرور غواية الحيات المترعة بالخيانة والوصايا الرمادية ، بلا شرف وعلى طاولة الاحتمال جلس الداعرون ،يتطاولون وفيما بينهم تبادلوا طقوس عبادة أذهانهم المتسخة بالقيء القويم خطيئة خطيئة وطعنة طعنة ،بلا شرف دُجـجت الشقوق العتيقة بالعدم والسلاح وما بين الأضرحة والمواخير خرج المهلك متعاطيا نوبات طازجة من الوضوء الهائج ، يضرب أبكار الحي - وأيضا يتقن هذا الصنيع بلا شرف فبكت كل النوافذ والستائر والطناجر وكل غلال الحلم المتراكم ،
سكون يلفّ حكايات لم يحنُ وقتها، الثّلج أمام نافذتي يشعرني بالدفء، رائحة البرتقال تنبعث من مدفأة مرسومة على ساق شجرة سرو، يتوهّج وجه أمي داخلها مع اشتعال الحّطب في موقدها الصّامد رغم الزمن ، وإلى جانبها كلبها "بيوض" يحدّثها عن الوفاء، وأنا هاربة من واجباتي تجاهها إلى ليل يتعاطف معي.
نداءات تدعوني للرّقص على موسيقى البرد العالق في ذرات الثلج.
كلّ شيء مهيأ لممارسة طقوس الحنين، يضمني الظّلام بين ذراعيه، يبكي من البشر:
اتفقتَ مع رحلة جديدة على البحث عني يا فريد, فشرعتَ الخرائط والوقت في عطلة من عقلك, واستحضرت الرغبة, ومربعًا الكترونيا يساعدك في رسم الأشكال الصغيرة المعبّرة.. لا يكلفك طابعا ولا مسافة في الحب!
أنا لست السفر الذي تقصد يا فريد,, أنا في ذاك المربع, كوّة الروح.. أنا الطريق المؤدية إليه, والمتاجر المهمة على جانبيه, واستراحات الظلال, وتذكرة الإقلاع,,
أنا الوقود الذي يملؤك لتعبر عالم,, أنا أنت,, القائدة والمنقادة والمنهكة تحت شجرة من سرعة سيرك فيك للحياة.